السودان: قلق من حوادث الاختطاف والشرطة تطمئن الأسر

17 يوليو 2017
أكدت الشرطة اختفاء أديبة فاروق (فيسبوك)
+ الخط -
قلق كبير ينتاب الأوساط السودانية جراء تكرار حوادث الاختطاف التي انتشرت في الآونة الأخيرة، وتضاعفت معها التكهنات بنشاط عصابات تجارة الأعضاء البشرية.

فاطمة الشفيع سودانية تحكي قصة نجاتها من عصابة أرادت اختطافها. فعندما خرجت من منزلها السبت الماضي لشراء احتياجاتها المنزلية وتركت طفلتها بالبيت، اعترض مجهولون طريقها بالقرب من منزلها ثم وضعوا منديلا به مادة مخدرة على أنفها، ما أفقدها الوعي على الفور.

3 ساعات بعد ذلك، أفاقت فاطمة على دوي انفجار إطار السيارة التي تُقلها. انكب الخاطفون على تغيير الإطار، فاغتنمت فاطمة انشغالهم لتلوذ بالفرار. وبعد ثلاث ساعات من الركض، وصلت أخيرا إلى قرية ساعدها سكانها على العودة إلى الخرطوم.

يروي زوج فاطمة علي النعيم، لـ"العربي الجديد"، تفاصيل الحادثة كما حكتها زوجته.

يقول علي إن زوجته "أفاقت لتجد نفسها في منطقة بمدينة الدويم بولاية النيل الأبيض، والتي تبعد عن مقر سكنها في الخرطوم بنحو ثلاث ساعات، ولمحت بجوارها امرأة ممددة على نقالة فاقدة الوعي وإلى جانبها طفلان، أحدهما لم يبلغ العامين بعد، كان شبه عار إلا من حفاظته.

تتذكر فاطمة أن "عيني أحد مختطفيها خضراوان ورجحت أن يكون أجنبيا، بينما الآخران أحدهما ملامحه أقرب للصينيين والثاني أفريقي"، وفق الزوج.



بعد العودة إلى حضن الأسرة، أجريت لفاطمة فحوصات طبية أثبتت أنها لم تتعرض لأي اغتصاب ولم تتعرض لأي أذى أو سرقة أي عضو منها. كما قدمت شكوى إلى الشرطة قامت بمعاينة مكان اختطاف فاطمة.

في المقابل، لا تزال أسرة أديبة فاروق (43 عاما) تنتظر عودتها منذ اختفائها منتصف الثلاثاء الماضي بعيد خروجها لشراء الخبز.

وقد شغلت قصة أديبة الرأي العام السوداني، ونصب أهلها خيمة بجانب منزلها لاستقبال المتضامنين وسط استنفار تام بحثا عنها، خصوصا بعدما لم يعثر لها على أثر في مستشفيات العاصمة.


وزار وزير الداخلية السوداني، حامد منان، أسرة أديبة في منطقة جبرة في العاصمة الخرطوم، حيث طمأن الأسرة، مؤكدا حرص الشرطة المحلية على ضمان أمن المواطنين.

حالتا فاطمة وأديبة ليستا معزولتين، بل يتناقل السودانيون قصصا كثيرة عن اختطاف الأطفال. كما تنشر الصحف المحلية أيضا أخبارا عن حالات مشابهة.


وتقول الأم "سي" إنهم فقدوا ابنهم (11 عاما) العام الماضي، بعد أن اقتادته جهة مجهولة من باب منزله بجنوب الخرطوم، قبل أن يتم العثور عليه بعد عشرين يوما من اختفائه بالسوق العربي الواقع في قلب الخرطوم.

وتؤكد أن الطفل عثر عليه في حالة يرثى لها. وعلى غرار فاطمة، أجريت له على الفور فحوصات طبية أثبتت أنه سليم. لكن الأسرة لاحظت أن أصبح "كثير الشرود ويصرخ ويفزع خلال النوم، كما لم يتعرف على والده لمدة ثلاثة أيام. وكان يردد أن شخصا ما سيقوم بقتله".
اضطرت الأسرة لعرض الطفل على طبيب نفسي، بعدما راودتها شكوك عن تناوله مادة مخدرة أثرت على أعصابه.

بعد أيام من الانتظار، استطاع الطفل أخيرا أن يروي جوانب مما تعرض له. فقد أفاد بأن امرأة قامت باختطافه واقتادته إلى منزل وُجد فيه أطفال آخرون. أكد الطفل أيضا تعرضه للتهديد بالقتل دون أن يكشف تفاصيل إضافية رغم إلحاح الأسرة على ذلك.

أما مهدي عبد الله فما زال حزينا على فقدان ابنه (13 عاما) في أول أيام عيد الفطر الماضي. يعتقد عبد الله أن ابنه اختطف، فقد بحث عنه في كل مكان ولم يعثر له على أثر.

وأدخلت حالات الاختطاف المتكررة الرعب في نفوس الأسر السودانية. إيمان محمد تقول إنها أصبحت تخشى أن يذهب أبناؤها للمدرسة ولا يعودون. تظل في قلق دائم إلى أن يعودوا إلى البيت.

أما ريم عبد الرحمن فترافق بناتها إلى معهد يتلقين فيه دورات تدريبة متخصصة. وتقول ريم: "رغم أنني استأجرت عربة خاصة إلا أنني أرافقهن ومعي طفلتي الصغيرة، وأبقى في باحة المعهد ساعتين لاصطحاب بناتي من جديد إلى المنزل بعد انتهاء حصتهن".

ولطمأنة الأسر، سارعت الشرطة السودانية إلى القول إن ما يثار حول الاختطاف وتجارة الأعضاء البشرية محض إشاعات، لكنها أقرت بحادثة اختفاء واحدة، وهي حالة أديبة فاروق، كما أعلنت عن تشكيل فريق لمتابعة مصدر الشائعات ومحاربتها إلكترونيا.

وقال مدير شرطة ولاية الخرطوم، إبراهيم عثمان، إن ما يتداول بشأن الاختطاف وتجارة الأعضاء جزء من حملات تقودها المعارضة السودانية لاختراق أمن العاصمة والمواطن عبر حرب الإشاعات باعتبارها الأخطر. ورأى أن جميع حالات الاختفاء تكون عادة ناجمة عن خلافات أسرية أو أمور خاصة بالمختفين.

بينما قالت وزارة الداخلية السودانية إنّ بلاغات اختفاء المواطنين في ظروف غامضة لم يكن من بينها شبهات اختطاف أو تجارة أعضاء، مؤكدة أن كل ما يثار في مواقع التواصل الاجتماعي من أخبار وبيانات متعلقة بالجريمة كاذبة ومضللة.

واعتبرت أن هذه الأنباء تصدر عن جهات هدفها زعزعة أمن واستقرار البلاد، مجددة التأكيد على اهتمام الشرطة بمتابعة بلاغات الاختفاء قائلة: "كل البلاغات المسجلة في أقسام الشرطة فُكَّت طلاسمها وجميعها لم يكن بينها بلاغ خطف أو تجارة أعضاء".