وفي غياب تام للملف الأوكراني، تطرق بوتين باختصار شديد إلى العملية العسكرية الروسية في سورية، مشيرا إلى أن "الجيش والأسطول الروسيين أثبتا قدرتهما على العمل الناجح، بعيدا عن مواقع المرابطة الدائمة".
وأكد على استعداده لتطوير العلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة، وشدد على أهمية الشراكة مع الصين في كافة المجالات، وأعرب عن أمله في الدفع بالعلاقات مع اليابان.
أما الحصة الأكبر من الرسالة التي دامت أكثر من ساعة، فكانت للملفات الداخلية والاجتماعية، وفي مقدمتها بناء وتطوير المدارس، والارتقاء بمنظومة الرعاية الصحية، ومكافحة الفساد، والتنمية الزراعية، ووحدة المجتمع الروسي، وغيرها.
وهذه الرسالة الثالثة عشر التي يوجهها بوتين للبرلمان، إذ سبق له أن تولى منصب رئيس روسيا خلال الفترة بين 2000 و2008، ثم شغل منصب رئيس الوزراء لمدة أربعة أعوام، قبل أن يعود إلى الرئاسة عام 2012.
وجاءت رسالة بوتين إلى البرلمان هذه المرة بعد عام هادئ ومستقر نسبياً، عاشته روسيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
وعلى الرغم من استمرار العقوبات الغربية بحق روسيا، على خلفية الوضع في أوكرانيا وتدني أسعار النفط، تكيّف الاقتصاد الروسي معها ولم يعد لها تأثير كبير على أدائه، وسط توقعات بعودته إلى النمو في العام المقبل.
وعلى الصعيد السياسي، نجح حزب "روسيا الموحدة" الحاكم، في تحقيق فوز كبير في انتخابات مجلس الدوما (النواب) الروسي، متجاوزا نسبة 50 في المائة. وعلى عكس انتخابات عام 2011، تمكنت السلطات الروسية هذه المرة من إجراء الانتخابات من دون فضائح تزوير، ما زاد من شرعيتها في عيون الجماهير، على الرغم من ضعف المشاركة ورصد انتهاكات محدودة.
وفي مجال السياسة الخارجية، أثبتت روسيا أنها لن تتورط في عملية برية واسعة النطاق في سورية، وتم تطبيع العلاقات مع تركيا، بعدما تدهورت على خلفية حادثة إسقاط الطائرة الحربية الروسية على الحدود السورية التركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
وتربط موسكو آمالها في تحسين العلاقات مع الغرب وتخفيف العقوبات بفوز "مرشح الكرملين"، دونالد ترامب، في انتخابات الرئاسة الأميركية، وتراهن على فوز مرشح اليمين الفرنسي، فرانسوا فيون، في الانتخابات الرئاسية في فرنسا العام المقبل.
وتأتي رسائل بوتين في سياق ما تسنه المادة 84 من الدستور الروسي، إذ يجب أن يوجه الرئيس "رسائل سنوية إلى الجمعية الفيدرالية حول الوضع في البلاد، والاتجاهات الرئيسية للسياستين الداخلية والخارجية للدولة".