تنفست الخرطوم الصعداء فور إعلان وزير النفط والغاز أزهري عبد القادر، أن نحو مليون برميل نفط من دولة جنوب السودان جاهزة للتصدير عبر موانئ السودان، وسط تفاؤل بهذه الخطوة التي ستدر عائدات من شأنها الحد من الصعوبات المالية في الدولتين.
ويقول محللون اقتصاديون إن التحدي الأكبر الذي يواجه الخرطوم وجوبا يتمثل في الإبقاء على ضمانات قوية لاستمرار ضخ النفط وتدفق صادراته بلا عقبات.
ووفق بيان صادر عن وزير النفط والغاز السوداني، مساء يوم الجمعة الماضي، فإن استئناف الإنتاج النفطي في حقل "الوحدة" بدولة جنوب السودان، سيكون نهاية ديسمبر/ كانون الأول المقبل، مشيراً إلى انتظام العمل في حقل "توما ثاوث" أيضاً في البلد الجنوبي.
ويمر النفط المنتج في جنوب السودان إلى الأسواق العالمية عبر الأراضي السودانية ومنها إلى ميناء "بورتسودان" على البحر الأحمر (شرق).
وانفصل جنوب السودان في 2011 عن السودان، ما أفقد الخرطوم ما يقرب ثلاثة أرباع موارده النفطية، التي تمثل نحو 50% من الإيرادات العامة للدولة.
وفي 2013، وقع السودان وجارته الجنوبية، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، 9 اتفاقيات، بينها اتفاقية النفط التي تتضمن الترتيبات المالية الانتقالية التي تتضمن رسوم عبور وتصدير نفط جنوب السودان عبر الأراضي السودانية، إلا أنه لم يتم اتخاذ خطوات نحو تفعيل الاتفاقيات إلا في الأشهر الأخيرة من العام الحالي، لا سيما أن دولة الجنوب شهدت صراعات مسلحة عرقلت إنتاج وتصدير النفط.
وقال ميان دوت، سفير جنوب السودان لدى الخرطوم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن استئناف صادرات النفط عبر السودان يمثل أهمية للشعبين في حل أزماتهم الاقتصادية، لافتا الى أن الصادرات ستنساب تباعاً عبر ميناء بورتسودان بواقع 600 ألف برميل لكل باخرة.
الكمية التي تحدث عنها سفير جنوب السودان بدت مبشرة لكثيرين. وقال حسن بشير، الخبير الاقتصادي السوداني، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن اقتصاد السودان بحاجة إلى تصدير إنتاج النفط الجنوبي من أجل الاستفادة من رسوم العبور، مشيرا إلى أن الكمية التي تحدث عنها وزير النفط السوداني والمقدرة بنحو مليون برميل هي كميات متراكمة وليست منسابة بشكل مستمر، لأن إنتاج نفط جنوب السودان محدد بنحو 170 ألف برميل يومياً فقط.
ولا توجد بعد تقديرات حول الرسوم المتوقعة من عبور النفط الجنوبي، إلا أن الخبير الاقتصادي أكد أن "الانسياب المستمر للنفط الجنوبي عبر بورتسودان وزيادة إنتاجه يمثلان أهمية كبرى من حيث توفير الخام اللازم لتشغيل مصفاة النفط في السودان وتوفير المنتجات للسوق المحلية، الأمر الذي يوفر النقد الأجنبي الذي كانت تنفقه الحكومة على استيراد المنتجات البترولية".
وكان وزير نفط جنوب السودان ازيكيال لول جاتكوث، قد أكد في تصريحات له مؤخراً التزام حكومة بلاده بإعادة تشغيل حقل الوحدة في موعده المحدد بنهاية ديسمبر/ كانون الأول المقبل، لافتا إلى جهود السودان في إعادة تشغيل حقول النفط بجنوب السودان والتعاون بين البلدين في هذا المجال.
وزار وزير النفط السوداني أزهري عبد القادر حقلي الوحدة وتوما ثاوث في جنوب السودان قبل يومين، برفقة وزير نفط جنوب السودان ومديري جهاز الأمن والمخابرات في الدولتين، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً للتعاون بين الجانبين واستمراراً لتقديم الدعم الفني لإعادة تشغيل الحقول المتوقفة.
وقال هيثم فتحي، المحلل الاقتصادي السوداني، إنه من المتوقع أن يحصل السودان على نحو 3 مليارات دولار تقريباً سنوياً من رسوم عبور النفط، فضلاً عن توفير موارد من النقد الأجنبي كانت ستوجه لاستيراد الخام وكذلك المشتقات النفطية للسوق السودانية.
وحصل تراجع إنتاج النفط السوداني مرتين؛ في عام 2012، بسبب الهجوم الذي شنته جوبا على أكبر حقول النفط في حوض "هجليج" النفطي الذي يحتوي على 57 بئراً نفطية بجنوب كردفان في الحدود الموازية مع دولة جنوب السودان. وتعد هجليج من المنشآت الرئيسية لمعالجة ونقل النفط في كل من السودان وجنوب السودان على السواء.
ومنذ ذلك التاريخ لم يحرز الإنتاج أي تقدم، ما يضطر الحكومة السودانية إلى استيراد الخام من الخارج، خاصة أن استهلاك البلاد من النفط الخام في حدود 110 آلاف طن سنوياً، حسب التقديرات الرسمية آنذاك. والتراجع الثاني كان عام 2011 مع انفصال الجنوب وخروج نحو 70% من الموارد النفطية لصالح جنوب السودان.