وأوضح المصدر، لـ"العربي الجديد"، أنّه "بعد الإجراءات التي اتخذت في حق الرئيس المعزول عمر البشير، فإنّ التحقيقات ستطاول رموزاً أخرى من النظام السابق".
وأكد المصدر صحة تقارير صحافية تحدّثت عن العثور على مبالغ ضخمة في منزل البشير، شملت أكثر من 351 ألف دولار وستة ملايين يورو، إضافة إلى خمسة ملايين جنيه سوداني، نافياً إجراء أي تحقيق مع البشير حتى الآن داخل مكان احتجازه.
غير أنّ المصدر أشار إلى أنّ بلاغين جنائيين حُرّكا ضدّ البشير، بتهم غسل الأموال وحيازة أموال من دون سند قانوني، مؤكداً أنّ التحقيق معه "سيتم في القريب العاجل".
من جهته، قال الوليد سيد أحمد محمود، النائب العام المكلف، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ "النيابة العامة ستنفّذ، بداية الأسبوع المقبل، خطة شاملة لإرساء دعائم العدل وسيادة حكم القانون".
وأوضح أحمد محمود الذي تسلّم مهامه، الخميس الماضي، بعد قرار من المجلس العسكري الانتقالي خلفاً للنائب العام السابق عمر أحمد، أنّ "الخطة تتضمّن محوراً خاصاً بإنشاء إدارة خاصة لتعقب جرائم الفساد، وكل الجرائم التي ارتُكبت خلال العهد السابق"، مفضلاً عدم التفصيل في مجمل الخطة.
وبالفعل، أصدر أحمد محمود، في وقت لاحق اليوم السبت، عدداً من القرارات ألغى بموجبها أمر تأسيس نيابة أمن الدولة، ونقل جميع أعضاء النيابة العاملين بها إلى رئاسة النيابة العامة.
كما أصدر قراراً آخر بإنشاء نيابة مكافحة الفساد برئاسة ياسر بشير بخاري، لنقل الدعاوى الجنائية التي كانت تباشرها نيابة أمن الدولة، إلى نيابة مكافحة الفساد.
وطلب بخطاب رسمي من جهاز الأمن والمخابرات الوطني، رفع حصانة عدد من المشتبه بهم من منسوبي الجهاز في مقتل المعلم أحمد الخير بمنطقة خشم القربة، شرقي السودان.
ووجه النائب العام المكلف باستعجال تكملة إجراءات التحرّي في الدعاوى الجنائية التي وقعت في الاحتجاجات والتظاهرات والأحداث الأخيرة، ورفع تقرير بشأنها خلال أسبوع.
وفي السياق ذاته، أصدر النائب العام قراراً بتكوين لجنة عليا للإشراف على التحري في بلاغات الفساد والمال العام والدعاوى الجنائية الخاصة بالأحداث الأخيرة، برئاسة رئيس نيابة عامة انتصار أحمد عبد العال، وعضوية ثلاثة من رؤساء النيابة العامة، ووكيل نيابة، وحدد سلطاتها واختصاصاتها، ووجه بضرورة أن يكون لهذه اللجنة خط ساخن لتلقي شكاوى المواطنين.
وأصدر قراراً بنقل أعضاء من النيابة العامة، أبرزهم رئيس نيابة عامة كمال الدين صالح الطاهر لتولّي نيابة الأموال العامة، ونقل وكيل أعلى نيابة فاطمة برهان الدين، المكلفة برئاسة نيابة الأموال العامة للنيابة الأعلى.
وفي وقت سابق اليوم السبت، ذكرت صحيفة "اليوم التالي" السودانية (خاصة)، أنّ وكيل النيابة الأعلى معتصم عبد الله محمود، أمر بتفتيش مقر إقامة البشير، وأشرف على العملية بواسطة فريق من القوات المسلحة والاستخبارات العسكرية.
وأوضحت أنّ عملية التفتيش أسفرت عن ضبط مبالغ مالية بلغت 351.770 دولاراً، و6.697 يورو، و5 ملايين جنيه سوداني، وهي أرقام هائلة مقارنة باقتصاد السودان، في ظل انعدام السيولة في البنوك طوال الأشهر الماضية.
وأشارت إلى أنّ وكيل النيابة أمر بإيداع المبالغ خزينة البنك المركزي، وأمر بتقييد دعوى تحت المادتين (5/6) من قانون النقد الأجنبي، والمادة (35) من قانون غسل الأموال.
وبحسب المصدر ذاته، فإنّ النيابة أصدرت أمراً بالقبض على الرئيس المعزول توطئة لاستجوابه، وإحالة البلاغ بأقرب فرصة للمحكمة.
في الأثناء، طلبت السلطات من أسرة البشير، بحسب الصحيفة المحلية نفسها، نقل ممتلكاتها من "بيت الضيافة" مقر الإقامة السابق.
وأفادت أنّ ابن أخت البشير، ويدعى مصعب، أشرف على نقل الأثاث بسيارات أحضرها خصيصا لإنجاز المهمة، نقلت بعض الأثاث وحقائب الملابس إلى منازل الأسرة في منطقة "كافوري" بالخرطوم بحري.
وفي 11 إبريل/ نيسان الجاري، أطاح الجيش السوداني البشير من الرئاسة، بعد ثلاثة عقود من حكمه البلاد، على وقع احتجاجات شعبية متواصلة منذ نهاية العام الماضي، بدأت احتجاجاً على غلاء الأسعار، ولا سيما الخبز، وتطورت إلى المطالبة بإسقاط النظام.
وشكّل الجيش مجلساً عسكرياً انتقالياً، وحدد مدة حكمه بعامين، وسط محاولات للتوصل إلى تفاهم مع أحزاب وقوى المعارضة التي تطالب بتشكيل حكومة مدنية، لإدارة المرحلة المقبلة.