يضع كثيرون دعوات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى توسيع دائرة السلام بين دول المنطقة والاحتلال الإسرائيلي، في إطار محاولاته لإظهار نفسه ونظامه للغرب على أنّه "وكيله للسلام" في المنطقة، خصوصاً في ما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي.
اقرأ أيضاً: دعوة إسرائيلية لتوظيف السيسي ضد BDS
ويرى مراقبون أن عرض السيسي الذي جاء في حوار أجراه مع وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، تزامن مع سعي القاهرة للحصول على عضوية غير دائمة في مجلس الأمن الدولي، وبالتالي كان السيسي يسوّق لنفسه من خلاله على أنه راع للسلام ومُحارِب الإرهاب في المنطقة.
وعلى الرغم من تأكيدات رئاسة الجمهورية أن كلام السيسي تمت ترجمته بطريقة خاطئة، إلا أن البيان الصادر لم ينفِ جوهر حديث الرجل.
ولاقت دعوات السيسي ترحيباً من قبل الكيان الصهيوني، فيما اعتبرها مراقبون تنازلاً قياسياً لصالح الاحتلال، لم يقدّمه حتى أسلاف السيسي، كل من حسني مبارك وأنور السادات.
وفي إطار هذا الرأي، برز السؤال التالي حول أوراق السيسي لتنفيذ رؤيته؟
فمن جهة، تبدو العلاقة بين الرجل والرئيس الفلسطيني محمود عباس متوترة هذه الأيام، بسبب موقف الأول الداعم للمسؤول الأمني المطرود من حركة "فتح" محمد دحلان. فيما تبدو العلاقة بين نظام السيسي وحركة المقاومة الاسلامية "حماس" أقرب إلى العداء منها إلى التوتر العابر. وبالتالي، فإنّ الرئيس المصري الحالي لا يتمتع بعلاقات قوية تسمح له بالتدخل لحلّ القضية الفلسطينية.
إضافة إلى أن دعوات السيسي لم تلق استجابة من دول المنطقة، نظراً للانشغال بأزمات ساخنة أخرى بشأن سورية والعراق واليمن، ناهيك عن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
كما لم تلتفت الدول الداعمة للرجل في الخليج إلى رؤيته، خصوصاً أن لها موقفا رافضا لإسرائيل عبرت عنه خلال القمة العربية الأخيرة في شرم الشيخ، فضلاً عما جاء في كلمة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
ويبدو أن السيسي، بحسب خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، يرى أن المنقذ له بشكل شخصي، هي إسرائيل، بغض النظر عن الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.
ويؤكد الخبير الذي فضل عدم نشر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن تلك الدعوات لا يمكن أن تخرج من رئيس دولة عربية، تعتبر إسرائيل العدو الأول حتى في ضوء معاهدة السلام، التي جاءت في سياق تاريخي مختلف.
ويشير إلى أن هناك فرحة عارمة داخل إسرائيل من كلمات السيسي، حتى اعتبرته بعض الصحف العبرية "هبة مصر لإسرائيل".
وفي الإطار، يقول الدبلوماسي المصري، السفير إبراهيم يسري، إن دعوات السيسي لتوسيع دائرة السلام مع إسرائيل أمر متوقع وغير مستغرب.
ويضيف يسري لـ"العربي الجديد"، أن دعوات السيسي لا يمكن وضعها إلا في سياق التنسيق غير المسبوق بين الكيان الصهيوني ومصر منذ تولي الرجل الرئاسة.
ويشير إلى أن تلك الدعوات تؤكد وجود تنسيق كبير بين السيسي وإسرائيل، حول ترتيبات الأوضاع في المنطقة. ويلفت إلى وجود رغبة من قبل السيسي في دمج إسرائيل في المنطقة، وجعلها دولة صديقة لا عدواً، وهو تغيير في بنية المجتمعات العربية. وتوقع أن ترفض الشعوب العربية هذه الدعوات، التي لقيت استجابة سريعة من قبل الحكومة الإسرائيلية.
ويتفق مع يسري، الكاتب المتخصص في الصراع العربي الإسرائيلي، محمد عصمت سيف الدولة، حول رغبة السيسي في دمج إسرائيل في المنطقة، على الرغم من الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها وترتكبها.
ويقول سيف الدولة لـ"العربي الجديد"، إن السيسي ضرب رقماً قياسياً في درجات التنازل التي يمكن أن تقدم للاحتلال؛ إذ سبقه لذلك الرئيس الراحل السادات ومن بعده الرئيس المخلوع مبارك.
ويشير إلى أن السيسي منح إسرائيل كل شيء، بداية من التنسيق الأمني الكبير في ما يخص سيناء، ثم هدم الأنفاق، وهو ما يعني المشاركة في محاصرة الشعب الفلسطيني في غزة، واتهامات لحركات المقاومة وتحديداً "حماس" بدعم الإرهاب، وبذلك ضغط بقوة لصالح إسرائيل، ثم أقام منطقة عازلة وقناة مائية، وكل هذه الإجراءات لم تكن تحلم بها إسرائيل لولا السيسي.
ويلفت إلى أنّ مبارك رغم الاعتراضات على نظام حكمه والفساد، إلا أنه رفض تقديم كل التنازلات التي قدّمها السيسي خلال عام واحد فقط من حكمه.
ويقول سيف الدولة، إن السيسي يسعى لدمج إسرائيل في المنطقة وإحلال سلام شامل، للتفرغ لمواجهة العدو المشترك وهو الإرهاب، ولكن تعريف الإرهاب لدى الكيان الصهيوني يشمل حركات المقاومة والتحرر.