يشعر الناظر من بعيد إلى تلك المناطق الخضراء بارتياح، غير أنّه ما إن يقترب منها أكثر حتى يكتشف أنّها مجرّد أشجار سيسبان وقات، أشجار تخنق اليمن. وأشجار السيسبان ذات الأشواك البارزة والأوراق الصغيرة الكثيفة، تتمدد بسرعة، الأمر الذي يشكّل سياجات تمنع القرويين من العبور نحو أراضيهم الزراعية أو نحو مساحات الرعي لمواشيهم أو مصادر المياه. كذلك فإنّها تقتل نباتات الرعي البريّة، بسبب امتصاصها المياه التي تحتاج إليها تلك النباتات، وأكثر من ذلك فإنّ جذورها تصل إلى عمق يسمح لها بامتصاص المياه الجوفية. إلى ذلك، فإنّ تلك الأشجار تزيد في فصل الربيع من معدّلات الحساسية لدى المصابين بالالتهاب الرئوي.
عوض سعيد راعي أغنام في منطقة السوم في محافظة حضرموت (شرق)، يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "أشجار السيسبان تقطع طريقنا وطريق أغنامنا نحو المراعي. ونضطر إلى قطع أجزاء منها حتى نعبر، لكنّنا، بعد أسابيع قليلة، نجد أنّها عادت لتحاصرنا من جهات أخرى. فنقضي معظم وقتنا في جزّها لنشقّ لنا طريقاً أو لنبعد أغنامنا عن أكل بذورها حتى لا تنتقل إلى مناطق سكننا عبر فضلات الأغنام، لكن من دون جدوى. وتنبت بالقرب من مساكننا وتؤذي أطفالنا بأشواكها". ويشير سعيد إلى أنّ "هذه الأشجار، بسبب تفرّعاتها الكثيفة وأشواكها، تمثّل مأوى آمناً للحشرات والزواحف السامة من قبيل العقارب والثعابين". وعن أساليب مواجهتها، يقول سعيد إنّ "الأهالي حاولوا، بوسائل مختلفة، القضاء على هذه الأشجار من خلال قطعها أو اقتلاعها أو حرقها بالزيت، لكنّ محاولاتهم باءت بالفشل".
اقــرأ أيضاً
إلى ذلك، فإنّ انتشار تلك الأشجار في مجاري المياه الصغيرة والكبيرة يعمل على تضييقها أمام السيول في مواسم الأمطار، فتتغيّر مسارات المياه المتدفقة وتتوجّه نحو المساكن، وقد تتسبب في فيضانات كبيرة. ويعاني القرويون، خصوصاً النساء، كثيراً عند إزالة تلك الأشجار، إذ تخترق الأشواك قفازات النايلون التي يضعونها لتفادي الجروح. لكنّ تلك الجروح لا تصيب الأيدي فقط بل كذلك الأرجل وأحياناً العيون. وفي السياق، تخبر أمّ إيمان بابكري أنّها تصاب دائماً بجروح ناجمة عن أشواك الأشجار عند إزاحتها في طريقها المعتاد إلى مزرعتها. تضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "هذه الأشجار تستهلك وقتنا وتحمّلنا أعباء إضافية. وبدلاً من فلاحة الأرض، نضيّع وقتاً طويلاً في إزالة السيسبان من المزارع أو من الطرقات أو مجاري السيول". وتشير إلى أنّ "الحكومة لا تبذل جهوداً حقيقية لمواجهة هذه المشكلة".
وتوضح بابكري أنّ "خطورة هذه الأشجار تكمن في أنّها سريعة الانتشار. وعلى الرغم من خضرتها اللافتة، فإنّ الحيوانات لا تأكلها بل تأكل بذورها الصفراء التي تتدلّى بين الأوراق. ولأنّ تلك البذور يصعب هضمها من قبل الحيوانات، فإنّها تخرج مع فضلاتها عندما تكون قد انتقلت إلى مكان آخر. بذلك تساهم تلك البذور في قيام مستعمرة سيسبانية جديدة في أرض جديدة قد تتصل بمستعمرات أخرى بعد فترة، بفعل سرعة النموّ والتمدد وتكيّفها مع الجفاف وكل الظروف المناخية". تتابع أنّ "كثيراً ما يكون ذلك في محيط المنازل وداخل المزارع".
وتفرض أشجار السيسبان نفسها في الأراضي الزراعية على حساب النباتات الزراعية، وتقاوم محاولات التخلّص منها التي تشمل نزعها باستمرار وتقليب التربة وزرع نباتات أخرى في مكانها. ولم يلتفت أحد إلى خطورة هذه الأشجار إلا أخيراً بعد تأثّر القطاع الزراعي بها. ففي المناطق التي اقترحتها مؤسسات تنموية محلية ودولية مساحات لإطلاق أنشطة لزيادة الإنتاج الزراعي، بدت هذه الأشجار كأحد أبرز معوّقات العمل الزراعي، بالتالي كانت إزالتها على رأس متطلبات تمهيد الأراضي الزراعية للعمل، بينما راحت منظمات تلغي مشاريعها وتبحث عن أراضٍ أخرى مناسبة.
اقــرأ أيضاً
في السياق، يقول عادل الصبان، وهو استشاري في إحدى أكبر المؤسسات التنموية في اليمن، إنّ مؤسسته جعلت من إزالة هذه الأشجار أحد أبرز أنشطتها، نظراً إلى خطورتها على المزارعين. ويوضح لـ"العربي الجديد": "نحن نشجّع الفلاحين في مناطق الفقر الشديد على إزالة تلك الأشجار من مناطق الزراعة والرعي في مقابل أجور، مع توعيتهم بأنّ هذه هي الخطوة الأولى للتخلّص من تلك الأشجار الضارة، وبأنّه لا بديل أمامهم سوى زراعة تلك المناطق حتى يتخلصوا منها نهائياً". ويلفت الصبان إلى أنّ "مؤسستنا توجّه الناس لاستخدام الأشجار المقطوعة كوقود للطبخ. ونتمنى من المختصين الاستفادة من تلك الأشجار من خلال زرعها في مناطق الزحف الصحراوي وبجوار الشواطئ من أجل تثبيت الرمال، وكذلك لمنع الرمال من الوصول إلى المزارع المجاورة".
تجدر الإشارة إلى أنّ اليمن لم يكن موطناً معروفاً لشجرة السيسبان أو المسكيت، بحسب ما يُطلق عليها في بعض الأقطار، بل راح يعرفها منذ نحو عقدين. ويقول مختصون زراعيون إنّها أتت من الهند عن طريق التبادل التجاري.
عوض سعيد راعي أغنام في منطقة السوم في محافظة حضرموت (شرق)، يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "أشجار السيسبان تقطع طريقنا وطريق أغنامنا نحو المراعي. ونضطر إلى قطع أجزاء منها حتى نعبر، لكنّنا، بعد أسابيع قليلة، نجد أنّها عادت لتحاصرنا من جهات أخرى. فنقضي معظم وقتنا في جزّها لنشقّ لنا طريقاً أو لنبعد أغنامنا عن أكل بذورها حتى لا تنتقل إلى مناطق سكننا عبر فضلات الأغنام، لكن من دون جدوى. وتنبت بالقرب من مساكننا وتؤذي أطفالنا بأشواكها". ويشير سعيد إلى أنّ "هذه الأشجار، بسبب تفرّعاتها الكثيفة وأشواكها، تمثّل مأوى آمناً للحشرات والزواحف السامة من قبيل العقارب والثعابين". وعن أساليب مواجهتها، يقول سعيد إنّ "الأهالي حاولوا، بوسائل مختلفة، القضاء على هذه الأشجار من خلال قطعها أو اقتلاعها أو حرقها بالزيت، لكنّ محاولاتهم باءت بالفشل".
إلى ذلك، فإنّ انتشار تلك الأشجار في مجاري المياه الصغيرة والكبيرة يعمل على تضييقها أمام السيول في مواسم الأمطار، فتتغيّر مسارات المياه المتدفقة وتتوجّه نحو المساكن، وقد تتسبب في فيضانات كبيرة. ويعاني القرويون، خصوصاً النساء، كثيراً عند إزالة تلك الأشجار، إذ تخترق الأشواك قفازات النايلون التي يضعونها لتفادي الجروح. لكنّ تلك الجروح لا تصيب الأيدي فقط بل كذلك الأرجل وأحياناً العيون. وفي السياق، تخبر أمّ إيمان بابكري أنّها تصاب دائماً بجروح ناجمة عن أشواك الأشجار عند إزاحتها في طريقها المعتاد إلى مزرعتها. تضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "هذه الأشجار تستهلك وقتنا وتحمّلنا أعباء إضافية. وبدلاً من فلاحة الأرض، نضيّع وقتاً طويلاً في إزالة السيسبان من المزارع أو من الطرقات أو مجاري السيول". وتشير إلى أنّ "الحكومة لا تبذل جهوداً حقيقية لمواجهة هذه المشكلة".
وتوضح بابكري أنّ "خطورة هذه الأشجار تكمن في أنّها سريعة الانتشار. وعلى الرغم من خضرتها اللافتة، فإنّ الحيوانات لا تأكلها بل تأكل بذورها الصفراء التي تتدلّى بين الأوراق. ولأنّ تلك البذور يصعب هضمها من قبل الحيوانات، فإنّها تخرج مع فضلاتها عندما تكون قد انتقلت إلى مكان آخر. بذلك تساهم تلك البذور في قيام مستعمرة سيسبانية جديدة في أرض جديدة قد تتصل بمستعمرات أخرى بعد فترة، بفعل سرعة النموّ والتمدد وتكيّفها مع الجفاف وكل الظروف المناخية". تتابع أنّ "كثيراً ما يكون ذلك في محيط المنازل وداخل المزارع".
وتفرض أشجار السيسبان نفسها في الأراضي الزراعية على حساب النباتات الزراعية، وتقاوم محاولات التخلّص منها التي تشمل نزعها باستمرار وتقليب التربة وزرع نباتات أخرى في مكانها. ولم يلتفت أحد إلى خطورة هذه الأشجار إلا أخيراً بعد تأثّر القطاع الزراعي بها. ففي المناطق التي اقترحتها مؤسسات تنموية محلية ودولية مساحات لإطلاق أنشطة لزيادة الإنتاج الزراعي، بدت هذه الأشجار كأحد أبرز معوّقات العمل الزراعي، بالتالي كانت إزالتها على رأس متطلبات تمهيد الأراضي الزراعية للعمل، بينما راحت منظمات تلغي مشاريعها وتبحث عن أراضٍ أخرى مناسبة.
في السياق، يقول عادل الصبان، وهو استشاري في إحدى أكبر المؤسسات التنموية في اليمن، إنّ مؤسسته جعلت من إزالة هذه الأشجار أحد أبرز أنشطتها، نظراً إلى خطورتها على المزارعين. ويوضح لـ"العربي الجديد": "نحن نشجّع الفلاحين في مناطق الفقر الشديد على إزالة تلك الأشجار من مناطق الزراعة والرعي في مقابل أجور، مع توعيتهم بأنّ هذه هي الخطوة الأولى للتخلّص من تلك الأشجار الضارة، وبأنّه لا بديل أمامهم سوى زراعة تلك المناطق حتى يتخلصوا منها نهائياً". ويلفت الصبان إلى أنّ "مؤسستنا توجّه الناس لاستخدام الأشجار المقطوعة كوقود للطبخ. ونتمنى من المختصين الاستفادة من تلك الأشجار من خلال زرعها في مناطق الزحف الصحراوي وبجوار الشواطئ من أجل تثبيت الرمال، وكذلك لمنع الرمال من الوصول إلى المزارع المجاورة".
تجدر الإشارة إلى أنّ اليمن لم يكن موطناً معروفاً لشجرة السيسبان أو المسكيت، بحسب ما يُطلق عليها في بعض الأقطار، بل راح يعرفها منذ نحو عقدين. ويقول مختصون زراعيون إنّها أتت من الهند عن طريق التبادل التجاري.