الشارع الكرديّ العراقيّ يستعجل الاستقلال عن "الرجل المريض"

15 يوليو 2014
الأكراد قلقون من مفاجآت ما بعد الاستقلال (أرشيف/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

يبدي سكان إقليم كردستان العراق تأييداً لاستقلال مناطقهم عن العراق، ويبررون تأييدهم بعدم جدوى البقاء داخل دولة تعصف بها المشاكل، إلا أنهم، في الوقت ذاته، لا يخفون القلق من المستقبل والمفاجآت التي قد يحملها لهم ذلك الاستقلال.

ويرى المواطن الكردي، خالد جميل، الذي يعمل بائعاً للصحف والمطبوعات، وسط مدينة أربيل، أن العلاقة بين الأكراد والدولة العراقية "لم تعد مجدية، وخصوصاً للأكراد"، بالتالي فهو يعتقد بضرورة حسم الأمور وإنهاء تلك العلاقة.

ويقول خالد لـ"العربي الجديد"، إن "الأكراد أصبح عملهم في الفترات الأخيرة ينصب في محاولة تهدئة الأوضاع في العراق والتقريب بين السنة والشيعة وهذا ليس ما نريده".

ويعتبر الأكراد في إقليم كردستان العراق، الذي تناهز مساحته نحو 40 ألف كيلومتر مربعاً، ويقطنه حوالى خمسة ملايين نسمة، أنفسهم في وضع أفضل من وسط وجنوب العراق من جهة الأمن والاستقرار والتطور العمراني والخدمات الجيدة، مثل الكهرباء ومياه الشرب والطرق والأسواق.

وبات التوجه نحو الاستقلال والانفصال عن العراق، حديث الشارع في كردستان في الفترة الأخيرة. ويقود هذا الشعار رئيس الإقليم، مسعود البرزاني، بينما يبقى القيادي الكردي الآخر، الرئيس جلال الطالباني، أكثر تحفظاً على هذا الخيار. لكن مع الدفع بهذا الاتجاه، وتبني تأسيس الدولة الكردية كهدف استراتيجي، لا يريد البرزاني أن يظهر كأن الأكراد هم سبب انتكاسات العراق وتفتته.

وانطلاقاً من ذلك، قال البرزاني في خطابه أمام الاجتماع الاستثنائي لبرلمان كردستان يوم 3 يوليو/تموز الماضي، "سنمضي في تنظيم استفتاء لتقرير مصير كردستان، لكننا وحتى تحقيق ذلك، سنعمل بقوة مع أخوتنا الشيعة والسنة على معالجة الأزمة التي يمر بها العراق".

ويقول العضو في حزب البرزاني، "الديمقراطي الكردستاني"، شوان محمد، إنه "بدلاً من تقدير ما يقوم به الأكراد في معالجة مشاكل العراق وتقديم النصح والمشورة للسياسيين العراقيين، يحاولون في بغداد تحميل مسؤولية انهيار الجيش والأزمات القائمة في البلاد للأكراد".

ويختصر أحد السياسيين الأكراد سبب إصرار السياسيين في اقليم كردستان على الاستقلال عن العراق، بالقول "نريد الانفصال لأن العراق فشل وانتهى".

من جهته، يرى المحلل السياسي الكردي، يحيى برزنجي، أن "بقاء الأكراد ضمن العراق، سيضر بهم أكثر مما ينفعهم في الفترة المقبلة، لأن العراق بات مثل المريض المصاب بأمراض مستعصية معدية، يعمل اقليم كردستان ومنذ عشر سنوات وبكل إمكانياته على التحوط من عدم انتقال تلك الأمراض إلى إقليم كردستان".

وعلى الرغم من تأييد أغلبية الشارع الكردي لعملية الاستقلال عن العراق، إلا أن المخاوف والقلق من المستقبل تبدو واضحة لدى الأكراد.

ويقول المواطن حميد حسن: "لسنا مطمئنين تماماً حول المستقبل، ربما هناك نحو 15 في المئة من الناس مطمئنة إزاء المستقبل، نخشى من تحول اقليم كردستان إلى ساحة للصراع المسلح مع (داعش) وغيرها، هناك الكثير من المتربصين بالأكراد ولا يريدون الخير لهم".

من جانبه، يشير نزار طلعت، وهو مواطن تركماني، يملك محلاً لبيع الموالح في سوق القيصرية بالقرب من قلعة أربيل، إلى "القلق وعدم الارتياح بسبب تراجع عملنا، فالحركة في السوق قلت بعدما سيطر داعش على الموصل والمناطق التي تربط اقليم كردستان ببغداد وجنوب العراق، وهذا منع تدفق السياح العراقيين على أربيل".

ومنذ مطلع العام الحالي، يعاني اقليم كردستان من عجز مالي كبير، ولم تعد الحكومة في الاقليم تحصل على المخصصات المالية من المركز والمقدرة بنسبة 17 في المئة من ميزانية الدولة، بعدما قرر المالكي إيقاف صرفها لأن الاقليم لا يلتزم بحصته من صادرات النفط والمقدرة بـ 400 ألف برميل يومياً، كذلك بسبب خلافات ومشاكل عديدة، آخرها لجوء الاقليم إلى تصدير النفط الذي ينتجه إلى الأسواق بشكل منفرد وبمعزل عن الحكومة العراقية.

من ناحيته، يقول مواطن في أربيل، عرّف عن نفسه باسم عمر، "أدعم استقلال كردستان والابتعاد عن العراق الذي يشبه الرجل المريض الذي بات مصدراً للمشاكل، لكن أعتقد أن الكثير من السياسيين الأكراد ليسوا بمستوى الاستقلال".

المساهمون