السوق الأفريقية مقصد المغاربة

19 نوفمبر 2014
تدشين العاهل المغربي مشاريع استثمارية (سانوغو إسوف /فرانس برس)
+ الخط -
تشهد الاستثمارات الخارجية للمملكة المغربية نمواً ملحوظاً خلال السنوات الماضية. وتحتل دول شمال أفريقيا المرتبة الأولى في ‏تركّز الاستثمارات المغربية فيها، لتأتي جنوب الصحراء الأفريقية في المرتبة الثانية. ما يظهر أن جل رؤوس الأموال المغربية تتجه ‏بالأساس نحو محيطها الأفريقي. أما باقي الاستثمارات فيتركز 24% منها في دول غرب أوروبا، و14 % في آسيا. هذا ما تؤكد عليه ‏الأرقام الرسمية. في حين تضع 77 % من شركات المقاولات المغربية مسألة الاستثمار الخارجي على رأس أولوياتها‎.‎
وحسب "مقياس التنمية العالمية" الصادر عن "الاتحاد العام لمقاولات المغرب" أخيراً، فإن 81% من شركات المقاولات عبرت عن ‏نيتها تقوية الاستثمارات المباشرة الخارجية خلال العشر سنوات المقبلة. أما السبب فهو، بحسب 86% من الشركات، البحث عن ‏‏"بزنس" جديد.‏
‏ المقصد الأساس: أفريقيا
يرى الخبير المغربي وأستاذ الاقتصاد الدولي رضوان زهرو، أن الاستثمارات الخارجية المغربية تتركز بالأساس في الدول الأفريقية ‏وبعض الدول العربية، "ما يجعل هذا القطاع فتياً أمام مواجهة دول وعلامات تجارية كبرى تمارس ما يعرف باحتكار القلّة".‏
حديث زهرو لـ"العربي الجديد"، تعززه أرقام "مكتب الصرف المغربي". يؤكد الأخير في مذكرة صادرة عنه، أن الدول الأفريقية ‏تسيطر على نسبة 44,1% من إجمالي الاستثمارات الخارجية للمملكة، بقيمة تعادل حوالى 150 مليون دولار. تتركز هذه الاستثمارات ‏داخل دول الكاميرون، موريتانيا، مالي، السنغال، كوت ديفوار، غانا، وبنين. وتتركز هذه الاستثمارات في القطاعات المصرفية، ‏والعقارية، والاتصالات وجزء من القطاع الخدماتي.
إذ يأتي القطاع المصرفي على رأس الاستثمارات المغربية بنسبة 56,3%، يليه قطاع العقار بنسبة 19,6%. حيث وصل حجم ‏الاستثمارات المغربية العقارية في القارة السمراء إلى 27,3 مليون دولار خلال السنتين الماضيتين. ‏
ويشير زهرو، إلى أن الاستثمار خارج المغرب له قواعده. حيث يجب أن تتوافر عدة عناصر أساسية لدى الشركات كي تستطيع ‏مواجهة التحديات، من بينها رأس المال، والسبق التكنولوجي. ويعتبر أن العنصرين السابقين، أساسيان في عملية خلق الشركة لفروع ‏لها في الخارج. ‎
ويشدد زهرو، على أن وجود استثمارات خارجية هو ضرورة "لتوطين سلسلة إنتاجية خارج الحدود". أما اختيار أفريقيا كواجهة ‏للاستثمار المغربي، فيأتي ضمن مساع تقوم بها المؤسسة الملكية المغربية، وذلك ما أظهرته الرسالة التي بعثها الملك محمد السادس إلى ‏‏"الملتقى التاسع لمنتدى التنمية بأفريقيا"، ودعا فيها إلى ضرورة "حشد الموارد المالية اللازمة، والدفع بالاندماج الاقتصادي الإقليمي ‏إلى الأمام". ‏
ويفسر "الاتحاد العام لمقاولات المغرب" التركيز على أفريقيا بعدة مؤشرات، من بينها ارتفاع الإقبال على الشراء داخل دولها أخيراً ‏بـ69%. وذلك ما دفع 47% من الشركات المغربية إلى فتح فروع تجارية لها في مختلف دول القارة. في حين أن 40% منها أنشأت فرع إنتاج أو تسويق، فيما اختارت 13% من الشركات المشاركة في رأس مال شركات موجودة في السوق. ‏‎ ‎
‏"غزو" للسلع المغربية
بعيدا عن أفريقيا، تعتبر مستشار رئيس "الجمعية المغربية للمصدرين" هناء فولاني، أن قطاع التوزيع والتصدير داخل دول أسيا ‏وأوروبا، هو أكثر القطاعات التي تستقطب المستثمرين المغاربة. بحيث يتركز نشاطهم على البحث عن أسواق استهلاكية لمنتجات ‏فريدة. وتوضح في حديثها مع "العربي الجديد"، أن تطوير الأنشطة الاستثمارية الخارجية رهن خلق فرص ابتكار جديدة في المواد ‏والخدمات. وتعطي فولاني مثالاً عن الاتفاقية الأخيرة التي وقعتها الجمعية نهاية الشهر الماضي، مع مجموعة من الهيئات ‏الاستثمارية، عنوانها "غزو الأسواق الأوروبية والآسيوية بمنتوجات حلال".‏‎ ‎
وتؤكد فولاني أن هذا النوع من الاستثمار الخارجي، فتح المجال أمام مجموعة من المستثمرين المغاربة لاستقطاب ما يزيد عن 1,5 ‏مليار مستهلك داخل أكثر من 100 دولة، مع ترقب أرباح تتجاوز 500 مليار يورو. وتكشف المتحدثة، أن هذا النوع من الاستثمار ‏الجديد موجه نحو تصنيع المواد الغذائية، ومواد التجميل، والألبسة.‏‎ ‎
اكتفاء عدد من الاستثمارات المغربية بما وصفه الأستاذ زهرو بـ"توظيف الأموال" في الخارج له أسبابه الموضوعية. والسبب، أن ‏أكثر من 80% من الاستثمارات القائمة هي صغرى أو متوسطة، ولا يساعد حجم معظمها في نقل دورة الإنتاج إلى خارج أفريقيا. ‏
ويوضح كذلك، أن الاستثمارات لا تزال في مرحلة الوطنية، والمتعددة الجنسية منها تنشط فقط في مجال الاتصالات والبناء والتعمير. ‏ويضع "الاتحاد العام لمقاولات المغرب" ضمن دراسته الدقيقة لرغبة المستثمرين المغاربة في توظيف أموالهم في الخارج، مجموعة ‏من العوامل التي لا تحفز على الاستثمار الخارجي. حيث أظهرت نتائج الدراسة أن 67 % من الشركات تتخوف من تفشي الرشوة داخل الدول المستقبلة ‏لاستثماراتها، فيما تتخوف 62% من عدم الاستقرار الاقتصادي، و57% تتوجس من التقلبات السياسية‎. ‎
ويتوقع زهرو أن تطور قطاع الاستثمار ‏الخارجي المغربي، مرتبط مستقبلاً باستراتيجية شاملة تعدها الدولة بناء على توفر اليد العاملة في الدول المضيفة للاستثمارات، ‏والمواد الأولية الخاصة بالتصنيع، بالإضافة إلى توظيف جيد للخبرة المغربية في قطاعات معينة. ويؤكد أن كافة الدراسات الدولية تشدد على أن أفريقيا هي المستقبل بالنسبة ‏للاستثمارات المغربية، لما توفره من إمكانيات ومزايا جد كبيرة.‏‎ ‎
في حين تنصح فولاني بمواجهة التحديات، عبر تحفيز رجال الأعمال للتأمين على ‏استثماراتهم الخارجية، ليضمنوا على الأقل الحفاظ على رأس مالهم.
المساهمون