السوريون خارج المخيمات التركية: استغلال وظيفي

08 سبتمبر 2015
لاجئون سوريون في تركيا (وكالة الأناضول)
+ الخط -
بحسب تقديرات الهلال الأحمر التركي، يعيش نحو 1.8 مليون لاجئ سوري في تركيا، لا تحتضن مخيمات اللجوء، البالغ عددها 22 مخيماً، سوى 12 في المائة منهم (220 ألف لاجئ)، فيما تعيش الأغلبية الساحقة (1.6 مليون سوري) في المدن التركية. ينتشر السوريون في كل الولايات التركية البالغ عددها 81 ولاية، ويساعد في ذلك التسهيلات التي تقدمها الحكومة التركية، وخصوصاً سياسة "الباب المفتوح"، التي تتبعها حيالهم، إذ جعلتهم تلك السياسية "أقرب إلى مهاجرين منهم إلى لاجئين"، بحسب ما يقول الناشط السوري، فاضل الجندي، المقيم في تركيا لـ "العربي الجديد". ويضيف فاضل: "يندمج السوريون بالحياة في تركيا بصورة جيدة، إذ يعملون في مهن مختلفة لدى أتراك أو لدى سوريين، ممن استطاعوا افتتاح أعمال خاصة بهم تتراوح بين محال ومطاعم متواضعة وشركات متوسطة إلى كبيرة". وبحسب اتحاد الغرف وتبادل السلع في تركيا (TOBB)، فإن وتيرة تأسيس شركات سورية في تركيا شهدت تصاعداً لافتاً خلال العامين الماضيين. ففي حين أسس السوريون 498 شركة في عام 2013، ارتفع عدد الشركات السورية إلى 1122 شركة في عام 2014، ليشكل السوريون 26 في المائة من عدد الشركات المؤسسة في هذا العام والمملوكة للأجانب (4249 شركة). 

غياب فرص العمل

وتتمثل أهم المعوقات، التي تواجه اللاجئين السوريين هناك، بتأمين فرص العمل بحسب 55 في المائة من عينة إحصائية استطلع آراءها "المنتدى الاقتصادي السوري". وتشمل المعاناة بصورة أساسية عدم توفر فرص العمل، والحصول على أجور منخفضة، وعدم التسجيل بالتأمينات الاجتماعية، والمعاملة غير اللائقة من أرباب العمل، وعدم دفع الأجرة بشكل كامل، فضلاً عن الطرد من العمل لأسباب غير محقة. وحلت مشكلة السكن بالمرتبة الثانية من حيث الأهمية، بحسب 40 في المائة من المستطلعة آراؤهم، وتتمثل في ارتفاع الإيجارات وعدم توقيع عقود إيجار في كثير من الحالات. كما حلت مشكلة التعليم في المرتبة الثالثة، وشملت عدم توفر مدارس بشكل كافٍ، وبقاء أعداد كبيرة من السوريين خارج المدارس، وعدم السماح بفتح مدارس في كثير من المدن التركية.

اقرأ أيضاً:عمالة الأطفال تُفقد سورية 5 مليارات دولار

وفي حين تقول وزارة العمل التركية إن راتب العامل السوري يجب ألا يقل عن الحد الأدنى للرواتب في تركيا، والبالغ نحو 1200 ليرة تركية (406 دولارات)، غير أن مستوى الأجور الفعلي "هو أقل من ذلك بكثير"، بحسب مراد كنج، الذي يعمل في مصنع سيراميك في تركيا. يقول كنج لـ "العربي الجديد": "لدى وصولي إلى تركيا، عملت بأجر 600 ليرة تركية شهرياً وهو الأجر الأكثر شيوعياً هنا، ثم عملت في معمل سيراميك وهي مهنتي، وأعتبر عاملاً محترفاً في هذا المجال ورغم ذلك أتقاضى 1000 ليرة تركية (340 دولاراً)".

يؤكد ذلك تقرير صادر عن الهلال الأحمر التركي، حيث يشير إلى أن متوسط الأجر اليومي للسوري في تركيا يتراوح بين 20 و29 ليرة تركية في اليوم الواحد.

العمل دون تراخيص

يعتبر الباحث السوري، محمد الجسيم، في حديث مع "العربي الجديد"، أن لجوء السوريين إلى المخيمات من عدمه تحدده مجموعة عوامل، أهمها "القدرة على إيجاد فرصة عمل خارج المخيم، وهو ما يشجع الشخص أو الأسرة على الخروج ليتمتعوا بحرية الحركة والعيش خارج المخيمات". ويضيف الجسيم: "من العوامل التي ساعدت في وجود الغالبية العظمى من السوريين خارج المخيمات، قدرة الاقتصاد التركي على استيعاب عمالة سورية متزايدة، بالإضافة إلى حيوية المجتمع السوري داخل تركيا، حيث تنتشر الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني والشركات السورية الكبيرة والصغيرة، وقد استطاعت جميعها تأمين فرص عمل لأعداد كبيرة من السوريين".
يعمل السوريون في جميع المجالات الاقتصادية في تركيا "في المطاعم، والمزارع والشركات الصناعية والخدمة والمدارس والمستشفيات، فضلاً عن افتتاح محال تجارية خاصة بهم" يقول الجسيم. ويضيف: "العديد من الأطباء السوريين افتتحوا عيادات خاصة بهم، وهم يتقاضون أسعاراً مقبولة، توازي ما كانوا يتقاضونه في سورية. وفي معظم الحالات يعملون بدون ترخيص في ظل تسامح نسبي تبديه السلطات المحلية التركية حيالهم".
وكانت تركيا قد أصدرت قبل نحو شهرين، ولأول مرة، لوائح جديدة تمنح اللاجئين السوريين حق تأمين الوضع القانوني في البلاد، بما يوسع من حقوقهم، حيث بدأوا بالحصول على بطاقات هوية جديدة تخولهم الحصول على الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم. وسوف يكشف الواقع قريباً عما إذا كانت تلك الإجراءات الجديدة ستفيد اللاجئين.

اقرأ أيضاً:الظلام يخيّم على السوريين صيفاً وشتاءً
المساهمون