السعوديّة: سجال أولى عمليّات "داعش"

26 نوفمبر 2014
تشكيك بجدوى برنامج تأهيل الموقوفين في السجون (فرانس برس)
+ الخط -

يحظى البيان الأخير الصادر عن وزارة الداخليّة السعوديّة، والذي أغلقت بموجبه ملف "حادثة الأحساء"، التي قُتل فيها سبعة من المواطنين الشيعة مطلع الشهر الحالي في منطقة الأحساء، تزامناً مع إحياء ذكرى عاشوراء، بسلسلة من ردود الفعل في المجتمع السعودي. وفي حين يُجمع سعوديون على موقع "تويتر" على تأييد بيان وزارة الداخليّة، لكنّ بعضهم يسأل عن جدوى تطبيق برنامج "المناصحة"، لإعادة تأهيل الموقوفين، بعدما تبيّن أنّ عدداً كبيراً من الموقوفين في حادثة الأحساء، كانوا محكومين في سجون المملكة، في وقت سابق.

وكانت وزارة الداخلية السعوديّة، قد أعلنت على لسان المتحدّث الرسمي باسمها، اللواء منصور التركي، مساء الإثنين، "إيقاعها بشبكة ترتبط مباشرة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) خارج المملكة، وتتكّون من أربعة أفراد نفذوا العمليّة، بعد سرقة سيارة أحد المواطنين وقتله، وهم عبدالله بن سعيد آل سرحان، وخالد بن زويد العنزي، ومروان بن إبراهيم الظفر، وطارق بن مساعد الميموني".

ويكشف التركي أنّ "عدد المقبوض عليهم، في سياق الحملة الأمنيّة التي شنّتها الوزارة في أعقاب الحادثة، بلغ 77، على ارتباط بالشبكة الإجرامية"، لافتاً إلى أنّ "من بينهم 32 ممن سبق إطلاق سراحهم بعد انتهاء مدد محكوميتهم، علماً أنّ جميع المقبوض عليهم من المواطنين، باستثناء أربعة مقيمين من الجنسيّة السوريّة والأردنيّة والتركيّة، وآخر من حملة البطاقات" في إشارة إلى البدون.
وفي موازاة انتشار وسم (#بيان_وزارة_الداخلية)، على موقع تويتر، مرفقاً بتغريدات كثيرة داعمة لوزارة الداخلية، تساءل كثيرون عن جدوى تطبيق "برنامج المناصحة"، مع الموقوفين على ذمّة قضايا أمنيّة، والهادف إلى "إعادة تأهيل الموقوفين، وإزالة الشبهات وتصحيح الأفكار من خلال توفير المعارف الشرعيّة الصحيحة".
وفي سياق التعليقات، يستغرب الكاتب السعودي، مفرج بن شويه، كيف أنّ "البيان يوضح أن 47 من بين المقبوض عليهم، سبق وأطلق سراحهم بعد المناصحة"، لافتاً إلى "خلل كبير يجب الالتفات إليه من قبل الجهات المعنية". وتسجّل الكاتبة السعودية، مها الشهري، في تغريدة لها، أنّه اتضح من بيان "الداخليّة" أنّ "برنامج المناصحة بمثابة إعادة تدوير للإرهاب، بمعنى أنّه برنامج فاشل".

وفي السياق ذاته، توقف مغرّدون عند هويّة أحد المقبوض عليهم، وهو مروان بن إبراهيم الظفر، والذي حلّ ضيفاً على البرنامج المحلي "الثامنة" التلفزيوني المحلي مع داود الشريان، بعد عودته من العراق، في الثامن عشر من أكتوبر/تشرين الأول 2012، بعد انتهاء كامل محكوميته. وتحدّث الظفر، في الحلقة التي بُثّت في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، عمّا تعرّض له من معاملة كانت في مجملها وطوال فترة حبسه "سيئة"، وحملت الكثير من التعذيب والإهانة، على حدّ وصفه.
في المقابل، يبدي مغرّدون استغرابهم من البيان وردود الأفعال المؤيدة، باعتبار أنّ الأمر لم يكتسب صفة القطعية والثبوت في حالة المقبوض عليهم، لناحية التورّط في ارتكاب الجريمة أو ثبوت الاشتراك، بينما يجزم البيان بالتهم ويحمل صفات الإدانة، كما هو الحال مع ردود الأفعال المواكبة. ويغرّد الناشط السعودي، بهاء الدين آل غالب، في هذا السياق: "لا نحتاج لمحاكم، اتهام وإدانة وعقوبة في بيان واحد".

وكان زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية"، أبو بكر البغدادي، وفي تسجيل صوتي منسوب إليه، منتصف الشهر الحالي، أعلن تمدّد نشاط التنظيم داخل عدد من الدول العربية، بينها السعودية، التي أسماها "رأس الأفعى" و"معقل الداء". وتحدّث عن تعيينه قادة "أمراء" في تلك المناطق، التي حثّ المجموعات فيها على "مبايعتهم والقبول بهم"، محرّضاً إياها، في السعودية تحديداً، على "قتال الشيعة أولًا، ثم الأسرة المالكة، قبل الجنود الأميركيين والقواعد الأجنبيّة المتواجدة على أراضيها".
وتشنّ السعوديّة، منذ مطلع العام، حملة كبيرة ضد من سمّتهم "الجماعات الدينيّة والفكريّة المتطرفة"، على خلفيّة ما نُشر في الصحف ووسائل الإعلام الغربيّة، عن تورّط شباب سعوديين كثيرين بالقتال في المناطق المضطربة، وخصوصًا سورية، إضافة إلى اتهام الرياض، بالتورّط في دعم تنظيمات متشددة مثل "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم القاعدة، وتنظيم "الدولة الإسلامية".

ودفعت تلك الاتهامات إلى إصدار أمر ملكي، أوائل شهر فبراير/شباط الماضي، ينصّ على "عقوبة السجن لمدّة لا تقلّ عن 3 سنوات، ولا تزيد على 20 سنة بحقّ كل من يشارك في أعمال قتاليّة خارج المملكة... أو الانتماء للتيارات أو الجماعات الدينيّة أو الفكريّة المتطرفّة، أو المصنّفة كمنظمات إرهابيّة... أو تأييدها أو تبنّي فكرها أو منهجها... أو الإفصاح عن التعاطف معها... أو تقديم أي من أشكال الدعم لها... أو التحريض على شيء من ذلك، أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة". وفي شهر مارس/آذار الماضي، نشرت وزارة الداخلية السعودية قائمة هي الأولى من نوعها، في المملكة، تحدّد الجماعات المصنّفة كمنظّمات إرهابيّة. وتبع القائمة، أمر ملكي في يونيو/حزيران الماضي، نقلته وسائل الإعلام الرسمية، ورد فيه أنّ العاهل السعودي، وبعد اجتماعه مع مجلس الأمن الوطني، أمر "باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية مكتسبات الوطن وأراضيه، وأمن واستقرار الشعب السعودي الأبي".

المساهمون