أصدرت هيئة الجمارك السودانية منشورا سريا، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، سيتم بموجبه زيادة الرسوم على57 سلعة، ما يؤدي إلى موجة غلاء جديدة تضرب الأسواق.
وحسب المنشور، فإنه بموجب قانون هيئة الجمارك السودانية لسنة 86 تعديل 2010 لسنة 2019 بعد الرجوع للمرسوم الدستوري رقم 24 لسنة 2019 الصادر في بداية يونيو/ حزيران الجاري، ستتم زيادة الرسوم على استيراد السيارات والإطارات المستعملة والتوك توك والملابس وغيرها بنسب متفاوتة.
وكشف المنشور عن زيادة رسوم السيارات التي لا تزيد سعة أسطوانتها عن "1500 سي سي" من 20 إلى 40%، والسيارات التي تزيد فئة اسطوانتها عن "1500 سي سي" من 60 إلى 80 %، وسيارات النقل حمولة أقل من 2 طن من 10 إلى 80%، والتوك توك (مركبة بثلاث عجلات) من 20 إلى 40%.
كما شملت زيادات الرسوم الجمركية العديد من السلع الغذائية والاستهلاكية، ومنها الصلصة الجاهزة من 10 إلى 20%، والملابس المصنعة من 10 إلى 20%، بالإضافة إلى ماكينات صناعة الطوب وأجزاء الأفران الصناعية وأجهزة صناعة الورق وغيرها من السلع الأخرى.
وبررت مصادر مطّلعة لـ"العربي الجديد" تكتم وتحفظ هيئة الجمارك على إعلان الزيادة باعتبارها طبّقت دون إجازتها في الموازنة العامة للعام الحالي 2019 ولحاجة البلاد الملحة في الوقت الراهن إلى زيادة الايرادات المباشرة لتسيير دفة الاقتصاد، متوقعا اعتمادها بشكل رسمي ومعلن في موازنة العام المقبل 2020.
وكشف تاجر سيارات، رفض ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، أن هيئة الجمارك طبقت زيادات جديدة لرسوم السيارات الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها خلال الفترة المقبلة.
وعلى الجانب الآخر، قال تاجر قطع غيار سيارات بالخرطوم لـ"العربي الجديد" إن الجمارك لم تطبق زيادة جديدة بشكل رسمي حتى الآن، مشددا على تلقيهم تسريبات فقط حول هذه الزيادة بنسبة تصل إلى 20%، مؤكدا أنهم الآن يقومون بالبيع وفقا للرسم المجاز في الموازنة الجارية إلى حين اتضاح الرؤية.
ونفّذت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في عام 2016، زيادات مفاجئة على سعر الدولار الجمركي ورسوم الموانئ، ورفعت سعر الدولار إلى 6.3 جنيهات بدلاً من 6.1 جنيهات. ثم حدثت زيادة أخرى على الدولار الجمركي من 6.3 جنيهات إلى 6.4 جنيهات، ليقفز في نهاية 2017 إلى ثلاثة أضعاف إلى 18 جنيهاً ليعاود الانخفاض مرة أخرى إلى 15 جنيها بقرار سابق من مجلس الوزراء. ويبلغ سعر الدولار في أسواق العملات رسميا 47.5 جنيها.
وكانت موجة الغلاء وتفاقم الأزمات المعيشية سببا رئيسيا في اندلاع الحراك الشعبي الساخط في السودان، ما أدى إلى إطاحة الرئيس السابق عمر البشير.
وحذر المدير السابق للجمارك السودانية الفريق صلاح الشيخ من أثر الزيادة الجديدة في التعرفة الجمركية للعديد من السلع.
وقال الشيخ لـ"العربي الجديد" إن الزيادة تؤثر سلبا على الأسواق، خاصة أن البلاد تعاني هذه الأيام من مشاكل في السيولة المالية، وانتشار ظاهرة التهريب عبر الحدود للعديد من السلع كالذهب والحيوانات الحية، مشيرا إلى أن الزيادة سلاح ذو حدين فهي أداة من أدوات الإصلاح الاقتصادي إلا أن لها أثارا سلبية.
وأشار إلى اعتماد الدول المتقدمة على الإيرادات الضريبية أكثر من الرسوم الجمركية في تمويل خزينتها العامة، حيث لا تتعدى إيرادات الجمارك 3 % من إجمالي ما يتم تحصيله، بينما تعتمد الحكومة السودانية على الإيرادات الجمركية بنسبة تصل إلى أكثر من 50 %.
وكانت هيئة الجمارك السودانية قد دفعت بمقترح في وقت سابق لوزارة المالية ومجلس الوزراء في الحكومة السابقة بخفض قيمة الدولار الجمركي نتيجة تراجع مساهمة الاستيراد في موازنة الدولة إلى 46%، بعد تقليل الواردات بنسبة 20% نتيجة لرفع الدولار الجمركي. وأشار المقترح إلى ضرورة خفض الدولار مقابل زيادة الرسم الإضافي على بعض السلع في موازنة عام 2019.
وأكد مسؤول السياسات والاستراتيجية باتحاد أصحاب العمل، عضو غرفة الاستيراد سمير قاسم لـ"العربي الجديد" عدم استلامهم خطابا رسميا من الجمارك بالزيادة، مشيرا إلى تلقيهم معلومات مؤكدة بالزيادة في الرسوم والتي ستكون مركبة وبنسبة 20% وستطبق على بعض السلع المستوردة.
ووصف قاسم توقيت الزيادة بغير المناسب وأنه سيكون عبئا على المستهلك ويزيد من الغلاء المعيشي الراهن، مبينا إحجام بعض المستوردين عن استيراد السلع من الخارج تخوفا من الخسائر بسبب ارتفاع التكلفة وقلة الأرباح وارتفاع أسعار الدولار بالسوق الموازي. وقال إن الزيادة في رسوم السلع تحدث ندرة فيها بالأسواق وترفع أسعارها.
ودعا قاسم إلى ضرورة إعادة النظر في الزيادات حتى انتخاب الحكومة المقبلة وتلافيا للآثار السالبة على الاقتصاد والمواطنين.