تعتزم ألمانيا القيام بحملة لما تسميه "شرح واقع وحقيقة اللجوء بعيدا عن الشائعات والأوهام"، في محاولة لمواجهة موجة الشائعات التي ترسم صورة وردية عن اللاجئين في البلاد، ربما تطلقها أولا في مواقع التواصل الاجتماعي، حسبما يستشف مما نشرته "ديرشبيغل" (يوم 11 سبتمبر/أيلول).
وعلم "العربي الجديد" عن اعتزام سياسيين ودبلوماسيين مواجهة كثير من الشائعات من قبيل "أن بواخر وسفن ألمانية ستتوجه قريبا لإحضار اللاجئين في الشرق الأوسط، وبأنه بشكل آلي سوف يحصل الإنسان على لجوء وعمل بمجرد وصوله إلى ألمانيا، وأنها سوف تستقبل فوق المليون هذا العام من المنطقة تحديدا".
وبالفعل تنتشر في مواقع التواصل بسرعة البرق شائعات تجعل بعضهم يظن أنه "وصل متأخرا وكان يجب أن يغادر إلى ألمانيا منذ فترة"، والواقع غير ذلك تماما في ألمانيا هذه الأيام.
وبحسب معلومات خاصة بـ"العربي الجديد" ستنطلق بعثات دبلوماسية في "تركيا ولبنان والأردن وحتى في مناطق الشمال السوري ومناطق تجمع اللاجئين في اليونان ومقدونيا والمجر، لتوضيح أن الأمر الذي يشاع عن أنه لا يمكن رفض أي مهاجر أو طالب لجوء يصل إلى ألمانيا، هو مجرد وهم" بحسب ما تذهب إليه مصادر ألمانية اليوم الإثنين.
ما يأمله القائمون على تلك "الحملة التوضيحية" هو "ألا يهاجر الناس إلى ألمانيا وهم محملون بتصورات زائفة، ومن ثم يصابون بإحباط وخيبة أمل".
فهناك فرق كبير بين "توقعات ألمانيا بأن تزداد الأعداد لتصل إلى مليون، وبين رغبتها الحقيقية في استقبال كل تلك الأعداد"، بحسب ما يقول لـ"العربي الجديد" الناشط الألماني في الحركة اليسارية بميونخ، يورغن شناير.
ويبدو أن السلطات الألمانية باتت بالفعل مقتنعة بما جاء في شبيغل لتطبيقه، بعد أن بدأت تواجه مشكلة حقيقية مع من تسميهم "لاجئون يحضرون وهم يتصورون بأنه لهم الحق في كثير من الأمور المتخيلة، بل وطلب الإقامة في مناطق معينة" بحسب ما يذكره عضو بارز في الحزب الاجتماعي الديمقراطي في بافاريا.
وتستند ديرشبيغل على ما تسميه طوابير في "بعض السفارات الألمانية، ومنها في بيروت، وليسوا فقط من السوريين الذين يظنون أنه يمكن طلب اللجوء في ألمانيا عبر السفارات والممثليات، ويحدث الأمر نفسه حتى في كابول"، ملمحة إلى أن "صحفا موالية للنظام السوري تقوم ببث إشاعات كثيرة، ليس فقط عن ألمانيا بل عن السويد والنرويج، في عملية تضليل كبيرة".
اقرأ أيضا: ألمانيا تشدد الإجراءات على حدودها مع النمسا
وفي ميونخ، يقول الناشط العربي ثائر منصور لـ"العربي الجديد":"ألمانيا حذرة جدا في تعاملها مع قضية اللاجئين، فمن الناحية التاريخية تعيش إرثا صعبا على مستويات ثقافية واجتماعية وسياسية بسبب الحقبة النازية، لكن من الناحية الثانية، يخشى أن تبقى الأمور تحت السطح بدون نقاش، فيبرز خلاف عميق بين مختلف الأحزاب على كيفية معالجة تلك التصورات الخاطئة من قبل بعضهم، الذين ينقلهونها لآخرين حتى قبل أن تطأ قدمهم ألمانيا".
واستقبلت ميونخ خلال 10 أيام من هذا الشهر، بحسب أرقام رسمية صادرة عن سلطاتها البلدية، أكثر من 63 ألف طالب لجوء.
اقرأ أيضا: ألمانيا تتوقع استقبال مليون لاجئ خلال 2015
تلميحات وزير داخلية
ونقلت ديرشبيغل صباح الإثنين، تصريحات وزير داخلية ألمانيا توماس دي ميزير الذي قال: "اللاجئون الذين يحصلون على حماية أوروبية عليهم القبول بتوزيعهم بين دول الاتحاد"، وهو بذلك يشير إلى انتقادات وجهت إلى ألمانيا من جاراتها في الشمال، خصوصا النرويج والدنمارك، إذ سمحت السلطات الألمانية لعدة آلاف بالانتقال من دون تسجيل نحو دول أخرى.
وأضاف وزير الداخلية في لقائه مع "شبيغل" أنه: "لا يمكننا السماح للاجئ بأن يختار أين يريد الإقامة، ولا يوجد مكان في العالم يقبل بذلك"، مؤكدا "لا يمكن أن يكون واجب ألمانيا بدفع معونة اقتصادية لشخص أرسل إلى بلد أوروبي آخر في الاتحاد الأوروبي".
وقال المفوض الألماني في الاتحاد الأوروبي غونتر أوتينغر، في تصريحات الإثنين: "ربما على ألمانيا الآن تخفيض المساعدات المقدمة كمعونة لطالبي اللجوء، بما يتماشى مع ما يقدم في بلدان الاتحاد الأخرى".
وكانت قد سرت خلال الأسبوع الماضي أخبار مفادها بأن ألمانيا تتجه مع تزايد أعداد طالبي اللجوء إلى وقف صرف المعونات المادية، والاستعاضة عنها بما يشبه "كوبونات طعام".
نحو الشمال
ولتفادي تكدس اللاجئين في ميونخ، تتوجه السلطات الألمانية بالتعاون مع "سكك الحديد الألمانية"، نحو تخصيص مئات مقاعد القطارات للاجئين لنقلهم إلى نوردهاين في شمال ألمانيا، حيث سيتم إيواؤهم بعد وصولهم، لدراسة طلبات لجوئهم.
اقرأ أيضا: النمسا تعلّق حركة القطارات مع ألمانيا بسبب تدفّق اللاجئين