أدى الكشف عن دعوات زعيمة الحزب الديمقراطي المسيحي في السويد، إيبا بوش ثور، لأعضاء حزبها يوم الخميس الماضي في المجالس البلدية بالتصويت لمنع رفع الآذان من مساجد المسلمين، إلى إثارة جدل واسع، دخل على خطه هذه المرة اليهود في السويد.
وجاء هذا الجدل الانتخابي في المجتمع السويدي بعد أن قدمت منظمة "المؤسسة الإسلامية" في فيكشيو التماسا للصلاة عبر صوت مؤذن في أحد مساجدها.
ووصلت حدّة الجدل إلى أوجها أمس السبت، بعد أن اتخذت الجالية اليهودية موقفا مؤيدا للمسلمين عبر رئيسها الشاب، آرون فيرستاندي، في رسالة واضحة نشرتها وسائل الإعلام السويدية، اعتبر فيها أن دعوة ثور "تذكير بما عاناه اليهود في القرن الثامن عشر". ويعتبر آرون شخصية بارزة في المجتمع السويدي لاعتبارات تاريخية لناحية هجرة أجداده من ألمانيا بإذن من ملك السويد في حينه غوستاف الثالث، والاحتفاظ بدينه اليهودي، رغم أن قوانين بعض دول أوروبا الشمالية كانت تمنع دخول اليهود إليها.
وذكر آرون كيف تعرض أجداده لمعاملة سيئة، جسدية ولفظية، ونشر الرعب والخوف لدى الطائفة اليهودية التي هربت من ألمانيا في ذلك القرن في استوكهولم، رغم الموافقة الملكية آنذاك على حماية أفرادها". وتأتي معارضته لمنع المؤذنين من رفع الصلاة، استعادة لذلك التاريخ. وبسبب ما تتمتع به الجالية اليهودية من نفوذ بدا انتقاد آرون مثيراً للجدل بمهاجمته دعوات منع الأذان باعتبارها "رسالة تقضي بأنه إما تكونوا مثلنا أو ترحلون".
ووفقا لما ذهبت إليه الصحافة السويدية خلال الأيام الماضية فإن "اليهود في السويد يشعرون بأن معاملة المسلمين اليوم تشبه المعاملة التي تلقوها قبل نحو 250 عاماً من خلال فرمانات". وهو ما أكده رئيس الطائفة في مقال رأي نشرته يوم الجمعة الماضي صحيفة "داغنس نيوهتر". وجاء الموقف اليهودي السويدي مفاجئا حتى للحزب الديمقراطي المسيحي، الذي تحاول الآن زعيمته إيبا بوش ثور إيجاد مخرج لما يسميه المعلقون في الصحافة "ورطة حزب يمكن أن لا يتعدى حاجز الدخول إلى البرلمان".
وذكرت الطائفة اليهودية في رسالتها الواضحة، عبر رئيسها آرون فيرستنادي، بأن السويد بلد فيه حرية أديان "ومن الصحيح أن أجراس الكنائس جزء من التراث والتقاليد في حياة السويد فيما نحن نعيش في 2018 فإنه من الخطورة بمكان أن بعضهم يريد أن يحظر على الآخرين ممارسة حرية الدين عبر القوانين، فالدعوة إلى الصلاة تعني قوة روحية دينية في المنطقة السكنية". واعتبر اليهود أن "المنع لا يخدم الاندماج، ما يخدمه هو أن تقول للناس أهلا بكم في السويد، لدينا قوانين محددة في بلدنا اتبعوها، وبالمناسبة ذكرهم بأنه لا فرق لدينا إذا كنتم مسلمين أو مسيحيين أو يهودا"، وفقا لما كتب آرون.
لم تكن ردود أفعال الشارع السويدي لمصلحة الحزب الديمقراطي المسيحي، خصوصا ما أبرزته تعليقات مواقع التواصل الاجتماعي على الرسالة اليهودية التي صبت في معظمها لمصلحة "التأكيد على حرية الدين وممارسة الشعائر"، واعتبار تلك المواقف "محاولة الظهور بموقف متشدد لمنافسة أحزاب اليمين المتطرف".
ووجدت زعيمة الديمقراطي المسيحي، إيبا ثور، نفسها في حرج شديد أمس السبت اضطرها إلى رفض الانتقادات اليهودية وتوضيح موقفها. وذكرت للصحافة المحلية بأن خطاب ثور "يركب قافلة الشعبوية للحصول على نسبة 4 في المائة لدخول البرلمان"، وهي كثيرا ما تتحدث عن المهاجرين بألفاظ تصفها الصحافة بغير اللائقة كوصفهم بـ"القتلة الأجانب (غامقي اللون)"، بحسب ما نقلت أمس صحيفة "إكسبرسن" المذكّرة بتاريخ هذه السياسية المثير للجدل.
ويبدو أنه بالرغم من التراشق السياسي في السويد حول استقبال اللاجئين والمهاجرين فإن أغلبية الأحزاب السياسية، بما فيها يمين الوسط، ترفض خطابات التشدد الصادرة عن حزب ديمقراطيي السويد وحزب الشعب والآن الحزب الديمقراطي المسيحي.
وذهبت زعيمة الأخير، ثور، إلى رفض مقارنة وضع مسلمي السويد بواقع اليهود من قرون، وقالت: "أنا أشعر بألم لهذه المقارنة، فهي ليست صحيحة بالمطلق، فلا علاقة للأمر برفض وجود المسلمين في السويد، وما كان يقال لليهود في ذلك القرن، لا يحدث اليوم مع المسلمين هنا (في السويد)"، بحسب ما قالت لراديو السويد أمس السبت.
وقالت ثور: "أسيئ فهمي، فلا يجب النظر إلى دعوة منع الأذان وكأنها انتقاد للإسلام". وما وجدته هذه السياسية بالأذان "أنه يزعج السكان في حياتهم الخاصة، وهو بمثابة إعلان ديني ومن المهم والإنصاف التأكيد على أن الاسلام في السويد يجب أن يتكيف مع السياق العام للبلد"، في حين أن "أجراس الكنائس لا مشكلة معها لأنها ذات صلة بمناسبات وأعياد وغيرها من الأمور، أما الأذان يراد منه خدمة معتقد ديني بقوة روحية في مناطق يعيش فيها مختلف الناس".