سيطرت المخاوف مجددا على المودعين السوريين من فقدان مدخرات في البنوك اللبنانية، بعد ورود تقارير تشير إلى أن تهاوي احتياطي النقد الأجنبي وصعوبة حصول المودعين على مدخراتهم بالعملات الأجنبية، وذلك في الوقت الذي تعود فيه قضية أموال البنوك واحتياطي المصرف المركزي إلى الواجهة من جديد.
وأمس الثلاثاء، أعلنت وزارة المالية، عن توقيع عقود مع ثلاث شركات لتنفيذ تدقيق جنائي للحسابات الوطنية في البلاد، حيث كان رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب، قد قال الشهر الماضي، إن اعتماد شركة للتدقيق الجنائي في مصرف لبنان هو حجر الأساس الذي يُبنى عليه الإصلاح.
ويأتي التوقيع مع شركات التدقيق الجنائي بعد نحو شهر من صدور تقرير لجنة "تقصي الحقائق" الذي قدمه رئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان، ونسف بحسب مصادر لبنانية، ما قيل عن التعافي المالي.
وزادت مخاوف السوريين من ضياع الإيداعات، بعد أن نشرت صحيفة "نداء الوطن" اللبنانية قبل أيام تقريرا قالت فيه إن "المودعين لن ينالوا دولاراً واحداً بالنقد الأجنبي من أموالهم"، مشيرة إلى أن المقدر أن يصل احتياطي مصرف لبنان بعد نحو 3 أشهر إلى 17.5 مليار دولار، مقابل نحو 31 ملياراً في يوليو/تموز 2019 وفق التصريحات الرسمية.
ويقول رجل أعمال سوري مقيم في بيروت "راحت الإيداعات حتى لمن يحاول أن يحصل على 35% من إيداعاته" لأن الوضع المالي للدولة والمصارف متدهور، مشيراً أن الوضع اليوم، أكثر قسوة مقارنة بسنوات الحرب الأهلية التي شهدها لبنان خلال الفترة من 1975 حتى 1990، لأن المصارف وقتذاك لم تنهَر ولم تقل يوماً، كما تقول اليوم" لا يوجد عندنا دولار" وذلك رغم انهيار العملة اللبنانية حينذاك.
ويضيف رجل الأعمال السوري، الذي طلب عدم ذكر اسمه في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه مسموح فقط سحب 2500 دولاراً بالشهر وفق سعر 3800 ليرة للدولار، بينما السعر في السوق السوداء وصل إلى 7200 ليرة.
وحول الحلول التي يلجأ لها المودعون السوريون، يقول: "معظمنا اليوم يلجأ إلى الشيكات، ولكن قيمة الشيك في السوق لا تتجاوز 35% من الرقم الموضوع عليه، لكنه الحل الوحيد المتاح أمامنا ولا جدوى من أي تصعيد أو شكاية"، مضيفا أن "الخسائر الأكبر وقعت على صغار المودعين الذين ينتظرون الفرج ولا يقبلون بشيكات تبدد نحو ثلثي أموالهم".
ويقدر رجل الأعمال، قيمة مدخرات السوريين في بنوك لبنان بنحو 30 مليار دولار كحد أقصى حالياً، مشيرا إلى أن الكثير من المودعين السوريين، ولا سيما أصحاب المدخرات الكبيرة سحبوا إيداعاتهم عبر الشيكات. بينما قدرت دراسة صادرة حديثا عن "المرصد العمالي للدراسات والبحوث" في دمشق الإيداعات بنحو 45 مليار دولار.
ولجأ البعض إلى ظاهرة بيع الشيكات بأقل من قيمتها بغرض الحصول على جزء من المدخرات بالنقد الأجنبي، حيث تسببت الأزمة المالية التي تعصف بلبنان في عدم قدرة المودعين على صرف أموالهم.
ويشهد لبنان، منذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية، أجبرت حكومة سعد الحريري على الاستقالة في الـ29 من الشهر نفسه، وحلت محلها حكومة حسان دياب في 11 فبراير/ شباط الماضي، قبل أن تتقدم هي الأخرى باستقالتها بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب الماضي، بينما تزداد معاناة سكان البلد المعيشية.