السيسي يواصل تشريعه: "قوانين رئاسية" لإضعاف البرلمان عشية ولادته

03 يناير 2016
يصدر السيسي قوانين تفتقر لحالة الضرورة (أحمد هنداوي/الأناضول)
+ الخط -
بعد أقل من 6 ساعات على دعوته مجلس النواب للانعقاد في 10 يناير/ كانون الثاني الحالي، واصل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ازدراءه للمؤسسة التشريعية والتدخل في مهامها من دون وجه حق، بإصدار 5 قوانين جديدة، تفتقر طبيعتها للأهمية العاجلة أو حالة الضرورة. وبذلك، يصل عدد القوانين التي أصدرها السيسي بعد انتهاء الانتخابات التشريعية، إلى 12 قانوناً، آخذاً في الاعتبار أنّ انعقاد البرلمان ظلّ معطّلاً لمدة 5 أسابيع تقريباً بسبب تعثُّر اختيارات قائمة النواب المُعيَّنين التي أصدر بها السيسي قراراً، أخيراً.

وخلال هذه الفترة، استمر الرئيس المصري في ممارسة هوايته التشريعية، بإصدار قوانين وظيفية مهمة، مثل تطبيق حوافز المهن الطبية على الأطباء والعاملين في المستشفيات الجامعية، وقوانين تأمينية ومعاشية، مثل تعديل ضوابط منح الراتب لأفراد القوات المسلحة وأسرهم ووارثيهم.

وصدر القانون الأخطر، منذ يومَين، إذ سمح السيسي، للمرّة الأولى، للجهات العامة ممَثّلة في الوزارات، والهيئات الحكومية، والشركات العامة التي تدير المرافق بإنشاء شركات مساهِمة أو الدخول في شركات مساهِمة قائمة، ما يعني أنّ الدولة تدخل مجال الاستثمار منافِسة بذلك القطاع الخاص، في إطار عملية التحديث الاقتصادي الواسعة التي أجراها السيسي تشريعياً في غياب البرلمان.

في هذا الصدد، توضح مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، أنّ القانون الجديد الذي صدر قبل انعقاد البرلمان بعشرة أيام فقط، من شأنه السماح للجيش، والشرطة، وقطاع الزراعة الحكومي، وجميع شركات القطاع العام، والشركات القابضة بإنشاء شركات مساهمة، والاستفادة من مميزات قانون ضمانات وحوافز الاستثمار.

وتضيف هذه المصادر، أن بعض القانونيين المقرّبين من دائرة القرار، حذّروا من وجود شبهة بعدم دستورية هذا القانون، نظراً لأنّ الدستور منح ميزات بعينها لأشخاص القانون العام والشركات العامة، مثل جهات حكومية مديرة للمال العام. وبالتالي، أخرجها من حدود المال الخاص الذي يمكن التصرف فيه على مستوى الشركات المساهِمة. كما أنّ القانون الجديد يوسّع هذه الميزات، ويعرّض المال العام للمخاطر ذاتها التي يتعرّض لها المال الخاص في الشركات المساهِمة وشركات التوصية بالأسهم.

ويؤكد مصدر في وزارة العدل لـ"العربي الجديد"، أنّ "تأجيل انعقاد البرلمان، كان يهدف لإنهاء إجراءات إصدار عدد من هذه القوانين التي أقرّها السيسي في الآونة الأخيرة، ومنها؛ قانون إنشاء الجهات العامة لشركات مساهِمة، فضلاً عن 4 تعديلات في قوانين صدرت خلال العامَين الماضيَين، إذ تظنّ الحكومة أنّ تعديلها سيكون صعباً بعد انعقاد البرلمان".

اقرأ أيضاً السيسي مشرّعاً حتى الرمق الأخير: تهميش البرلمان خلال ولادته

ويوضح مصدر وزارة العدل، أنّ هذه التعديلات أُدخلت على قانون رواتب القوات المسلحة، ومجلس الدفاع الوطني، ومجلس الأمن القومي، وتنظيم شركات حراسة المنشآت ونقل الأموال، مشيراً إلى أنّها تمسّ أنظمة مالية تشكّ الدولة في إمكانية تمريرها بسهولة في مجلس النواب الجديد.

ووفقاً لهذه التعديلات، خصّص السيسي موازنة خاصة لكل من مجلسَي الأمن والدفاع من ميزانية رئاسة الجمهورية. كما منح وزير الدفاع صلاحية اختيار أعضاء الأمانة العامة لمجلس الدفاع، ما يشير إلى مزيد من الاندماج بين رئاسة الجمهورية والقوات المسلحة والاعتمادية المتبادلة. وينتقد المصدر ذاته، إجراء تعديلات في قوانين صادرة منذ أشهر معدودة، معتبراً أنه "دليل على عدم تركيز الجهات التي تطلب صياغة هذه القوانين على أهداف معينة، وافتقارها لرؤية واضحة تجاه تبعات إصدارها".

ويعكس إصرار السيسي على ممارسة سلطة التشريع حتى الآن، عدم قلقه من مسألة مراجعة القوانين في مجلس النواب خلال 15 يوماً من انعقاده، بحسب المادة 156 من الدستور.
وتنقسم الآراء داخل مجلس النواب حول تداعيات هذه المادة ومدى إلزاميتها وقابليتها للتنفيذ بالنسبة للقوانين الصادرة من السيسي وسلفه عدلي منصور خلال عامَي 2014 و2015. ويرى ائتلاف الأكثرية النيابية المسمّى "في حب مصر"، أن هذه المادة ﻻ تنطبق على الظروف الحالية، وأن البرلمان ليس مطلوباً منه أن يراجع قوانين السيسي ومنصور.

كما يرى أبرز المرشحين لرئاسة مجلس النواب من المنتخَبين، الدكتور علي عبدالعال، أن المادة 156 ﻻ تنطبق على الوضع الحالي، على الرغم من معارضة عدد كبير من الأكاديميين والقانونيين لهذه الرؤية. بينما يمتنع أبرز المرشحين لرئاسة المجلس من المعيّنين، القاضي السابق سري صيام، عن إبداء رأيه في هذه المسألة الحاسمة.

ويثير مؤيدو مراجعة القوانين، مخاوف من إصدار أحكام بعدم دستورية جميع القوانين الصادرة خلال الفترة الماضية في حال عدم مراجعتها، إذ تنص المادة 156 المختَلف حولها، على إسقاط القوانين التي ﻻ تُراجع أو التي يعترض المجلس النيابي عليها.

وترى مصادر سياسية، أن رؤية عبدالعال لهذه المادة من أبرز عوامل دفعه لرئاسة البرلمان. فهذا الأخير، أستاذ للقانون الدستوري في جامعة عين شمس، وتُعلّق عليه الأكثرية النيابية، ومن خلفها دوائر السلطة الأمنية، والرقابية، والاستخباراتية، أمل الخروج من هذا المأزق بحلّ نهائي، يضمن عدم مراجعة القوانين واستمرار سريانها، وفي الوقت ذاته، عدم صدور أحكام بعدم دستوريتها.

اقرأ أيضاً 6 شهور على حكم السيسي: قانون كل 5 أيام

المساهمون