وتعتبر الخطوة بادرة لفتح الباب من جديد لإقناع القوى المقاطعة للحوار، بالانضمام إليه، لا سيما بعد أن أعدت الوساطة الأفريقية خارطة الطريق النهائية، وهددت الأطراف التي رفضت التوقيع بـالعقوبات الدولية.
ويشهد مسرح الحوار الوطني، والذي أطلق لما يزيد من العامين حالة من الجمود، بعد أن فرغت لجان الحوار منذ فبراير/ شباط الماضي من إعداد التوصيات، دون أن تجتمع الجمعية العمومية للحوار لإجازتها، لتصبح أمراً واقعاً.
وفي وقت سابق، أكدت الحكومة في الخرطوم أن الحوار الذي تم في الخرطوم نهائي، وأنها لن تسمح بفتح حوار من جديد، بالنسبة للقوى الممانعة، لا سيما الحركات المسلحة وطالبتها بالانضمام له، مع فتح الباب للنظر في مقترحاتها.
وقبيل الاجتماعات، والتي ضمت زعيم حزب الأمة، الصادق المهدي، ورئيس الآلية الأفريقية ثامبو امبيكي، أثير كثير من الجدل حول لقاء المهدي وامبيكي، إذ اعتبر البعض اللقاء بمثابة محاولة لشق قوى نداء السودان، والتي تضم المعارضة المسلحة والسلمية، وسحب المهدي وإقناعه بالالتحاق بحوار الخرطوم، لا سيما أن الحكومة في الخرطوم تعمل جاهدة لضم المهدي. وعمدت إلى تأجيل الجمعية العمومية للحوار أكثر من مرة على أمل انضمام الرجل الذي ترى الحكومة في وجوده مع المعارضتين يكسبها قوة، لا سيما داخليا بالنظر لشعبية الصادق المهدي، وتأثيراته في المشهد السياسي عموماً.
وقال المستشار الصحافي لرئيس حزب الأمة، محمد زكي، في بلاغ صحافي الجمعة، إن امبيكي وافق على طلب المهدي بعقد اجتماع مع قوى "نداء السودان"، للوصول إلى اتفاق بشأن تحفظات المعارضة على خارطة الطريق.
وأكد أن المهدي قدم شروطا للتوقيع على الخارطة، من قبل قوى نداء السودان مجتمعة، بينها عقد مؤتمر تحضيري بمشاركة كافة قوى السودان، فضلا عن عدم الفصل بين حوار الخرطوم والحوار مع المعارضة، ولا يعد امتداد له إلى جانب الاتفاق على رئاسة محايدة للحوار، وألا تؤول للرئيس السوداني عمر البشير، كما هو الحال الآن، وذكر أن قوى نداء السودان سترسل خطابا لامبيكي بشأن تحفظاتها.
كذلك لفات إلى أنّ "المهدي أبلغ امبيكي أن عدم التوقيع على الخارطة، لا يعني عدم الاعتراف بما فيها من إيجابيات أو تقدير أهدافها".
وأشار أيضاً إلى أن المهدي أبلغ الوسيط الأفريقي بخيار الانتفاضة الشعبية، فضلا عن اتساع مطالب الشعب نحو نظام جديد عبر الحوار، وذكر أن امبيكي أفاد بتلبية خارطة الطريق لأهم مطالب قوى نداء السودان، الممثلة في الوقف الشامل لإطلاق النار، وكفالة الإغاثة الإنسانية بمناطق العمليات، فضلا عن الاعتراف بالجبهة الثورية التي "تضم الحركات المسلحة"، وحزب الأمة كفريق مشترك في الحوار الوطن.
ووفقا لمصادر، فإن تنسيقاً تم بين الصادق وحلفائه في نداء السودان، لا سيما الحركات المسلحة التي تقاتل الحكومة في جنوب كردفان والنيل الأزرق وولايات دارفور، لتبني موقفا موحدا يمثل تلك القوى في لقاء امبيكي، وهو ذات الموقف الذي حملته حركتا العدل والمساواة وتحرير السودان جناح مني أركو مناوي، في اجتماعهم الأسبوع الماضي بالوساطة الأفريقية، والذي هدف أيضا لإحياء الحوار، وبحث إمكانية توقيع تلك القوى على خارطة الطريق، باعتبارها أساساً.
ووفق المراقبين، فإن اللقاءين فشلا بسبب تمترس المعارضة بمواقفها، والتي قادت لرفضها خارطة الطريق خاصة، وأنها تجاهلت تماما المؤتمر التحضيري الذي أقره الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن، ورفضته حكومة الخرطوم، وينتظر أن يضع المؤتمر التحضيري رؤية متكاملة للحوار بما فيها هيكلته وأجندته.
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي، محجوب محمد صالح، إن دعوة الوساطة للمهدي تعني أن الآلية تبحث عن مخرح للورطة التي أدخلت نفسها فيها، عندما رفض رئيسها امبيكي الاستمرار في نقاش تحفظات المعارضة على الخارطة واعتبر الوثيقة التي وقعت عليها الحكومة في الخريطة بشكل منفرد بمثابة نهاية المطاف.
ويذكر أن "امبيكي وقتها إشار إلى عدم رغبته في الحديث مع المعارضة مرة أخرى، ما يعني أن الرجل بدأ في إعادة النظر في موقفة، لكنه بدا انتقائيا فطالما أنه مستعد لفتح الملف لمزيد من التفاوض كان ينبغي أن يوجه الدعوة للمعارضين الذين شاركوا في الجولة الأخيرة، أسوة بالمهدي".
وأضاف "كان الأفضل أن يجتمع بالجميع ليسترد الثقة التي فقدها في الجولة الأخيرة، لا سيما أن المهدي بالتأكيد سينقل لحلفائه ما يدور في اللقاء، وأن أي قرار سيصدر عن ذلك التحالف مجتمعا".
وبدأت قوى غربية تحركات أخيرا في محاولة لتفعيل عملية الحوار الوطني، والوصول لتسوية سياسية بين الفرقاء السودانيين لإنهاء حالة الاستقطاب السياسي والحرب الأهلية هناك.