السيسي يوجه خطابا برلمانيا فقيرا ويتجاهل أزمتي الأطباء وإيطاليا

13 فبراير 2016
السيسي التزم بالنص المكتوب حرفياً (Getty)
+ الخط -

تجاهل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، المشاكل والأزمات التي تحيط بنظامه خلال خطابه الأول أمام مجلس النواب المنعقد حديثاً، وعلى رأسها انتفاضة الأطباء احتجاجاً على ممارسات الشرطة، وعلاقته بإيطاليا التي أعلن رئيس وزرائها، ماتيو رينزي، أنها باتت على المحك.

وبدلاً من التعقيب على أزمة الأطباء، التي بلغت حد اتخاذ قرار بالامتناع عن ممارسة الخدمات الطبية مدفوعة الأجر ابتداءً من الأسبوع المقبل، انصرف السيسي، في خطابه اليوم السبت، إلى الحديث عن إنجازاته الموعودة ومشروعاته المرتقبة لاستصلاح مليون ونصف المليون فدان وتوفير مليون فرصة عمل للشباب.

وعمد أيضاً إلى توجيه تحيات حارة لأركان نظام حكمه بما في ذلك الشرطة قائلاً: "أرى الأمل فى جسارة قواتكم المسلحة وأبنائها الأبطال، وأراه في عيون شرطتكم الساهرة على أمن واستقرار الوطن وحماية أبنائه، وفي قضائنا الشامخ، وأراه في خطاب علماء الدين الأجلاء وأزهرنا الشريف وكنيستنا الأصيلة".

وخصص السيسي جزءاً بارزاً من خطابه، الذي اتسم بـ"الفقير"، ولم يحمل أي جديد، للحديث عن نفسه وعن دوره في الإطاحة بحكم جماعة "الإخوان المسلمين"، قائلاً بفخر "لقد انتميت إلى المؤسسة العسكرية المصرية مقاتلاً، وتعلمت فيها المعاني الوطنية، ومارست ذلك على مدار أكثر من ثلاثين عاماً، كان طموحي أن أرى وطني يحتل مكانتهُ اللائقة بين الأمم، لم أتقاعس يوماً عن أداء مهمةٍ أو تكليف".

وأضاف "من هذا المنطلق أجبت نداء بني وطني وتحملت التكليف الذي كلفوني به لأتولى معهم وبهم مسؤولية وطن في مهمة إنقـاذ وبناء، ومنذ اللحظة الأولى كنت على دراية وعلى معرفة بحقائق الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد في مختلف المجالات سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً، كنت مدركاً لدقائق الظروف الصعبة التي تحيط بمنطقتنا المضطربة وبأبعاد ما يُحاك لوطننا"، في إشارة جديدة للمؤامرات والدسائس التي يروج نظام السيسي للحديث عنها داخل البلاد.

واللافت تجاهل خطاب السيسي أزمة إيطاليا، رغم أنه جاء بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء اﻹيطالي أن "علاقة بلاده بمصر باتت على المحك"، نظراً لحصول المحققين اﻹيطاليين المتواجدين في القاهرة على معلومات تؤكد ضلوع الشرطة المصرية في جريمة اختطاف وقتل الطالب اﻹيطالي جوليو ريجيني.

السيسي تحدث عن "نجاح الدولة المصرية بفضل دبلوماسيتها العريقة وبجهودها الحثيثة واتصالاتها السياسية المكثفة، من أن تعيد الانفتاح على العالم كله شرقاً وغرباً، بانتهاج بناء علاقات دولية رشيدة قائمة على التفاهم والمصارحة والاحترام المتبادل".

وكانت السلطات المصرية قد سمحت للشرطة الإيطالية بإرسال محققين لمساعدة قوات البحث الجنائي في معرفة ملابسات اختفاء ومقتل ريجيني، غير أن المحققين الإيطاليين عملوا بصورة مستقلة، وحصلوا على معلومات من شهود عيان تؤكد اختطاف قوات الأمن لشاب أوروبي في محيط منزل ريجيني، وذلك في ذات يوم اختفائه، بالإضافة إلى العثور على دلائل أخرى تؤكد تورط الشرطة المصرية في الحادث.

إلى ذلك، تضمن خطاب السيسي اﻷول في البرلمان، عدداً من الظواهر، التي أعادت للأذهان خطابات الرئيس المخلوع، حسني مبارك في بدايات الدورات البرلمانية.

الظاهرة اﻷولى، في خطاب السيسي، هي المقاطعات المتعددة من النواب للخطاب مدحاً به، وإشادة بسياساته أو بالدعاء له وتوجيه الشكر.

أمّا الظاهرة الثانية، فهي الإشادة الواسعة التي تلقاها السيسي من رئيس مجلس النواب علي عبد العال، وكأنه ينتمي لحزبه السياسي، وﻻ عجب في ذلك حيث ينتمي رئيس المجلس إلى تحالف "دعم مصر"، الذي من المقرر أن يتحول قريباً إلى حزب سياسي يشكل الظهير الشعبي للسيسي.

ووجه عبدالعال، الذي يعمل أستاذاً للقانون الدستوري بجامعة عين شمس، للسيسي عبارات على مثال "وقفت تسد عنا مطالع الفتن، وزرعت اﻷمل والرخاء، وأنقذت مصرنا من الفتنة، ووقفت تحمل رأسك على كفيك، وأنجزت ما وعدت، وحميت وحدتنا الوطنية".

وأخيراً، الظاهرة الثالثة، وهي التزام السيسي بالخطاب المكتوب حرفياً دون الخروج عنه أو الاستفاضة بالحديث العامي، وهي المرة الثانية التي يلتزم فيها بالخطاب المكتوب منذ توليه الحكم، وهو الأسلوب ذاته الذي انتهجه مبارك في معظم الخطابات.

وكان السيسي قد وصل صباحاً إلى البرلمان، وسط تشديدات أمنية، إذ أغلقت شوارع رئيسة عدّة في وسط القاهرة أمام حركة المارة والسيارات، وتواجدت قوات الأمن بشكل مكثف، لتأمين الموكب الرئاسي، الذي جاء عبر كوبري قصر النيل، عكس الاتجاه المروري.