الوضع المعيشي المتدهور من جهة وفقدان الوعي لدى عامة الباكستانيين حول الأمراض المعدية من جهة ثانية، يؤديان إلى تزايد في عدد المصابين بمرض السلّ سنوياً. ولأنّ عدد المراكز المتخصصة في معالجة السلّ في باكستان محدود، فإنّ كثيرين يقضون نتيجة هذا المرض العضال.
وتفيد إحصاءات رسمية أخيرة بأنّ نحو نصف مليون شخص في باكستان يصابون بالسل سنوياً، في حين يقلّ عدد المصابين بهذا المرض على مستوى العالم، وذلك بعد تطوّر العلاج والاهتمام بالقضاء عليه. وتشير الإحصاءات نفسها إلى أنّ باكستان هي الخامسة على مستوى العالم في ما يتعلق بعدد الإصابات، على الرغم من التشدد الذي تبديه الحكومة الباكستانية في هذا السياق، ووعودها المتكررة بمعالجة المرض وتوفير الأدوية في كل المستشفيات الحكومية، بالإضافة إلى خططها لجعل الفحوصات الخاصة بهذا المرض في متناول الجميع وفي كل المستشفيات مجاناً.
إلى ذلك، ثمّة مرضى كثيرون غير مسجّلين في المراكز الحكومية، الأمر الذي يشير إلى أنّ عدد المصابين يفوق ما جاء في الإحصاءات الحكومية. وبحسب تلك الإحصاءات، فإنّ في إقليم خيبر بختونخوا شمالي غرب البلاد، يصاب سنوياً أكثر من 60 ألف شخص، عدد كبير منهم يسكن في المناطق الفقيرة والنائية، حيث المستشفيات الحكومية قليلة، ومستوى الوعي لدى أهلها شبه معدوم.
اقــرأ أيضاً
في السياق، يقول الطبيب عبد النصير دراني إنّ "المشكلة الأساسية ليست في توفير العلاج وتشخيص المرض في المدن، إذ إنّ ذلك مؤمّن في كل المستشفيات الحكومية، لكنّ المعضلة هي في أنّ المواطن لا يحضر للفحص ولا يقبل العلاج إلا في وقت متأخر". يضيف دراني: "المشكلة هي في أنّ 60 في المائة من المصابين بمرض السل لا يعرفون أنّهم كذلك إلا بعدما يعييهم المرض. فلا فحوصات دورية في هذه البلاد، بالتالي فإنّ المريض قد ينقل العدوى إلى نحو 15 شخصاً سنوياً، من دون أن يعرف بإصابته". ويتابع دراني أنّ "ثمّة مشكلة أساسية أخرى، إذ إنّ الحكومة تصرف بالتعاون مع المجتمع الدولي ميزانية ضخمة لتوفير العلاج، من دون أن تملك أيّ خطة أو آلية لرفع مستوى وعي المواطن. وهكذا، نجد مراكز علاج السلّ في المدن، لكنّها غير مقصودة".
أمّا في القرى والأرياف، فالمشكلة مختلفة تماماً، إذ تفتقر تلك المناطق إلى مراكز علاج ومستشفيات، بالإضافة إلى أنّ مستوى الوعي لدى سكانها متدنّ حول هذا الموضوع، لا سيّما المناطق التي ضربتها موجات حرب مثل المناطق القبلية. وثمّة عائق آخر هو أنّ الناس في القرى والأرياف ما زالوا ينفرون من المصابين بالسل، بالتالي نرى الواحد منهم وهو يتحاشى الخضوع للفحوصات اللازمة للكشف عن المرض.
ويقول، في هذا الإطار، صلاح الدين خان، الذي يتابع دراسته في الطب في بيشاور، إنّ "الأعراف من جهة، والأحوال السائدة من جهة ثانية، تؤثران على كل قطاعات الحياة في منطقة القبائل". يضيف أنّ "عدد المراكز الطبية والمستشفيات ليس كافياً، وهو أمر تتحمّل مسؤوليته الحرب التي شهدتها تلك المنطقة. كذلك فإنّ مستوى الوعي ضعيف جداً لدى الأهالي الذين ما زالوا ينفرون من المصابين ببعض الأمراض، ومنها مرض السل. وبالتالي، فإنّ عدم الخضوع للفحوصات والكشف عن المرض مبكراً، يجعل العلاج صعباً".
من جهته، يقول مسؤول إدارة مكافحة مرض السل في إقليم خيبر بختونخوا، الدكتور مقصود علي خان، إنّ "الحل الأساسي إلى جانب اهتمام الحكومة، هو التنسيق بين القطاعين العام والخاص. فالأخير لا يهتم كثيراً بالأمراض المعدية". ويشير إلى أنّ "الحكومة بدأت بتدريب الأطباء في القطاع الخاص، ووقّعت اتفاقيات مع مستشفيات خاصة، فتقبل المستشفيات الحكومية بموجبها جميع المرضى الذين تحوّلهم المستشفيات الخاصة إليها، وتقدّم لها الفحوصات والعلاج مجاناً".
ولا تختلف الحال في إقليم بلوشستان، فيقول مسؤول إدارة مكافحة السل المحلي، الدكتور سلطان لهري، إنّ "الأرقام المسجلة تشير إلى إصابة نحو 27 ألف شخص سنوياً بمرض السل في الإقليم، على الرغم من جهود الحكومة الحثيثة في هذا الشأن". ويلفت لهري إلى أنّ "54 مركزاً خاصاً تعمل في الإقليم لعلاج السلّ، بالإضافة إلى توفير العلاج والفحص مجاناً في كل المستشفيات الحكومية"، موضحاً أنّ "ما بين 600 و900 مصاب بالمرض يحضرون إلى المراكز الحكومية لتلقي العلاج وهي تقدّمه لهم مجاناً".
اقــرأ أيضاً
الفحم والمخدرات
يوضح مسؤول إدارة مكافحة السل في إقليم بلوشستان، الدكتور سلطان لهري، أنّ "مناجم الفحم تكثر هنا، وأن العاملين فيها بمعظمهم يصابون بمرض السل، إذ لا يملكون وعياً كاملاً بشأن الوقاية منه". يضيف أنّ "إدمان المخدرات سبب آخر لتفشّي المرض، إذ إنّ المدمن ينقله إلى آخرين من دون أن يدري".
وتفيد إحصاءات رسمية أخيرة بأنّ نحو نصف مليون شخص في باكستان يصابون بالسل سنوياً، في حين يقلّ عدد المصابين بهذا المرض على مستوى العالم، وذلك بعد تطوّر العلاج والاهتمام بالقضاء عليه. وتشير الإحصاءات نفسها إلى أنّ باكستان هي الخامسة على مستوى العالم في ما يتعلق بعدد الإصابات، على الرغم من التشدد الذي تبديه الحكومة الباكستانية في هذا السياق، ووعودها المتكررة بمعالجة المرض وتوفير الأدوية في كل المستشفيات الحكومية، بالإضافة إلى خططها لجعل الفحوصات الخاصة بهذا المرض في متناول الجميع وفي كل المستشفيات مجاناً.
إلى ذلك، ثمّة مرضى كثيرون غير مسجّلين في المراكز الحكومية، الأمر الذي يشير إلى أنّ عدد المصابين يفوق ما جاء في الإحصاءات الحكومية. وبحسب تلك الإحصاءات، فإنّ في إقليم خيبر بختونخوا شمالي غرب البلاد، يصاب سنوياً أكثر من 60 ألف شخص، عدد كبير منهم يسكن في المناطق الفقيرة والنائية، حيث المستشفيات الحكومية قليلة، ومستوى الوعي لدى أهلها شبه معدوم.
في السياق، يقول الطبيب عبد النصير دراني إنّ "المشكلة الأساسية ليست في توفير العلاج وتشخيص المرض في المدن، إذ إنّ ذلك مؤمّن في كل المستشفيات الحكومية، لكنّ المعضلة هي في أنّ المواطن لا يحضر للفحص ولا يقبل العلاج إلا في وقت متأخر". يضيف دراني: "المشكلة هي في أنّ 60 في المائة من المصابين بمرض السل لا يعرفون أنّهم كذلك إلا بعدما يعييهم المرض. فلا فحوصات دورية في هذه البلاد، بالتالي فإنّ المريض قد ينقل العدوى إلى نحو 15 شخصاً سنوياً، من دون أن يعرف بإصابته". ويتابع دراني أنّ "ثمّة مشكلة أساسية أخرى، إذ إنّ الحكومة تصرف بالتعاون مع المجتمع الدولي ميزانية ضخمة لتوفير العلاج، من دون أن تملك أيّ خطة أو آلية لرفع مستوى وعي المواطن. وهكذا، نجد مراكز علاج السلّ في المدن، لكنّها غير مقصودة".
أمّا في القرى والأرياف، فالمشكلة مختلفة تماماً، إذ تفتقر تلك المناطق إلى مراكز علاج ومستشفيات، بالإضافة إلى أنّ مستوى الوعي لدى سكانها متدنّ حول هذا الموضوع، لا سيّما المناطق التي ضربتها موجات حرب مثل المناطق القبلية. وثمّة عائق آخر هو أنّ الناس في القرى والأرياف ما زالوا ينفرون من المصابين بالسل، بالتالي نرى الواحد منهم وهو يتحاشى الخضوع للفحوصات اللازمة للكشف عن المرض.
ويقول، في هذا الإطار، صلاح الدين خان، الذي يتابع دراسته في الطب في بيشاور، إنّ "الأعراف من جهة، والأحوال السائدة من جهة ثانية، تؤثران على كل قطاعات الحياة في منطقة القبائل". يضيف أنّ "عدد المراكز الطبية والمستشفيات ليس كافياً، وهو أمر تتحمّل مسؤوليته الحرب التي شهدتها تلك المنطقة. كذلك فإنّ مستوى الوعي ضعيف جداً لدى الأهالي الذين ما زالوا ينفرون من المصابين ببعض الأمراض، ومنها مرض السل. وبالتالي، فإنّ عدم الخضوع للفحوصات والكشف عن المرض مبكراً، يجعل العلاج صعباً".
من جهته، يقول مسؤول إدارة مكافحة مرض السل في إقليم خيبر بختونخوا، الدكتور مقصود علي خان، إنّ "الحل الأساسي إلى جانب اهتمام الحكومة، هو التنسيق بين القطاعين العام والخاص. فالأخير لا يهتم كثيراً بالأمراض المعدية". ويشير إلى أنّ "الحكومة بدأت بتدريب الأطباء في القطاع الخاص، ووقّعت اتفاقيات مع مستشفيات خاصة، فتقبل المستشفيات الحكومية بموجبها جميع المرضى الذين تحوّلهم المستشفيات الخاصة إليها، وتقدّم لها الفحوصات والعلاج مجاناً".
ولا تختلف الحال في إقليم بلوشستان، فيقول مسؤول إدارة مكافحة السل المحلي، الدكتور سلطان لهري، إنّ "الأرقام المسجلة تشير إلى إصابة نحو 27 ألف شخص سنوياً بمرض السل في الإقليم، على الرغم من جهود الحكومة الحثيثة في هذا الشأن". ويلفت لهري إلى أنّ "54 مركزاً خاصاً تعمل في الإقليم لعلاج السلّ، بالإضافة إلى توفير العلاج والفحص مجاناً في كل المستشفيات الحكومية"، موضحاً أنّ "ما بين 600 و900 مصاب بالمرض يحضرون إلى المراكز الحكومية لتلقي العلاج وهي تقدّمه لهم مجاناً".
الفحم والمخدرات
يوضح مسؤول إدارة مكافحة السل في إقليم بلوشستان، الدكتور سلطان لهري، أنّ "مناجم الفحم تكثر هنا، وأن العاملين فيها بمعظمهم يصابون بمرض السل، إذ لا يملكون وعياً كاملاً بشأن الوقاية منه". يضيف أنّ "إدمان المخدرات سبب آخر لتفشّي المرض، إذ إنّ المدمن ينقله إلى آخرين من دون أن يدري".