10 نوفمبر 2024
السقوط نحو اليمين
يصرّح المرشح الديمقراطي، بيرني ساندرز، بأنه سيدعم هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة الأميركية، ضد دونالد ترامب صاحب فرضية "أن سياسة الانعزال عن المسلمين والعرب ستكون وحدها كفيلة بتوفير الملاذ الآمن للمجتمع الأميركي من الهجمات الإرهابية".
على الرغم من اشمئزاز بعض المثقفين وأصحاب الرأي من وصول ذي التصريحات المتطرفة إلى المنافسة على حكم البلاد، إلا أن ذلك لا يغيّر من الأمر كثيراً، فوقائع الانتخابات تدعم ترامب بقوة، ما يعني أنه ليس المتطرّف الوحيد في أكبر دول العالم. ويبدو أن النظريات عن عداءٍ سيتحول إلى صراع بين "الغرب والآخرين"، وهي التي كتب عنها صموئيل هنتغتون في مقالته "صدام الحضارات" المنشورة عام 1993، وأعيد الاعتبار لها بعد حدث تفجير برجي التجارة العالميين في الولايات المتحدة، ليست بعيدةً عن فكر الأميركيين.
في إسرائيل، يتخلى نتنياهو عن جناحه المكون من أحزابٍ يساريةٍ في حكومته، ويتقلص تأثير حزبَي العمل وكاديما لصالح اليمين "الوسط"، ويتشكّل ائتلافٌ يُتوقع أن يكون أكثر تشددّاً في السياسة الخارجية، لأنه يشمل يهوداً أكثر تديّناً.
على الطرف الآخر من المتوسط، في البلاد التي يحكمها الفكر الليبرالي، تتعالى أصوات مسؤولين، حقّقوا نجاحاتٍ في انتخابات البلديات والبرلمان، بشعارات الانغلاق على النفس.
تترفع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، عن الأصوات الرافضة سياسة "الباب المفتوح" التي تبنتها، وسجلت بموجبها مليون لاجئ في ديسمبر/ كانون الأول 2015. وعلى الرغم من المظاهرات الضخمة التي قام بها ألمان تعاطفوا مع اللاجئين، فقد تلقت حركات احتجاجية على الحكومة، مثل "بيغيدا"، دعماً من أحزابٍ عريقة، كالقومي الألماني الذي أنعش تطرفه وجود عدد ضخم من اللاجئين قصدوا ألمانيا.
يصف القائمون على الحركات أنفسهم بـ"الضحية"، ويدعون إلى حماية البلاد من اللاجئين والأجانب، وقد لاقت هذه التشكيلات صدىً مهماً على صفحات الميديا في ألمانيا، وكسبت ملايين المهتمين.
في السياق نفسه، تخسر زعامات يسارية في فرنسا رئاسة بلدياتٍ لصالح حزب الجبهة الوطنية الفرنسي اليميني، وتعكس انتصارات اليمين يأس نسبةٍ كبيرةٍ من الفرنسيين من سياسات بلادهم، حيث وصفت جان مارين لوبان تقدّم حزب الجبهة الوطنية بزعامتها بالنصر الكاسح، عندما ضاعف نتائجه أربع مرات عمّا كان عليه الأمر في انتخابات 2009.
يخشى اليمينيون في أوربا تحوّلها إلى "أوروبا ضدهم"، فيما لو استمرت السياسات المنفتحة على الآخر، ونجد دلالاتٍ صريحة عن هذا التخوف في تصريحات مسؤولين في فنلندا والدنمارك وسويسرا.
يأخذ اليمين شكله المنفرد في بريطانيا، وتجلى ذلك في عبارات زعماء الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، قبل الاستفتاء، لكن معظم الحركات اليمينية الأوروبية تحبذ التعامل مع أوروبا كتلة واحدة متجانسة، وتؤيد استمرار الانغلاق في وجه غير الأوربيين، وقد تشكلت دعواتٌ لإنشاء أحزاب يمينية على مستوى القارة، تؤثر على القرارات التي يتخذها الاتحاد في الشؤون الاقتصادية والعسكرية، منها ما أنشئ بالفعل، حيث تزعمت ماري لوبان نفسها ائتلافاً، يضم سبعة أحزاب أوروبية من النمسا وبلجيكا وإيطاليا، ستظهر تأثيراته على قراراتٍ كثيرة للاتحاد لاحقاً.
ترتفع في أكثر دول العالم رقياً وحداثةً أصواتٌ تقول بعنصريةٍ غير ملتبسة: "لا نريد المختلف"، وتنزوي قيم تدعو، بغالبيتها، إلى السمو بالإنسان فوق الجانب الشرير من طبيعته، أسّس عليها الغرب دولَه فيما بعد الثورات الأوروبية، ويتعزّز انصياع أفرادٍ لحب الذات ضمن حالةٍ مصلحيةٍ لا تهتم بمشاقّ الآخر غير المشابه.
تتعالى، في عصر الانفتاح، أصوات غربية لتسوير دولها بأسلاكٍ شائكة، تمنع امتزاج أي مختلف بهم، ويزداد إحباط المتضرّرين من الحروب، وتتشكّل ظروف أكثر خصوبةً لتضخم تطرّف إسلامي مقابل، تُقدَّم له أدوات شديدة الفاعلية، يُدعِّم بها تطرفه، ويجذب مريديه إلى إسلامٍ ينكفئ على نفسه، ويعادي الجميع، ويستلهم قادة تنظيماته، من أحداث طازجة في الغرب، دعواتهم لشباب، غير منزَّه بالضرورة، إلى الالتحاق بهم، ويُرسم للعالم مشهدٌ ينحرف بشدة نحو اليمين.
على الرغم من اشمئزاز بعض المثقفين وأصحاب الرأي من وصول ذي التصريحات المتطرفة إلى المنافسة على حكم البلاد، إلا أن ذلك لا يغيّر من الأمر كثيراً، فوقائع الانتخابات تدعم ترامب بقوة، ما يعني أنه ليس المتطرّف الوحيد في أكبر دول العالم. ويبدو أن النظريات عن عداءٍ سيتحول إلى صراع بين "الغرب والآخرين"، وهي التي كتب عنها صموئيل هنتغتون في مقالته "صدام الحضارات" المنشورة عام 1993، وأعيد الاعتبار لها بعد حدث تفجير برجي التجارة العالميين في الولايات المتحدة، ليست بعيدةً عن فكر الأميركيين.
في إسرائيل، يتخلى نتنياهو عن جناحه المكون من أحزابٍ يساريةٍ في حكومته، ويتقلص تأثير حزبَي العمل وكاديما لصالح اليمين "الوسط"، ويتشكّل ائتلافٌ يُتوقع أن يكون أكثر تشددّاً في السياسة الخارجية، لأنه يشمل يهوداً أكثر تديّناً.
على الطرف الآخر من المتوسط، في البلاد التي يحكمها الفكر الليبرالي، تتعالى أصوات مسؤولين، حقّقوا نجاحاتٍ في انتخابات البلديات والبرلمان، بشعارات الانغلاق على النفس.
تترفع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، عن الأصوات الرافضة سياسة "الباب المفتوح" التي تبنتها، وسجلت بموجبها مليون لاجئ في ديسمبر/ كانون الأول 2015. وعلى الرغم من المظاهرات الضخمة التي قام بها ألمان تعاطفوا مع اللاجئين، فقد تلقت حركات احتجاجية على الحكومة، مثل "بيغيدا"، دعماً من أحزابٍ عريقة، كالقومي الألماني الذي أنعش تطرفه وجود عدد ضخم من اللاجئين قصدوا ألمانيا.
يصف القائمون على الحركات أنفسهم بـ"الضحية"، ويدعون إلى حماية البلاد من اللاجئين والأجانب، وقد لاقت هذه التشكيلات صدىً مهماً على صفحات الميديا في ألمانيا، وكسبت ملايين المهتمين.
في السياق نفسه، تخسر زعامات يسارية في فرنسا رئاسة بلدياتٍ لصالح حزب الجبهة الوطنية الفرنسي اليميني، وتعكس انتصارات اليمين يأس نسبةٍ كبيرةٍ من الفرنسيين من سياسات بلادهم، حيث وصفت جان مارين لوبان تقدّم حزب الجبهة الوطنية بزعامتها بالنصر الكاسح، عندما ضاعف نتائجه أربع مرات عمّا كان عليه الأمر في انتخابات 2009.
يخشى اليمينيون في أوربا تحوّلها إلى "أوروبا ضدهم"، فيما لو استمرت السياسات المنفتحة على الآخر، ونجد دلالاتٍ صريحة عن هذا التخوف في تصريحات مسؤولين في فنلندا والدنمارك وسويسرا.
يأخذ اليمين شكله المنفرد في بريطانيا، وتجلى ذلك في عبارات زعماء الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، قبل الاستفتاء، لكن معظم الحركات اليمينية الأوروبية تحبذ التعامل مع أوروبا كتلة واحدة متجانسة، وتؤيد استمرار الانغلاق في وجه غير الأوربيين، وقد تشكلت دعواتٌ لإنشاء أحزاب يمينية على مستوى القارة، تؤثر على القرارات التي يتخذها الاتحاد في الشؤون الاقتصادية والعسكرية، منها ما أنشئ بالفعل، حيث تزعمت ماري لوبان نفسها ائتلافاً، يضم سبعة أحزاب أوروبية من النمسا وبلجيكا وإيطاليا، ستظهر تأثيراته على قراراتٍ كثيرة للاتحاد لاحقاً.
ترتفع في أكثر دول العالم رقياً وحداثةً أصواتٌ تقول بعنصريةٍ غير ملتبسة: "لا نريد المختلف"، وتنزوي قيم تدعو، بغالبيتها، إلى السمو بالإنسان فوق الجانب الشرير من طبيعته، أسّس عليها الغرب دولَه فيما بعد الثورات الأوروبية، ويتعزّز انصياع أفرادٍ لحب الذات ضمن حالةٍ مصلحيةٍ لا تهتم بمشاقّ الآخر غير المشابه.
تتعالى، في عصر الانفتاح، أصوات غربية لتسوير دولها بأسلاكٍ شائكة، تمنع امتزاج أي مختلف بهم، ويزداد إحباط المتضرّرين من الحروب، وتتشكّل ظروف أكثر خصوبةً لتضخم تطرّف إسلامي مقابل، تُقدَّم له أدوات شديدة الفاعلية، يُدعِّم بها تطرفه، ويجذب مريديه إلى إسلامٍ ينكفئ على نفسه، ويعادي الجميع، ويستلهم قادة تنظيماته، من أحداث طازجة في الغرب، دعواتهم لشباب، غير منزَّه بالضرورة، إلى الالتحاق بهم، ويُرسم للعالم مشهدٌ ينحرف بشدة نحو اليمين.