كرر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إعلانه الصريح عدم التخلي أو التراجع عن دعم مليشيا شرق ليبيا المسماة بـ"الجيش الوطني الليبي"، بقيادة خليفة حفتر، وذلك خلال لقاء بالإعلاميين المشاركين في منتدى شباب العالم بشرم الشيخ مساء يوم الإثنين.
وقال السيسي إن "موقف مصر الداعم للجيش الوطني الليبي ثابت ولا يمكن التراجع عنه"، زاعماً أن البديل لذلك هو "إقامة دولة للتنظيمات المتطرفة والجماعات الإرهابية".
وهذا هو الحديث الأول للسيسي عن الشأن الليبي منذ عدة أشهر، مع تصعيد حفتر هجومه على العاصمة طرابلس، وتصاعد المناوشات السياسية والاستراتيجية بين مصر وتركيا الداعمة الأولى لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً، خاصة بعد توقيع مذكرة تفاهم بين طرابلس وأنقرة في مجالي التعاون الأمني وترسيم الحدود البحرية.
وفي إشارة واضحة إلى تركيا دون تسميتها، أكد السيسي أن "مصر لن تسمح لأي طرف بالسيطرة على ليبيا أو السودان، لأنهما يمثلان العمق الاستراتيجي للأمن القومي المصري".
وفي العلن والمحافل الدولية، كان المسؤولون المصريون وعلى رأسهم السيسي، يتحدثون دائماً عن "مسؤولية المجتمع الدولي في مواجهة انتهاكات قرارات مجلس الأمن وتقديم الدعم السياسي والأيديولوجي واللوجيستي من سلاح وعتاد لتنظيمات إرهابية، وتكريس فوضى المليشيات، وحرمان الشعب الليبي من السيطرة على مقدراته وموارده، وضرورة عمل دول جوار ليبيا، وفي إطار الاتحاد الأفريقي، ومع الأمم المتحدة، لدفع جهود التسوية في ليبيا، انطلاقاً من الاتفاق السياسي الليبي، ومواجهة التدخلات الخارجية المرفوضة شكلاً وموضوعاً في ليبيا، وإنهاء حالة الانسداد السياسي وتغليب الأهواء الشخصية والضيقة على المصالح الوطنية الليبية".
لكن على صعيد آخر يؤكد السيسي تحديداً، في لقاءات سياسية متعددة، كان آخرها خلال استقباله المتكرر لحفتر ورئيس البرلمان الموالي له عقيلة صالح، الصيف الماضي، ثبات موقف مصر "الذي لم ولن يتغير" في دعم ما تصفه مصر بـ"الجيش الوطني الليبي" في "حملته للقضاء على العناصر والتنظيمات الإرهابية".
ووسط حرب التصريحات بين السيسي وحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً في طرابلس، استدعى الرئيس المصري وزير دفاعه الفريق أول محمد زكي للقائه في مكتبه بشرم الشيخ حيث يشارك في "منتدى شباب العالم".
وكان السيسي قد وصف حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً بأنها أسيرة لمليشيات، مؤكداً أن بلاده أعرضت عن التدخل بشكل مباشر في ليبيا رغم تهديد الوضع هناك لأمنها القومي.
ومن جهتها، استنكرت حكومة الوفاق تصريحات السيسي، مشددة على رفضها أي تهديد يمس السيادة الوطنية.
وأعرب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، في بيان اليوم الإثنين، عن "استغرابه الشديد تصريحات الرئيس المصري حول ما وصفه بغياب الإرادة الحرة للحكومة ووقوعها أسيرة للتشكيلات المسلحة والإرهابية، والتلويح بقدرته على التدخل المباشر في ليبيا".
وطالبت الحكومة "مصر بمراجعة موقفها من الأزمة الليبية، ولعب دور إيجابي يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين ويسعى لتطويرها واستمرارها".
وكان السيسي قد قال في لقاء ضمن فعاليات مؤتمر شباب العالم بمدينة شرم الشيخ: "الحكومة الليبية غير قادرة على أن تكون لها إرادة حقيقية لأنها أسيرة للمليشيات المسلحة والإرهابية الموجودة في طرابلس".
وأضاف: "كان الأولى بنا أن نتدخل بشكل مباشر في ليبيا، ولدينا القدرة، لكننا لم نفعل ذلك، ولن ينسى لنا الشعب الليبي ذلك أبداً"، متابعاً: "مصر حتى في اختلافها وفي أدق الموضوعات المتعلقة بأمنها القومي لم تتآمر، والبعض قال لنا إننا نعرّض أمننا القومي للخطر".
وتتواصل منذ إبريل/نيسان الماضي معارك بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر وقوات الوفاق بمحيط العاصمة طرابلس منذ أن أطلق حفتر عملية عسكرية لتحريرها ممن يصفهم بالإرهابيين، فيما ترى الوفاق في الحملة العسكرية اعتداء على الشرعية.
وساندت القاهرة أخيراً السلطات في شرق ليبيا في رفضها الاتفاق البحري والأمني الموقع بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني غربي البلاد بشأن الحدود البحرية، باعتباره تجاوزاً لسلطات حكومة الوفاق.