السعوديون محرومون من شواطئهم

30 مايو 2016
المساحات ضيقة جداً على شواطئ جدة (Getty)
+ الخط -
ترتفع أسعار الشاليهات المستأجرة في السعودية إلى مبالغ خيالية لا يتمكن معظم المصطافين من تحملها. هؤلاء يطالبون باستعادة الشواطئ العامة وتمكين المواطن العادي من ارتيادها، وهي التي لم يبق منها غير مساحات صغيرة

على الرغم من أنّ السعودية تملك شواطئ هي الأطول عربياً، إلّا أنّ الأماكن التي يمكن قضاء وقت ممتع فيها قليلة إلى درجة أنّها غير كافية. كما تتحول في أوقات الإجازات إلى مناطق شديدة الازدحام، خصوصاً في المنطقة الشرقية، وجدة التي تقع غرباً.

يعاني سكان المناطق الساحلية الرئيسية في السعودية من تقلص الشواطئ الصالحة للنزهة، فيوماً بعد يوم تكثر الاستراحات والشاليهات الخاصة وحتى التجارية، وتلك المقتطعة لجهات حكومية على جوانب الشواطئ بمساحات كبيرة. وهو ما يترك للمواطن العادي مساحة ضيقة لا تتجاوز كيلومترين طولاً في مدينة الخبر (الشرقية)، وما يعادل نصفها في جدة. وهي مساحات لا تكفي مئات آلاف الباحثين عن رمال البحر.

قبل عشرة أعوام أصدرت وزارة الشؤون البلدية والقروية قراراً يمنع تمليك أو منح الأراضي الساحلية أو إصدار أي تراخيص للبناء على جميع الشواطئ في السعودية بعمق 400 متر على الأقل من الشاطئ. لكنّ هذا القرار لم يبصر النور على أرض الواقع حتى اليوم، وما زالت المنتجعات الخاصة تغزو الشواطئ شرقاً وغرباً، لتحوّلها إلى مقصد للأغنياء فقط.

ففي العزيزية، وهو الشاطئ الأكثر شعبية والأقرب إلى الخبر والدمام، تقلصت المساحات المتاحة للزائرين. وهو حال شاطئ نصف القمر (الخبر)، الذي بات حلم الحصول على كابينة خالية فيه مهمة بالغة الصعوبة. أما في جدة، فالوضع أكثر سوءاً، فعروس البحر الأحمر تعاني هي الأخرى من تقلص منطقة أبحر بدرجة كبيرة، حتى أنّ الكثير من سكان المدينة لا يفكرون في الذهاب إليه لازدحامه الشديد، فالمساحات الصغيرة المتبقية تعاني من الإهمال وتناثر المخلّفات التي تشوّه منظر البحر وتهدده بالتلوث.

تزداد المشكلة في أوقات الإجازات الرسمية، خصوصاً في الصيف، حيث يتضاعف عدد المصطافين. ويستغل أصحاب الشاليهات التجارية ذلك بمضاعفة أسعارها. ويصل الأمر إلى حدّ أنّ الشاليه من غرفتين فقط تبلغ أجرته اليومية 800 دولار أميركي. وهو ما يفوق طاقة كثير من السعوديين. يقول المواطن محمد الموسى: "الصيف الماضي حاولت أخذ عائلتي إلى شاليه خاص، لكنني فوجئت بأنّ أقل شاليه تبلغ أجرته 800 دولار، فيما تصل أجرة بعضها إلى 1500 دولار.. هذا الرقم كبير جداً، وللأسف هيئة السياحة لا تلزمهم بأسعار ثابتة، كما تفعل مع الفنادق".

يتهم الخبير في السياحة الدكتور فهد الرشيدي، أمانة المدن الساحلية بالتسبب في معاناة المواطنين. يقول لـ"العربي الجديد": "لدينا سواحل طويلة جداً، لكنّ الأمانات لا تطورها. كما أنّها تسمح باستحواذ كثير من الجهات الحكومية على شواطئ خاصة لموظفيها، مع أنّ هذه الشواطئ ملك لجميع السعوديين". يضيف: "هناك مناطق خضعت للتخطيط القديم وهي في الغالب ملكيات قديمة قبل التنظيم الجديد الذي يلزم بالابتعاد عن البحر 400 متر الصادر عام 2006".

يشدد الرشيدي على أنّ الوضع أصبح مأساوياً. ويطالب بتدخل سريع من وزارة الشؤون البلدية. يضيف: "لا بد من تطوير شواطئ جديدة. في المنطقة الشرقية هناك مساحات شاسعة بين مدينتي الخبر والدمام تصل إلى أكثر من 25 كيلومتراً مربعاً. ويمكن تطوير هذه المخططات وربط شاطئ الدمام بشاطئ الخبر بدلاً من تركه خرباً". يتابع: "الوضع في الشرقية أفضل بكثير من جدة التي تسيطر فيها الملكيات الخاصة والمنتجعات التجارية على الشواطئ. مثل هذه المناطق لا يجب أن تكون ملكاً خاصاً، بل يجب أن تكون متاحة للجميع. عندما تكون هناك عقود مع شركات خاصة يجب أن تجري مراقبة جادة على إيجارات الشاليهات، فلا تزيد عن 300 دولار. هذا الأمر كان موجوداً قبل ست سنوات، لكن أخيراً تضاعفت أسعار الشاليهات بشكل كبير جداً، وسط صمت من هيئة السياحة".

يخشى السعوديون أن يأتي يوم لا يجدون فيه متنفساً على البحر. لكنّ الناشط البيئي الدكتور أحمد العتيبي يتوقع أن يتحسن الوضع مع إنشاء "الهيئة العامة للترفيه" أوائل الشهر الجاري. مع ذلك، يتخوف من أن يكون الأوان قد فات. يقول لـ"العربي الجديد": "غزت المنتجعات الخاصة كلّ مكان في الشرقية وجدة، إلى درجة أنّ الشواطئ الحالية لا تكفي لـ10 في المائة من المصطافين. قد يكون الوضع مقبولاً في المنطقة الشرقية، لكنّه في جدة صعب للغاية". يضيف: "تنقسم جدة إلى ثلاث مناطق هي الحمراء والكورنيش وأبحر، والأخير هو الشاطئ الأساسي، لكن لا توجد فيه أماكن للجلوس إلا في منطقة صغيرة جداً". يتابع: "هناك مشاريع معطلة منذ أكثر من 12 عاماً، وهي تأخذ مساحة كبيرة من الشاطئ. لا يجب أن يُترك الأمر هكذا، لا بدّ من سحب هذه الأراضي من المستثمرين، وإعادتها إلى المواطنين".

دلالات