29 ديسمبر 2014
السلطات الفلسطينية.. لتجاوز التباعد والانفصال
أثبتت السلطات الفلسطينية المسؤولة في الضفة الغربية وقطاع غزة فشلها في القدرة على إنجاز التوافق، على الرغم من ضروراته، ونجاحها، في المقابل، في استمرار التباعد وزيادته فيما بينها، على الرغم من مآسيه الراهنة والمستقبلية، واستمرار التعامي عن الضرورات التي تفرض الوحدة بأي شكل من أشكالها، كما تستدعي ذلك القراءات المعمقة في الوقائع الراهنة والضرورات المستجدة، وما تفرضه أو تدفع إليه للذهاب إلى أبعد، نحو إدخال تغييرات وأنظمة بنيوية في أساليب التفكير والحكم ومناهجهما.
مع مرور عام على تشكيل حكومة التوافق الفلسطينية، أعلن في رام الله رسمياً، وقبلها في غزة واقعياً من حركة حماس، عن فشل هذه الحكومة فيما كلفت به ووجدت من أجله، وأعلن، في الوقت نفسه، عن العزم على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تشارك فيها مختلف الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمها حركتا فتح وحماس، بإشراف منظمة التحرير، الأمر الذي استدعى عودة التراشق بالاتهامات والاشتراطات المتقابلة، والتي تنسف إمكانية الاتفاق على حكومة وحدة، بعد فشل ما هو أقل منها (حكومة توافق من مستقلين)، الأمر الذي يوحي أن الحكومة الحالية قد تستمر إلى أجل غير مسمى، حكومة تصريف أعمال، إلى أن يتم الاتفاق على حكومة جديدة، أو أن تدفع التطورات نحو اجتراح صيغ حكم جديدة، أكثر قدرة على تلبية متطلبات الوقائع الجديدة.
يطرح فشل حكومة التوافق مجدداً مزيداً من الأسئلة عن أسباب هذا الفشل وانعكاساته، وعن مآلات اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وعن الواقع الانقسامي الذي يزداد استفحالاً، سنة بعد أخرى، وضرورات استيعابه، وسبل التعاطي معه، والخروج منه بأقل خسائر ممكنة، وبأفضل ما هو ممكن لاستمرار المشروع الوطني الفلسطيني ونهوضه، وتحقيق أهدافه.
قدمت "حماس" حكومتها على مذبح المصالحة، عندما قبلت بحلها في غزة، على أمل أن تقوم حكومة التوافق بمهامها، في حل ما يعانيه القطاع من أزمات، وفي مقدمها رفع الحصار وإعادة الإعمار وإدماج من عينتهم حكومة حماس موظفين في سلك موظفي السلطة، إلا أن شيئاً من ذلك لم يتحقق، وحتى الزيارات التي قام بها رئيس حكومة التوافق وعدد من الوزراء للقطاع كانت تبدو زيارات تقوم بها وفود حكومية عربية أو أجنبية، أو زيارات استطلاع واستقصاء.
وبعيداً عن القليل الذي أنجزته، والكثير الذي لم تنجزه حكومة التوافق في عام، بقي اتفاق المصالحة من دون تنفيذ، الأمر الذي انعكس سلباً على الحكومة نفسها، وأظهر الاتفاق وكأنه كان بمثابة ممر في اتجاه واحد: حل حكومة حماس، وأبقى على كل القضايا الأخرى التي نص عليها اتفاق المصالحة معلقةً، في انتظار أن تعصف بها وتذروها رياح قد تهب في أي لحظةٍ، من هنا أو هناك.
يحتاج تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على القيام بمهامها، وبما يحقق انفراجات فعلية، وتقدم باتجاه تحقيق الأهداف المرجوة، إلى مؤتمر وطني فلسطيني كبير، وإلى برنامج وطني، تصوغه مختلف الفصائل والقوى والشخصيات الوطنية القادرة على تفعيل مختلف الهيئات والمؤسسات القيادية الفلسطينية، الرسمية والشعبية، وقادرة على إرساء الأسس لهيئات ومؤسسات وأنظمة وقوانين جديدة، تأخذ في الاعتبار الوقائع الفلسطينية المستجدة، وسبل توظيفها في خدمة الأهداف الوطنية.
وفي انتظار ذلك، الأزمات التي يعانيها قطاع غزة لن تحلها حكومة توافق، أو حكومة وحدة، تقوم بزيارات استطلاعية أو سياحية للقطاع، وربما كان الحل حكومة، أو سلطة محلية مقيمة فيه قادرة على استيعاب وحل تلك الأزمات.
ثمة حقائق كثيرة لا بد من التوقف عندها، وأخذها في الاعتبار والتعامل معها بجدية، في مقدمها التباعد الجغرافي الفاصل بين الضفة والقطاع، الأمر الذي يفرض نفسه لجهة انعدام التواصل السهل. ويضاف إلى ذلك مرور أعوام طويلة على الانقلاب الذي قامت به حركة حماس في القطاع، واستمرار الانقسام السياسي والتنظيمي وتبلوره، وما تبع ذلك من إخراج للقطاع من دائرة نفوذ السلطة الفلسطينية وتأثيرها، وما تعرض له القطاع خلال هذه السنوات من اعتداءات إسرائيلية، الأمر الذي أوجد ما يمكن وصفه بعلاقة خاصة بين حماس والقطاع، تحرص حماس على وجوب مراعاتها، وأخذها في الاعتبار.
ذلك كله وكثير مما يصعب حصره هنا، قد يكون مدعاة للتفكير في البحث عن صيغة جديدة لنظام الحكم، وقد تكون الصيغة الفيدرالية، كلها أو بعضها، هي الأمثل، بحيث يتاح تشكيل حكومة أو سلطة محلية في الضفة وأخرى في القطاع، وفوقهما حكومة مركزية سيادية، مع إمكانية وجود مجلس تشريعي، أو برلمان خاص بالضفة، وآخر في القطاع، وفوقهما مجلس تشريعي فيدرالي.
كثيرة هي الدول التي تعتمد نظام الحكم الفيدرالي، ومعظمها دول قائمة على أرض متصلة غير منفصلة، كما الحال الراهن للضفة والقطاع، واللذين تفصل بينهما دولة معادية لكل منهما وتعمل على مواصلة احتلالهما والاستيطان فيهما، ومنع الفلسطينيين من إقامة دولة ذات سيادة عليهما.
وقد تكون الصيغة الفدرالية الأفضل راهناً، بسبب التباعد الجغرافي والسياسي وغيره، وقد تكون، في الوقت نفسه، الدواء الأنسب لمعالجة داء الانقسام والحيلولة دون استمراره، ودون الوصول به إلى انفصال يقود إلى سلطتين ودولتين، كما حل قبل عقود في باكستان عندما كانت شرقية وغربية تفصل بينهما الهند، ما قاد لاحقاً إلى انفصال الشرقية عن الغربية، وتأسيس دولة بنغلاديش.
مع مرور عام على تشكيل حكومة التوافق الفلسطينية، أعلن في رام الله رسمياً، وقبلها في غزة واقعياً من حركة حماس، عن فشل هذه الحكومة فيما كلفت به ووجدت من أجله، وأعلن، في الوقت نفسه، عن العزم على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تشارك فيها مختلف الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمها حركتا فتح وحماس، بإشراف منظمة التحرير، الأمر الذي استدعى عودة التراشق بالاتهامات والاشتراطات المتقابلة، والتي تنسف إمكانية الاتفاق على حكومة وحدة، بعد فشل ما هو أقل منها (حكومة توافق من مستقلين)، الأمر الذي يوحي أن الحكومة الحالية قد تستمر إلى أجل غير مسمى، حكومة تصريف أعمال، إلى أن يتم الاتفاق على حكومة جديدة، أو أن تدفع التطورات نحو اجتراح صيغ حكم جديدة، أكثر قدرة على تلبية متطلبات الوقائع الجديدة.
يطرح فشل حكومة التوافق مجدداً مزيداً من الأسئلة عن أسباب هذا الفشل وانعكاساته، وعن مآلات اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وعن الواقع الانقسامي الذي يزداد استفحالاً، سنة بعد أخرى، وضرورات استيعابه، وسبل التعاطي معه، والخروج منه بأقل خسائر ممكنة، وبأفضل ما هو ممكن لاستمرار المشروع الوطني الفلسطيني ونهوضه، وتحقيق أهدافه.
قدمت "حماس" حكومتها على مذبح المصالحة، عندما قبلت بحلها في غزة، على أمل أن تقوم حكومة التوافق بمهامها، في حل ما يعانيه القطاع من أزمات، وفي مقدمها رفع الحصار وإعادة الإعمار وإدماج من عينتهم حكومة حماس موظفين في سلك موظفي السلطة، إلا أن شيئاً من ذلك لم يتحقق، وحتى الزيارات التي قام بها رئيس حكومة التوافق وعدد من الوزراء للقطاع كانت تبدو زيارات تقوم بها وفود حكومية عربية أو أجنبية، أو زيارات استطلاع واستقصاء.
وبعيداً عن القليل الذي أنجزته، والكثير الذي لم تنجزه حكومة التوافق في عام، بقي اتفاق المصالحة من دون تنفيذ، الأمر الذي انعكس سلباً على الحكومة نفسها، وأظهر الاتفاق وكأنه كان بمثابة ممر في اتجاه واحد: حل حكومة حماس، وأبقى على كل القضايا الأخرى التي نص عليها اتفاق المصالحة معلقةً، في انتظار أن تعصف بها وتذروها رياح قد تهب في أي لحظةٍ، من هنا أو هناك.
يحتاج تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على القيام بمهامها، وبما يحقق انفراجات فعلية، وتقدم باتجاه تحقيق الأهداف المرجوة، إلى مؤتمر وطني فلسطيني كبير، وإلى برنامج وطني، تصوغه مختلف الفصائل والقوى والشخصيات الوطنية القادرة على تفعيل مختلف الهيئات والمؤسسات القيادية الفلسطينية، الرسمية والشعبية، وقادرة على إرساء الأسس لهيئات ومؤسسات وأنظمة وقوانين جديدة، تأخذ في الاعتبار الوقائع الفلسطينية المستجدة، وسبل توظيفها في خدمة الأهداف الوطنية.
وفي انتظار ذلك، الأزمات التي يعانيها قطاع غزة لن تحلها حكومة توافق، أو حكومة وحدة، تقوم بزيارات استطلاعية أو سياحية للقطاع، وربما كان الحل حكومة، أو سلطة محلية مقيمة فيه قادرة على استيعاب وحل تلك الأزمات.
ثمة حقائق كثيرة لا بد من التوقف عندها، وأخذها في الاعتبار والتعامل معها بجدية، في مقدمها التباعد الجغرافي الفاصل بين الضفة والقطاع، الأمر الذي يفرض نفسه لجهة انعدام التواصل السهل. ويضاف إلى ذلك مرور أعوام طويلة على الانقلاب الذي قامت به حركة حماس في القطاع، واستمرار الانقسام السياسي والتنظيمي وتبلوره، وما تبع ذلك من إخراج للقطاع من دائرة نفوذ السلطة الفلسطينية وتأثيرها، وما تعرض له القطاع خلال هذه السنوات من اعتداءات إسرائيلية، الأمر الذي أوجد ما يمكن وصفه بعلاقة خاصة بين حماس والقطاع، تحرص حماس على وجوب مراعاتها، وأخذها في الاعتبار.
ذلك كله وكثير مما يصعب حصره هنا، قد يكون مدعاة للتفكير في البحث عن صيغة جديدة لنظام الحكم، وقد تكون الصيغة الفيدرالية، كلها أو بعضها، هي الأمثل، بحيث يتاح تشكيل حكومة أو سلطة محلية في الضفة وأخرى في القطاع، وفوقهما حكومة مركزية سيادية، مع إمكانية وجود مجلس تشريعي، أو برلمان خاص بالضفة، وآخر في القطاع، وفوقهما مجلس تشريعي فيدرالي.
كثيرة هي الدول التي تعتمد نظام الحكم الفيدرالي، ومعظمها دول قائمة على أرض متصلة غير منفصلة، كما الحال الراهن للضفة والقطاع، واللذين تفصل بينهما دولة معادية لكل منهما وتعمل على مواصلة احتلالهما والاستيطان فيهما، ومنع الفلسطينيين من إقامة دولة ذات سيادة عليهما.
وقد تكون الصيغة الفدرالية الأفضل راهناً، بسبب التباعد الجغرافي والسياسي وغيره، وقد تكون، في الوقت نفسه، الدواء الأنسب لمعالجة داء الانقسام والحيلولة دون استمراره، ودون الوصول به إلى انفصال يقود إلى سلطتين ودولتين، كما حل قبل عقود في باكستان عندما كانت شرقية وغربية تفصل بينهما الهند، ما قاد لاحقاً إلى انفصال الشرقية عن الغربية، وتأسيس دولة بنغلاديش.