01 أكتوبر 2022
السودان.. جريمتنا العربية المشتركة
ما هي المؤهلات التي تنقص السيد عمر البشير، ليتصدر عناوين النشرات العربية، كقرينه بشار الأسد؟ هل ينقصه قتل المتظاهرين؟ لا. هدد، قبل أسبوعين، دعاة العصيان المدني قائلاً "أتحداهم أن يواجهونا في الشارع، نعلم أنكم لن تأتوا لأنكم تعرفون ما حدث بالسابق"، وما حدث بالسابق هو قتل 185 متظاهراً واعتقال 800 من مظاهرات سبتمبر/ أيلول 2013. الرجل يهدّد بصراحة بقتلهم. لكن، كم وسيلة إعلام اهتمت بإبراز تصريحاته؟
ضحايا 2013 أكثر حظاً، لأن الواقعة معروفة على الأقل، وثقت منظمة العفو الدولية، في عشرات التقارير، وقائع مجهولة. من يهتم بقتل أربعة متظاهرين أو ثمانية؟
هل تنقصه المذابح الجماعية؟ لا، للرجل تاريخ حافل بها، لا يبدأ بمذبحة العيفلون عام 1998، ولا ينتهي بقتل 200 - 300 ألف سوداني في حرب دارفور على يد جيشه أو مليشيا الجنجويد القبائلية التابعة له، حسب الأمم المتحدة. هل ينقصه تهجير شعبه؟ لا، أدت حرب دارفور إلى نزوح 2.8 مليون شخص، كما تسبّب القتال بعدها في ولاية جنوب كردفان بنزوح 1.4 مليون شخص، ولا نتحدّث عن ملايين أخرى في حرب جنوب السودان الممتدة قبل عهده.
هل ينقصه اغتصاب النساء؟ لا، تميّز نظام البشير بهذه الوسيلة الرهيبة، ووثقت تقارير دولية آلاف الحالات التي لم تتوقف أبداً. في تقرير لها في فبراير/ شباط 2015، وثقت "هيومان رايتس ووتش" 221 حالة اغتصاب، منهن قاصرات، بواقعة واحدة في قرية تابت في دارفور. التقرير مليء بالقصص الكابوسية. "اغتصبوا بناتي الثلاث"، "الضحية تعرّضت للاغتصاب بواسطة 11 جندياً".
ماذا عن قصف المستشفيات؟ وثقت "العفو الدولية" قصف 26 منشأة صحية في ولاية جنوب كردفان منذ 2011، ومن أصل أربعة مستشفيات في الولاية دمرت طائرات البشير اثنين تماماً.
تزوير الانتخابات؟ جاء البشير أصلاً بانقلاب عسكري عام 1989 ضد حكومة منتخبة ديمقراطياً يرأسها الصادق المهدي. ومن حينها لم يعقد أي انتخابات تعددية أصلاً، حتى عام 2010 الذي شهد أول انتخابات صورية في البلاد.
الإعلام والمجتمع المدني؟ سجل حافل جداً من إغلاق الصحف، ومقرّات المنظمات الحقوقية، واعتقال الصحفيين والحقوقيين، وآخر الحملات كانت في يناير/ كانون الثاني 2013.
الإعدامات؟ سجل حافل منها منذ اللحظة الأولى لنظامه، منذ إعدام رجل الأعمال مجدي محجوب عام 1989 بعد محاكمة عسكرية بتهمة "الاتجار بالعملة"، والدليل: 10 آلاف دولار بمنزله!
التعذيب حتى الموت؟ مئات الوقائع منذ اللحظة الأولى أيضاً، منذ موت الدكتور علي فضل تحت التعذيب عام 1990، بسبب مشاركته بتنظيم إضراب للأطباء.
هل تنقصه التصريحات الهزلية؟ لدى نظامه فائض منها، ليس آخرها اكتشاف الجيش السوداني علاجاً للإيدز في 2014!
التطرّف الديني؟ النظام يطبق مفهومه المتشدّد للشريعة الإسلامية بصرامة. في سبتمبر/ أيلول 2010، دافع البشير عن مقطع فيديو لفتاة تُجلد بالشارع، تردّد أن جريمتها ارتداء البنطلون، وقال إن هذه هي الشريعة.
ما يميّز نظام البشير نشأته المشوهة من الأساس، كان انقلابه من تحالف بين ضباط في الجيش وجماعة الإخوان المسلمين برئاسة حسن الترابي. أنتج تزاوج اللحية والكاب العسكري هذا المسخ. يسكت عنه الجميع، لأنهم يرون في نظامه جوانب منهم جميعاً. ما يميزه أيضاً أن أغلب ضحاياه غيرنا، سواء كانوا مسيحيين أو وثنيين، أو حتى مسلمين من أعراق أفريقية. دماء الأغيار دائماً أقل أهمية. كما أتقن رفع شعارات المقاومة والممانعة والعروبة، ومعها أيضاً الإسلامية والشريعة، وهذه بالطبع المعركة التي لا يمكن أن يعلو فوقها صوت البشر المقهورين.
إبّان إحالته إلى محكمة الجنائية الدولية في 2009، شهدنا وفود التضامن تتوالى، حكوميين ومعارضين، إسلاميين وقوميين، اختلفوا في بلادهم، واجتمعوا في الخرطوم. وبالطبع، هناك انتقادات حقيقية توجه إلى "الجنائية الدولية" التي لم تحقق مثلاً في جرائم حرب العراق، وكذلك للدور الغربي في جنوب السودان، لكننا، في المقابل، لم نسمع حرفاً عربياً واحداً يستنكر جرائم البشير، بل تضامناً كاملاً ضد تلفيق المنظمات الدولية، وهي المنظمات نفسها التي يستشهدون بتقاريرها الآن ضد بشار الأسد أو عبدالفتاح السيسي!
منذ نحو ثلاثين عاماً، يزور عمر البشير العواصم العربية، كأنه حاكم طبيعي جداً. لا ينادي أحد برحيل قائد الانقلاب، ولا يكتب نشطاء مواقع التواصل على وسم "كردفان تحترق". لا أصدقاء للشعب السوداني.
ضحايا 2013 أكثر حظاً، لأن الواقعة معروفة على الأقل، وثقت منظمة العفو الدولية، في عشرات التقارير، وقائع مجهولة. من يهتم بقتل أربعة متظاهرين أو ثمانية؟
هل تنقصه المذابح الجماعية؟ لا، للرجل تاريخ حافل بها، لا يبدأ بمذبحة العيفلون عام 1998، ولا ينتهي بقتل 200 - 300 ألف سوداني في حرب دارفور على يد جيشه أو مليشيا الجنجويد القبائلية التابعة له، حسب الأمم المتحدة. هل ينقصه تهجير شعبه؟ لا، أدت حرب دارفور إلى نزوح 2.8 مليون شخص، كما تسبّب القتال بعدها في ولاية جنوب كردفان بنزوح 1.4 مليون شخص، ولا نتحدّث عن ملايين أخرى في حرب جنوب السودان الممتدة قبل عهده.
هل ينقصه اغتصاب النساء؟ لا، تميّز نظام البشير بهذه الوسيلة الرهيبة، ووثقت تقارير دولية آلاف الحالات التي لم تتوقف أبداً. في تقرير لها في فبراير/ شباط 2015، وثقت "هيومان رايتس ووتش" 221 حالة اغتصاب، منهن قاصرات، بواقعة واحدة في قرية تابت في دارفور. التقرير مليء بالقصص الكابوسية. "اغتصبوا بناتي الثلاث"، "الضحية تعرّضت للاغتصاب بواسطة 11 جندياً".
ماذا عن قصف المستشفيات؟ وثقت "العفو الدولية" قصف 26 منشأة صحية في ولاية جنوب كردفان منذ 2011، ومن أصل أربعة مستشفيات في الولاية دمرت طائرات البشير اثنين تماماً.
تزوير الانتخابات؟ جاء البشير أصلاً بانقلاب عسكري عام 1989 ضد حكومة منتخبة ديمقراطياً يرأسها الصادق المهدي. ومن حينها لم يعقد أي انتخابات تعددية أصلاً، حتى عام 2010 الذي شهد أول انتخابات صورية في البلاد.
الإعلام والمجتمع المدني؟ سجل حافل جداً من إغلاق الصحف، ومقرّات المنظمات الحقوقية، واعتقال الصحفيين والحقوقيين، وآخر الحملات كانت في يناير/ كانون الثاني 2013.
الإعدامات؟ سجل حافل منها منذ اللحظة الأولى لنظامه، منذ إعدام رجل الأعمال مجدي محجوب عام 1989 بعد محاكمة عسكرية بتهمة "الاتجار بالعملة"، والدليل: 10 آلاف دولار بمنزله!
التعذيب حتى الموت؟ مئات الوقائع منذ اللحظة الأولى أيضاً، منذ موت الدكتور علي فضل تحت التعذيب عام 1990، بسبب مشاركته بتنظيم إضراب للأطباء.
هل تنقصه التصريحات الهزلية؟ لدى نظامه فائض منها، ليس آخرها اكتشاف الجيش السوداني علاجاً للإيدز في 2014!
التطرّف الديني؟ النظام يطبق مفهومه المتشدّد للشريعة الإسلامية بصرامة. في سبتمبر/ أيلول 2010، دافع البشير عن مقطع فيديو لفتاة تُجلد بالشارع، تردّد أن جريمتها ارتداء البنطلون، وقال إن هذه هي الشريعة.
ما يميّز نظام البشير نشأته المشوهة من الأساس، كان انقلابه من تحالف بين ضباط في الجيش وجماعة الإخوان المسلمين برئاسة حسن الترابي. أنتج تزاوج اللحية والكاب العسكري هذا المسخ. يسكت عنه الجميع، لأنهم يرون في نظامه جوانب منهم جميعاً. ما يميزه أيضاً أن أغلب ضحاياه غيرنا، سواء كانوا مسيحيين أو وثنيين، أو حتى مسلمين من أعراق أفريقية. دماء الأغيار دائماً أقل أهمية. كما أتقن رفع شعارات المقاومة والممانعة والعروبة، ومعها أيضاً الإسلامية والشريعة، وهذه بالطبع المعركة التي لا يمكن أن يعلو فوقها صوت البشر المقهورين.
إبّان إحالته إلى محكمة الجنائية الدولية في 2009، شهدنا وفود التضامن تتوالى، حكوميين ومعارضين، إسلاميين وقوميين، اختلفوا في بلادهم، واجتمعوا في الخرطوم. وبالطبع، هناك انتقادات حقيقية توجه إلى "الجنائية الدولية" التي لم تحقق مثلاً في جرائم حرب العراق، وكذلك للدور الغربي في جنوب السودان، لكننا، في المقابل، لم نسمع حرفاً عربياً واحداً يستنكر جرائم البشير، بل تضامناً كاملاً ضد تلفيق المنظمات الدولية، وهي المنظمات نفسها التي يستشهدون بتقاريرها الآن ضد بشار الأسد أو عبدالفتاح السيسي!
منذ نحو ثلاثين عاماً، يزور عمر البشير العواصم العربية، كأنه حاكم طبيعي جداً. لا ينادي أحد برحيل قائد الانقلاب، ولا يكتب نشطاء مواقع التواصل على وسم "كردفان تحترق". لا أصدقاء للشعب السوداني.