استبقت السلطات المصرية صدور قرار متوقع من محكمة النقض بإلغاء قرار إدراج 1500 شخص على "قائمة الإرهابيين"، بتهمة تمويل جماعة الإخوان، من بينهم لاعب كرة القدم السابق، محمد أبو تريكة، بتمرير سريع للتشريع الجديد لقوننة أوضاع لجنة التحفظ على أموال جماعة الإخوان الحالية، وحمايتها من خطر صدور أحكام ببطلانها، فضلاً عن منحها، للمرة الأولى، سلطة التصرف في الأموال، ومصادرتها بالمخالفة لنصوص الدستور المصري.
ويستهدف نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، من خلال القانون الجديد، استثمار الممتلكات الخاصة بالمحسوبين على جماعة الإخوان، كالمدارس والمستشفيات والمحال التجارية والعقارات والأراضي الزراعية والصحراوية، والشركات الاستثمارية والمواقع الإلكترونية، من خلال السماح بتأجيرها أو بيعها لحساب الخزانة العامة للدولة، بعدما اكتشفت الحكومة أنها لا تحقق الأرباح المرجوة من التحفظ على أموال بهذا الحجم.
وأصدرت محكمة القضاء الإداري في مصر عدة أحكام قضائية ببطلان قرارات لجنة التحفظ على أموال الإخوان القائمة، إلى أن جاء قانون الكيانات الإرهابية ليوفر للحكومة سنداً تشريعياً لتصرفاتها المحكوم سابقاً ببطلانها، من خلال استصدار النيابة العامة قرارات بإدراج أسماء جميع المتحفظ على أموالهم على "قائمة الإرهابيين"، والتي يترتب، بمجرد الإدراج عليها، تجميد أموال المتهم وإسناد إدارتها للجنة مختصة.
وحاولت حكومة السيسي، منذ العام 2016، رفع مستوى التنكيل بالأفراد المتحفظ على أموالهم، تجنباً لقدرتهم على النفاذ لحقوقهم من خلال إجراءات التقاضي العادية، من الطعن على قرارات الإدراج والتحفظ أمام محكمة النقض، كما يحدث حالياً في قضية تمويل جماعة "الإخوان"، المعروفة إعلامياً بقضية "أبو تريكة".
واقترحت وزارة العدل آنذاك مشروعاً لإنشاء لجنة جديدة للتحفظ والإدارة والتصرف بأموال الجماعات والكيانات الإرهابية – نشر تفاصيله آنذاك "العربي الجديد" - كان يهدف في الأساس لحماية تصرفات اللجنة وتمكينها من مصادرة الأموال نهائياً. لكن الوزارة اضطرت إلى مراجعة المشروع بعد تلقيها تحذيرات باحتمال تصادمه مع الدستور، بسبب منحه سلطة التحفظ وإصدار القرارات للجنة نفسها، باعتبارها "ذات طبيعة قضائية"، وكذلك بسبب منحه سلطة نظر قرارات إدارية لمحكمة الأمور المستعجلة غير المختصة بذلك بنص المادة 190 من الدستور، الذي أسند ذلك النوع من المنازعات فقط للقضاء الإداري.
وتعد المادة 11 أخطر مواد القانون الجديد، كونها تمنح اللجنة سلطة "التصرف بالأموال محل التحفظ على النحو المبين في القانون المدني وقانون المرافعات المدنية والتجارية، وذلك بنقل ملكيته إلى جانب الخزانة العامة للدولة، بناء على طلب اللجنة من المحكمة المختصة"، وهو ما يعني أن اللجنة يمكنها في أي وقت، بعد صدور حكم نهائي بالتحفظ، أن تطلب من محكمة الأمور المستعجلة أيضاً أن تأمر بالتصرف في الأموال، فتستجيب المحكمة بالطبع، وتسرع اللجنة لنقل تبعية المال إلى الخزانة العامة للدولة، أي مصادرته لصالح الدولة، أو استغلاله بأية صورة لمصلحة الدولة أيضاً.
يذكر أن الحكومة المصرية تلقت، العام الماضي، من مستثمرين محليين مقربين من النظام، وكذلك من مستثمرين خليجيين، وتحديداً سعوديين وإماراتيين، عروضاً لإدارة الكيانات الاقتصادية المتحفظ عليها من الباطن، أي بقرار داخلي من لجنة التحفظ، الأمر الذي رحبت به الحكومة، وفقاً لمصادر مطلعة، نظراً لعدم إجادة الدولة التصرف في بعض أنواع الكيانات محل التحفظ، وعلى رأسها دور الرعاية الصحية وسلسلة المحال التجارية، لا سيما أن هذه الكيانات الاقتصادية تحولت من وضعية الربح في عهد إدارة ملاكها الأصليين إلى وضعية خاسرة في عهد الإدارة الحكومية.
وخلال العام الماضي، ضمت الحكومة إلى قائمة التحفظ متاجر "راديو شاك"، و"كمبيوتر شوب"، و"موبايل شوب"، و"كومبيو مي"، و"سمارت هوم" واسعة الانتشار، وسلسلة مكتبات "ألف"، وصحيفتي "البورصة" و"إيجيبت ديلي نيوز"، لتصبح بجانب كيانات شهيرة أخرى كسلسلة متاجر "سعودي وزاد"، ومئات المدارس الإسلامية الخاصة والدولية، ونحو 700 مستشفى ومستوصف بمختلف المحافظات، بالإضافة إلى جميع ممتلكات رجل الأعمال الشهير صفوان ثابت، عدا شركته "جهينة" التي تملك ما يزيد على نصف استثمارات الألبان في مصر، والتي لم يتم التحفظ عليها لوجود شركاء سعوديين بها.