أعلنت الحكومة السودانية، الخميس، تفعيل حالة الطوارئ الإقتصادية وتشكيل قوات خاصة لحماية الاقتصاد من التخريب، متهمة جهات لم تسمها، بشن حرب سياسية تستخدم الاقتصاد لإفشال الثورة والتحول الديمقراطي في البلاد.
وقال وزير الإعلام الناطق الرسمي بإسم الحكومة في مؤتمر صحفي، إن الأيام الماضية شهدت تصاعداً كبيراً في أسعار العملات الأجنبية والذهب بسبب المضاربات التي تقوم بها جهات وشخصيات تضررت مصالحها المالية بعد نجاح الثورة، منوهاً بأن الأجهزة الأمنية رصدت عمليات تخريب متعمد للاقتصاد.
وتم الإعلان عن القرارات الجديدة في مؤتمر عقد مساء الخميس في وكالة السودان للأنباء بحضور وزير الإعلام ووزير العدل السوداني نصر الدين عبد الباري والقائمة بأعمال وزير المالية هبة محمد، والنائب العام ومدير جهاز المخابرات العامة ومدير الشرطة ومدير هيئة الجمارك.
وأكد وزير العدل إنشاء نيابات ومحاكم خاصة لمواجهة المضاربات في الدولار والذهب، وكشف عبد الباري عن قانون جديد ينص على إجراءات إضافية للتعامل مع النقد بعد التشاور مع البنك المركزي، ويتضمن لوائح للتعامل مع الذهب فيحرم القانون بيع أو شراء الذهب غير المشغول والمعادن النفيسة إلا بحسب لوائح و ضوابط يضعها البنك المركزي، كما يجرم و يعاقب القانون التعامل غير المشروع والمخالف بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات أو الغرامة و مصادرة الأدوات المستخدمة في الاتجار غير المشروع. وكشف أنه سيتم رفع بلاده من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب قريباً.
وقالت وزيرة المالية إن تقارير أمنية توضح أن التراجع الحاد للجنيه سببه تخريب ممنهج. وأضافت أن ما يحدث من ارتفاع في سعر الدولار لم يكن بسبب تغييرات هيكلية في الاقتصاد وإنما هو عملية تخريب ممنهح للاقتصاد السوداني. ونوهت إلى أن الحكومة أيقنت ضرورة تفعيل حالة الطوارئ الاقتصادية وتكوين قوات مشتركة من الجيش والشرطة والمخابرات والدعم السريع لحماية الاقتصاد السوداني، ومطاردة المضاربين ومهربي السلع الإستراتيجية.
كما أعلنت عن تشكيل محاكم ونيابات طوارئ للتعامل مع المتورطين في التخريب الإقتصادي لخنق الحكومة الانتقالية.
وأشارت الوزيرة، إلى وجود خطة إقتصادية في مجال صادرات الذهب وعائداتها، وتوفير 800 مليون دولار لضمان استقرار سعر الصرف، وذلك من التبرعات التي أعلنت في مؤتمر برلين الخاص بشركاء السودان في يونيو/حزيران الماضي.
ومن جانبه كشف آدم حريكة المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء السوداني، أن الحكومة ستوقع أتفاقاً منتصف الشهر الجاري مع الإتحاد الأوروبي، يقضي بدفع الاتحاد تعهداته للسودان والبالغة 312 مليون دولار.
وبدأ سعر الدولار الأميركي منذ يومين تصاعداً لافتاً أمام الجنيه السوداني ووصل إلى سعر قياسي يوم الخميس ما بين 273 و253 جنيهاً للبيع بالسوق الموازي، والذي قفز بأسعار الذهب من 9.800 جنيه إلى 15 ألف جنيه للغرام.
ويتزامن ذلك مع فيضان غير مسبوق لنهر النيل تسبب في تشريد عشرات الآلاف. وتقول الحكومة إنها خصصت أكثر من 150 مليون جنيه سوداني (2.73 مليون دولار) لمساعدة ضحايا الفيضان، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية.
والتضخم في السودان هو الثاني في العالم بعد فنزويلا، حيث قفز المعدل الرئيسي إلى 143.78 بالمئة في يوليو/ تموز من 136.36 بالمئة في يونيو/ حزيران. وقال المسؤولون إن قوات الأمن ستشدد الرقابة على الحدود وفي المطارات لوقف تهريب سلع مثل الذهب.
وداهمت قوات من الشرطة الأمنية السودانية بحضور مدير عام الشرطة وقيادات الشرطة بولاية الخرطوم والمباحث الفدرالية، مجمع الذهب بالخرطوم في 27 أغسطس/ آب الماضي وأغلقت كل محال عرض المجوهرات ومنعت التجار من الخروج أو الدخول مع تفتيش جميع محال ومكاتب الصاغة.
وأسفرت الحملة المفاجئة وفقاً لتصريحات الشرطة عن ضبط كمية من العملات الحرة والمحلية بحوزة التجار وتحريزها وترقيمها، ومنع التعامل بها إلا بأذن النيابة لتسببها في ارتفاع غير مسبوق في سعر الذهب والعملة في آن واحد، مما جعل الحكومة تضع عينها على هذا السوق رغم نفي الصاغة والمصدرين صلتهم بما يحدث من انفلات بالدولار والاتجار به.