السمنة تُهدّد أطفال الإمارات

15 نوفمبر 2014
مطاعم الوجبات السريعة تنتشر في الإمارات (مروان النعماني/فرانس برس)
+ الخط -

في أثناء تجوّلك في المراكز التجاريّة في الإمارات العربيّة المتحدة، تصادف أطفالاً ومراهقين كثرا يعانون زيادة الوزن أو السمنة. هؤلاء يتنفسون ويتحرّكون بعصوبة.

لم تعد هذه المشكلة محصورة بقلّة في البلاد، بل هي ظاهرة آخذة في التمدّد وسط انتشار مطاعم الوجبات السريعة وإقبال المواطنين عليها.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قد كشفت في أحدث تقرير لها حول الموضوع أن "40 في المائة من الأطفال في الإمارات يعانون السمنة، حتى باتت من أكثر الدول التي ترتفع فيها نسبة البدانة، بخاصة لدى الأطفال والمراهقين".

وقد قدّرت "اليونيسف" نسبة زيادة الوزن لدى الذكور الذين تتجاوز أعمارهم 15 عاماً بـ 66.9 في المائة، فيما ترتفع لدى الإناث (من الفئة نفسها) لتصل إلى 71.6 في المائة. أما البدانة، فبلغت نسبتها 21 في المائة لدى الذكور، و33 في المائة لدى الإناث.

من جهته، يؤكد راشد الذي يعاني ابنه السمنة وأمراضاً كثيرة، على أن "معظم المواد الغذائيّة في المدارس تفتقر إلى الفحص المخبري. هي تأتي من مصادر متنوّعة، وبالتالي لا تخضع للمراقبة. لذلك، نطالب الهيئات الصحيّة بمراقبة هذه الأغذية، خصوصاً وأن المدارس تلجأ عادة إلى استيراد المواد الغذائيّة الرخيصة من أجل تحقيق أعلى نسبة من الأرباح".

وهنا يقول مسؤول في قسم التغذية في مستشفى الكندي التخصصي - رفض الكشف عن اسمه - إن "أسباب تفشي السمنة بين الأطفال والمراهقين مردّه إلى العادات الغذائية السيئة بنسبة 95 في المائة، بخاصة الوجبات السريعة المضرّة الغنيّة بالسعرات الحراريّة والدهون والأملاح، بالإضافة إلى المشروبات الغازيّة المشبعة بالسكريات". يضيف: "ولأن ما من رقابة عليها، فهذا يؤدي إلى أمراض كثيرة".

وفي أحدث تقرير لها حول الموضوع، كشفت منظمة الصحة العالميّة أن "الإمارات تحتل المرتبة الأولى في قائمة الدول التي تعاني أمراض السمنة، مع نسبة 19.5 في المائة، تليها السعودية مع 16.7 في المائة. وتحتلّ البحرَين المرتبة الثالثة مع نسبة 15.2 في المائة، ومن ثم الكويت مع 14.4 في المائة، وبعدها عُمان مع 13.1 في المائة".

ويقول أحد الأطباء العاملين في مركز الورقاء الطبي إن "ارتفاع مؤشّر معدلات السمنة في الإمارات، وخصوصاً بين الأطفال، يعدّ إحدى القضايا الصحيّة الملحّة. فهؤلاء أكثر عرضة من سواهم للإصابة بمشاكل صحيّة مزمنة مستقبلاً كالسكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم". ويشدّد على "ضرورة تغيير العادات الغذائيّة، واعتماد أسلوب حياة صحي جديد لضمان مستقبلهم".

وتسعى مؤسّسات "الضمان" الصحي إلى إيجاد الحلول اللازمة لهذه المشكلة الصحيّة التي تهدّد حياة الإماراتيّين. وتشير إحدى هذه المؤسسات، بعدما أجرت دراسة على عينات عشوائيّة (950 تلميذاً وتلميذة تتراوح أعمارهم بين 8 و11 عاماً)، إلى أن 459 من المشاركين مصابون بالسمنة المفرطة. لذلك، دقّت المنظمات الصحيّة ناقوس الخطر، بعدما كثرت في الآونة الأخيرة عمليات تصغير المعدة بهدف إنقاص الوزن وتفادي أمراض السكري والقلب والضغط.

وتعتبر عمليات تصغير المعدة بمختلف تقنياتها، من العمليات التي شاعت مؤخراً في المستشفيات الإماراتيّة. لكن الذين يلجأون إليها سواء من الشباب أو من كبار السنّ، لا يفعلون إلا بعد فشل الطرق الأخرى، من حميات ورياضة.

ونتيجة إقبال المواطنين والمقيمين في البلاد على هذه العمليات الجراحيّة، فتحت بعض مستشفيات دبي أبوابها أمام الأطباء المتخصصين الزائرين الذين يقضون فترات محدّدة لإجراء هذه الجراحات أو تزويد زملائهم المحليّين بالخبرة.

يقول المثل الشائع: "درهم وقاية خير من قنطار علاج". لكن معظم الناس لا يتبعونه، بسبب العادات الغذائيّة السائدة وثقافة الطعام. وتشير هنا المواطنة ميرة إلى أن ثقافة الطعام في الإمارات ترتبط بالثقافة العائليّة والتربية المدرسيّة في آن واحد. هما مسؤولتان عن السمنة، وكذلك الإعلانات التي تستغلّ جميع وسائل الإعلام والتواصل من أجل الترويج عن مطاعم الوجبات السريعة. ويتفاقم الأمر مع سهولة ومجانيّة توصيل تلك الوجبات في بلد الخدمات".

من جهتها تقول ميثاء التي تدرس الطب إن "الجلوس أمام التلفاز أو الحاسوب أو أجهزة الاتصال الحديثة الأخرى، يعوّق حركة الإماراتيّين أكثر فأكثر". وتلفت إلى أن "انتشار مرض السكري الذي تصل نسبته في الإمارات إلى 20 في المائة، يعود إلى السمنة المفرطة هنا".
المساهمون