السيسي يعيد تشكيل ظهيره السياسي: جمعية ثم مظلة حزبية

26 فبراير 2018
ينوي السيسي السيطرة المطلقة على البرلمان (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
بات النظام في مصر مستعداً لمرحلة ما بعد انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيساً لولاية ثانية حتى عام 2022، عبر تنفيذه بعض الإجراءات السياسية الهادفة لتكريس تحكم السيسي ودائرته الخاصة برئاسة اللواء عباس كامل في المشهد السياسي بصورة شمولية، وإغلاق المجال العام في وجه أي حزب أو تيار معارض، وحتى الأحزاب المؤيدة للنظام الراغبة في الحفاظ على مسافة بينها وبين دائرة السيسي، لتتمكن من بناء شخصية سياسية خاصة بها. في هذا السياق، كشفت مصادر سياسية لـ"العربي الجديد"، أن "ائتلاف الأغلبية النيابية (دعم مصر)، الذي يضمّ نحو 320 نائباً، من بينهم 100 ممثل تقريباً لسبعة أحزاب تديرها مباشرة دائرة السيسي، بدأ اتخاذ خطوات تنفيذية لتأسيس جمعية سياسية سيتم إشهارها قريباً، كخطوة أولى لإنشاء حزب كبير تنضوي تحته الأحزاب السبعة الممثلة في البرلمان وبعض الأحزاب الصغيرة الأخرى، على أن يصبح هذا الحزب ظهيراً سياسياً للسيسي في الشارع".

وأوضحت المصادر أن "فكرة إنشاء الحزب الجامع للأحزاب الممثلة في البرلمان، لم يكن السيسي متحمساً لها في البداية، لكن الأحداث الأخيرة التي سبقت وتلت فترة فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية، أقنعته بضرورة وجود قوة قادرة على التواصل بالشارع وليست متحكمة فقط في البرلمان أو الحكومة، كما أقنعته بضرورة بلورة الجهود الفردية للأحزاب المؤيدة له تحت قيادة مركزية واحدة".

وأضافت المصادر أن "بعض قيادات الأحزاب الصغيرة ألحت خلال فترة الدعاية للسيسي وجمع التوكيلات الشعبية له على ضرورة وجود إدارة مركزية لتنسيق جهودها في الشارع، خصوصاً أن التجربة أثبتت ضعف هذه الأحزاب ميدانياً في مواجهة رجال أعمال وقيادات سابقة بالحزب الوطني المنحل ما زالوا أقدر على الاتصال والتحكم بالجماهير، تحديداً في المناطق الفقيرة والشعبية والمحافظات الريفية".

وأرجعت قيادات تلك الأحزاب الصغيرة ذلك إلى حداثة عهدها بالعمل السياسي، فمعظمها نشأ بعد 2011، ومعظم قياداتها بدأت العمل السياسي بعد عزل الرئيس محمد مرسي من الحكم في 2013، كما أن عدداً كبيراً من أعضاء الهيئات التأسيسية لتلك الأحزاب كانوا ضباطاً عاملين بالجيش أو الاستخبارات العامة أو الشرطة، ما يعني انعدام خلفيتهم السياسية وضعف إلمامهم بقواعد التواصل الجماهيري.



بالإضافة إلى ذلك، فقد فشلت الأحزاب التي راهنت عليها دائرة السيسي للانتشار في الشارع، في مهمتها الموكلة إليها رغم الدعم الأمني والاستخباراتي والمالي، وعلى رأسها حزب "مستقبل وطن" الذي أنشأ النظام له 132 مقراً على مستوى الجمهورية لكنه ظل بعيداً عن الشارع بسبب ضعف شعبية الشخصيات القيادية فيه. والأحزاب المرشحة حتى الآن للانضمام للجمعية الجديدة ثم للحزب الكبير المقرر تشكيله هي: الأحزاب السبعة المكونة لائتلاف دعم مصر البرلماني، ومستقبل وطن، فضلاً عن حماة الوطن، والمؤتمر، ومصر بلدي، والشعب الجمهوري، والحرية، ومصر الحديثة، والمحافظين بقيادة رجل الأعمال أكمل قرطام، وفرسان مصر بإدارة عدد من العسكريين القدامى، و30 يونيو، وحقوق الإنسان والمواطنة، ونهضة مصر. وجميعها أحزاب مؤيدة للسيسي وفاشلة في التواجد الشعبي، كما سيتم ضم جميع النواب المستقلين بالائتلاف للحزب.

أما الحزب الذي سعت دائرة السيسي لضمه للاستفادة من خبرات أعضائه فهو "المصريين الأحرار"، الذي أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس بعد ثورة 2011 ثم أقصاه النائب عصام خليل بدعم بعض الأجهزة العام الماضي. فأصبح خليل رئيساً للحزب، لكنه كان قد سبق ورفض الانضمام لائتلاف دعم مصر لخلافات في الإدارة، مع تأكيد استمرار دعمه للسيسي، إلى حد تنظيم الحزب مؤتمرات جماهيرية أخيراً لتعريف المواطنين بما يصفه "إنجازات الفترة الرئاسية الأولى".

وذكرت المصادر أن "قيادات الائتلاف البرلماني، الذين سيتولون المناصب القيادية بالجمعية الجديدة، وأبرزهم رجل الأعمال محمد زكي السويدي، بدأوا منذ شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي بشراء وتأثيث مقار للجمعية بالمحافظات، تحت غطاء مؤقت بأنها مقار للائتلاف وليس للأحزاب المكونة له. كما بدأت تلك القيادات في التفاوض مع شخصيات عامة ورجال أعمال بمختلف المحافظات للتحضير لانتخابات مجلس النواب المقبلة التي ستجرى عام 2020".

وتكاملت هذه المعلومات مع ما سبق أن نُشر في "العربي الجديد" من وجود توجه لدى دائرة السيسي والحكومة لتعديل قانون الانتخابات البرلمانية لزيادة عدد مقاعد القوائم المغلقة المطلقة التي ستضمن استمرار سيطرة ائتلاف "دعم مصر" على مجلس النواب، وتخفيض عدد المقاعد الفردية التي سمحت بدخول معظم نواب ائتلاف "25-30" المعارض لتوجهات الحكومة، وكذلك باقي النواب المستقلين الذين يدعم معظمهم السيسي.

ومما يشير لقرب الإعلان عن تشكيل هذه الجمعية رسمياً في صورة جمعية أو حزب كبير، هو سعي دائرة السيسي لاختبار شعبيتها في الانتخابات المحلية التي من المقرر إجراؤها قبل انتخابات مجلس النواب، والتي لم يتم الاتفاق على طريقة إجرائها حتى الآن، بسبب الاختلاف داخل مجلس النواب مطلع العام الماضي حول إجرائها بنظام القائمة المغلقة المطلقة بنسبة 100 في المائة أم إتاحة 25 في المائة من المقاعد للنظام الفردي ليتنافس عليها المستقلون.