لم تعد مداخل المجلس التشريعي الفلسطيني مفتوحة على مصراعيها، فقد تم إغلاق الأبواب الحديدية الكبيرة وإبقاء فسحة صغيرة بالكادة تتسع لشخص واحد، وأمام نظرات عشرات من رجال الشرطة يسرع المرء بالدخول، بعد أن تتأكد عناصر الشرطة أنه ليس أمين عام المجلس التشريعي، إبراهيم خريشة.
ويعكس حصار عناصر الشرطة للمجلس التشريعي والسيطرة على بواباته، الوضع القائم في الضفة الغربية حيث تغولت السلطة التنفيذية على بقية السلطات، وتحديداً التشريعية وبات أمين عام التشريعي ممنوعاً من الدخول لمقر المجلس بقوة الشرطة.
وقالت مصادر في المجلس التشريعي لـ"العربي الجديد"، إن "عناصر الشرطة بدأت بحصار مبنى التشريعي والتواجد على مداخله، في ما يشبه الحاجز الأمني منذ مساء أمس الثلاثاء"، مضيفة أن "أمن المجلس التشريعي ذهبوا للتحدث معهم واستيضاح الأمر، فجاء الجواب أن الهدف من تواجدهم هو منع خريشة من الدخول لمقر المجلس، حتى لو اضطروا أن يستخدموا القوة ضده".
ولم يجد موظفو التشريعي أمامهم صباح اليوم الأربعاء سوى الإضراب والاعتصام في ساحة التشريعي؛ احتجاجاً على محاصرة المجلس من قبل الشرطة.
ودعت هيئة الكتل والقوائم البرلمانية في التشريعي في بيان إلى سحب قوات الشرطة فوراً من مداخل المجلس ومحيطه، معبرة عن "استهجانها لتطويق مبنى المجلس من قبل الشرطة لأن في ذلك مساس بحصانة المجلس".
وجاء في بيان القوائم والكتل البرلمانية الذي قرأه رئيس كتلة حركة "فتح" البرلمانية، عزام الأحمد، أن "إبراهيم خريشة الأمين العام للمجلس التشريعي قد تم تعيينه في مهمته هذه بالانتخاب من قبل المجلس، وأن المجلس التشريعي وحده هو المخول بالبت في استمراره في منصبه".
وأضاف: "تؤكد الهيئة ضرورة احترام مبدأ الفصل بين السلطات وإعادة النظر في أي إجراءات تنتهك هذا المبدأ؛ باعتبارها تتنافى مع بنود وروح القانون الأساسي، وقد قررت هيئة الكتل والقوائم المتابعة مع سيادة الرئيس لمعالجة الأمر بكافة جوانبه".
ولعل الجملة الأخيرة في البيان هي العقدة، أو كما يقول الفلسطينيون "بيت القصيد"، لأن الخلاف بالأصل بين الرئيس محمود عباس، وإبراهيم خريشة، الذي عقد مؤتمراً صحافياً بعد اعتقال رئيس النقابة العمومية، بسام زكارنة، محملاً السلطة التنفيذية المسؤولية، وطالب بـ "حماية الحريات النقابية وعدم تغول السلطة التنفيذية".
وقال خريشة في حينه: "لن نسمح لهذه الحكومة المستجدة الطارئة بأن تقيد شعبنا وحرياته، ولن نسمح لرامي الحمد الله أن يدير هذا البلد كما يدير جامعة النجاح الوطنية، وهذا ما يجب أن يعرفه الحمد الله أولاً قبل وزرائه، وسيرون ما لا يمكن أن يتوقعوه من هذا الشعب والذي يرفض مبدأ أن يطوّع وأن يركع تحت أي مبدأ كان".
كما دعا خريشة "إلى إعلان الإضراب التضامني لموظفي المجلس التشريعي مع ضرورة التواجد في خيمة الاعتصام في ساحة المجلس التشريعي".
وأفادت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن مساء ذلك اليوم في الثالث عشر من نوفمبر/تشرين الثاني الذي عقد فيه خريشة المؤتمر الصحافي، هاتفه الرئيس عباس طالباً منه: أن "يذهب للسجن بقدميه"، الأمر الذي رفضه خريشة واعتصم ليلتها في التشريعي، لتنفرج الأزمة مؤقتاً ببيان للكتل البرلمانية وإطلاق سراح زكارنة والنقابيين.
لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، حيث تناقلت أوساط رسمية خبرا مفاده أن عباس قام بنقل خريشة بشكل تعسفي من منصبه الذي انتخب فيه من قبل المجلس التشريعي، إلى وظيفة آخرى في ديوان الموظفين، ما يخالف قوانين المجلس التشريعي التي تؤكد أن
أمين عام المجلس التشريعي يتم تعيينه في منصبه بالانتخاب، والمجلس التشريعي وحده من يملك حق إقالته أو نقله.
ورغم أن قرار خريشة لم يصل إلى خريشة نفسه أو إلى المجلس التشريعي، إلى أن أحد نواب التشريعي أكد لـ"العربي الجديد" الاطلاع على نسخة قرار النقل التي كانت بحوزة رئيس كتلة "فتح" البرلمانية، عزام الأحمد.
وجاء فيها: "السيد إبراهيم خريشة بناءً على طلبك فقد تقرر نقلك إلى ديوان الموظفين"، ما يطرح السؤال البديهي التالي إن كان خريشة من طلب النقل في مخالفة لقانون المجلس التشريعي، فلماذا تحاصر قوات الشرطة الفلسطينية المجلس التشريعي بحثاً عنه؟