السلطات التونسية حائرة أمام تكرار حوادث نقل عاملات الفلاحة

16 يونيو 2020
تعرض سيارة تنقل عاملات لحادث مروري بالقيروان (تويتر)
+ الخط -

تحوّل ملف حوادث العاملات في المجال الفلاحي، في تونس إلى معضلة عجزت أمامها الحكومات المتعاقبة، فرغم الحلول القانونية والإجراءات الاجتماعية لم تتوقف أزمة هذه الفئة ومعاناتها جراء طرق النقل العشوائية، وظروف العمل الهشة.

واستفاق التونسيون اليوم الثلاثاء على حادث مرور مروع في محافظة القيروان، وسط غرب البلاد، نجم عنه وفاة كهل وإصابة 16 آخرين من العاملات والعاملين في القطاع الفلاحي بجروح متفاوتة، نقلوا على إثرها لتلقي العلاج في المستشفى الجهوي، وسط حالة هلع وذعر كبيرين.

ووقع الحادث فجر الثلاثاء، في الطريق بين "عين جلولة" و"الوسلاتية" التابعة لمحافظة القيروان، وسط غرب البلاد، وأكدت الإدارة الجهوية للحماية المدنية بالجهة مقتل مرافق سائق الشاحنة متأثراً بجروحه، وأصيب 13 عاملة و3 عمال في القطاع الفلاحي بجروح متفاوتة الخطورة..

ويعيش محيط المستشفى، ومدينة" الوسلاتية" حالة من الهلع والاحتقان في صفوف الأهالي، الذين توافدوا بأعداد غفيرة للاطمئنان على جرحى الحادث ومصابيه.

وشهدت محافظة سيدي بوزيد، حادثة مماثلة الأسبوع الماضي حيث تعرضت 11 عاملة في المجال الفلاحي، إلى إصابات جراء تصادم بين سيارتين، بالإضافة إلى عشرات الحوادث اليومية في مختلف محافظات البلاد، وما زال التونسيين يعيشون على وقع الفاجعة، التي هزت الرأي العام الوطني بمقتل 13 شخصا من بينهم 12 عاملة، وسائق الشاحنة التي تقلهم في سيدي بوزيد.

وفي تعليقها على الحادثة، دعت وزيرة شؤون المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن والمتحدثة الرسمية باسم الحكومة، أسماء السحيري، إلى اتخاذ حلول عاجلة وسريعة تقوم على مبدأ التشاركية، ومنها مراقبة عمليات النقل العشوائي لعاملات الفلاحة، وردع المخالفين لشروط سلامة نقلهن، والحرص على عدم إفلاتهم من العقاب.

وأضافت السحيري، في تصريح صحافي، أنه ستكون هناك حلول لهذه الإشكاليات قبل نهاية العام 2020.

وبدا الارتباك على وزيرة المرأة عند إجابتها عن سؤال، حيّر الحكومات المتعاقبة، عن إيجاد حلول لمعضلة تأمين عاملات الفلاحة من دون توقفهن عن العمل، الذي يمثل مورد رزقهن الوحيد وسط حالة التهميش والفقر التي تعانين منها.

وبالرغم من مصادقة البرلمان التونسي على مبادرة قانون، اقترحه حزب النهضة في مايو/ أيار 2019، لتنظيم "صنف نقل العملة الفلاحيين" وإنهاء النقل العشوائي في الأرياف التونسية، من خلال توفير حماية قانونية للنساء العاملات في المجال الفلاحي من مخاطر هذه الحوادث، إلا أن هذا القانون بقي حبراً على ورق دون تفعيل أو متابعة حكومية.

وتفاقمت معاناة عاملات الفلاحة أخيراً، بسبب الوضع الاجتماعي المتردي لأغلبهن والذي تعزز بسبب توقف أجورهن خلال جائحة كورونا، وهو ما يفسر، بحسب الخبراء، قبولهن ظروف العمل غير اللائق ومخاطر النقل العشوائي.

كما أن البرنامج الحكومي "احميني"، الذي أطلقته حكومة يوسف الشاهد بعد الحوادث العام الماضي، بهدف إدماج النساء العاملات في الفلاحة في منظومة الضمان الاجتماعي وإدخالهن تحت سقف الرعاية الصحية، لم يجن ثماره لعدة أسباب، من بينها نفور المشغلين وأرباب العمل الفلاحي، من الانخراط في المنظومات الجبائية والالتزامات الحكومية، بسبب ضعف مردودية القطاع الفلاحي.

وحذر المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، في بلاغات متواترة، من خطورة الوضع الاجتماعي للمرأة الريفية، وخصوصاً العاملات في المجال الفلاحي بسبب تكرر الحوادث، والتي ينجم عنها عشرات الإصابات والوفيات في صفوف هذه الفئة الهشة والمهمشة بسبب ظروف النقل والعمل غير اللائقة.

وأكد المنتدى، في تقاريره الإحصائية، أن نسب الوفيات السنوية في صفوف العاملات في المجال الفلاحي، تتراوح بين 8 و10 قتلى سنوياً، فيما تتجاوز عدد الإصابات 500 إصابة في صفوف هذه الفئة، وحمّل اتحاد الفلاحين السلطات التونسية مسؤولية التمادي في تجاهل ملف النقل الفلاحي، وعدم اكتراثها بما يخلفه من فواجع ومآسٍ.

دلالات
المساهمون