السعوديون الواردة أسماؤهم في الصفحات السرية لتحقيقات 11 سبتمبر

17 يوليو 2016
احتمال دخول العلاقات الأميركية-السعودية مرحلة جديدة (أندرو بورتون/Getty)
+ الخط -
بما أن 15 خاطفاً من منفذي هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، البالغ عددهم 19 شخصاً، هم سعوديون، فقد ركزت التحقيقات على معرفة كل من كان على صلة بهم أثناء وجودهم في الولايات المتحدة، لا سيما قبيل تنفيذ الهجمات. غير أنه تم حجب 28 صفحة من التقرير قبل نشر نتائجه، تحت مبرر الحرص على العلاقات مع الحكومة السعودية، كون الصفحات المشار إليها تتطرق إلى شبهات تحوم حول مواطنين سعوديين على صلة ببعض الخاطفين، فضلاً عن شبهات حول ارتباط بعضهم بالاستخبارات السعودية.

وعلى الرغم من أن الإفراج عن صفحات التقرير لم يكن كاملاً، إلا أنه تم الكشف عن أسماء عدد من المواطنين السعوديين. ومن اللافت أن تلك الأسماء كان تم تسريبها خلال السنوات التي تلت الهجمات، بل إن بعضهم تعرض للاعتقال. وبالتالي لم يعد هناك جدوى سياسية واضحة من إعلان الأسماء مجدداً، لا سيما مع اعتراف البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية بأن الصفحات السرية لم تثبت وجود صلة سعودية رسمية باعتداءات سبتمبر/ايلول 2001.

وعلى الأرجح أن لرفع السرية عن هذه الأوراق أهدافاً قانونية، إذ إن التسريبات في السابق لم تكن تعتبر دليلاً كافياً يمكن الاستناد إليه في المحاكم. أما إصدار الـ 28 صفحة رسمياً من قبل الكونغرس، فإنه يفتح الباب على مصراعيه لإعادة رفع قضايا التعويض التي فشلت سابقاً، لعدم وجود رابط بين الخاطفين السعوديين وأي موظف مهما كان صغيراً في الحكومة السعودية.

غير أن هناك من يعتقد بأن الهدف من رفع السرية عن هذه الصفحات في هذا التوقيت، يتمثل في إعادة تأكيد التذمر الوارد في معظم الصفحات عن عدم تعاون السعودية بما فيه الكفاية مع الولايات المتحدة في حربها على التطرف الديني. وهو ما ينذر، إن كان صحيحاً، بدخول العلاقات الأميركية-السعودية مرحلة جديدة سوف تترتب عليها استحقاقات جديدة. ولأن الأجهزة الأمنية الأميركية هي التي ترسم استراتيجية السياسة الخارجية، فإنها اختارت توقيتاً ذا دلالة في مرحلة انتقالية تمر بها الولايات المتحدة، بانتظار انتخاب رئيس جديد للبلاد. هذا التوقيت يمكن أن يعني أن الأجهزة الأمنية عازمة على تهيئة الأجواء للرئيس المقبل، وأن فتح مسار جديد في الحرب على التطرف قد يكون من أهم تداعياته توتير العلاقات مع الحليف السعودي أو استهدافه لأسباب بعضها واضح والبعض الآخر لا يزال مجهولاً.

المؤكد حالياً هو أن الصفحات الـ28 من التقرير حول اعتداءات 11 سبتمبر، ستلعب دوراً لا يمكن التقليل من شأنه في تحقيق أي هدف سياسي أو قضائي قد يكون مرسوماً للسنوات المقبلة. ومن شأن الكشف عن تلك الصفحات أن يعيد إلى دائرة الضوء مجدداً الأشخاص الستة الذين لا يتبوأ أي منهم أي منصب رفيع في السعودية وهم: عمر البيومي، وأسامة باسنان، ومحمد القضيعين، والشيخ الثنيري، ومحضار عبدالله ، وعبدالله بن لادن. وفي ما يلي لمحة عما ورد في التقرير الأميركي حول هؤلاء الأشخاص.


عمر البيومي
قالت التحقيقات إنه كان على صلة باثنين من الخاطفين السعوديين المشاركين في تنفيذ الهجوم على برجي مركز التجارة العالمي، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار. ولم ينكر البيومي هذه الصلة لكنه أنكر صلته بالمؤامرة، واعتبر أن صلته بالحازمي والمحضار كانت عابرة ولم تستمر سوى أسبوعين، أثناء تجاورهما في السكن بمجمع باركوود في حي كليرمونت ميسا بمدينة سان دييغو. ويوجد في الحي المشار إليه مسجد المدينة المنورة ومحلات عربية للتسوق، وهناك تعرف بيومي على المحضار والحازمي أو تعرفا عليه. وكان عمر البيومي حينها طالب ماجستير سابقاً في جامعة سان دييغو بولاية كاليفورنيا، لكن التقرير يرجح أنه ضابط استخبارات سعودي.

وعندما بدأت السلطات الأميركية بالبحث عن أفراد كان لهم صلة بمنفذي الهجمات تبين لها أن عمر بيومي غادر الأراضي الأميركية قبل الهجمات بأشهر متوجهاً إلى بريطانيا لدراسة الدكتوراة في جامعة استن بمدينة برمنغهام. فما كان من السلطات الأمنية الأميركية إلا أن طلبت من الشرطة البريطانية التحقيق مع بيومي وتفتيش منزله بعناية، وهو ما تم بالفعل. وفضلت لندن إرسال بعض الحاجيات التي ضبطتها في منزل بيومي إلى واشنطن للمزيد من الفحص، وكان من ضمن المضبوطات جواز سفر أميركي تابع لابنة بيومي الصغرى، المولودة في الولايات المتحدة. لكن السلطات الأميركية أعادت إليها جواز سفرها، كما أعيد إلى بيومي بعد سبعة أشهر جهاز الكومبيوتر والمضبوطات الأخرى التي ضبطت في منزله. وطلبت السلطات الأميركية من بيومي القدوم مرة أخرى إلى الولايات المتحدة ليكون شاهد إثبات، إلا أنه رفض ذلك بناء على نصيحة تلقاها من محاميته البريطانية.

أسامة باسنان
هو رجل أعمال سعودي اعتقل في سان دييغو مع زوجته بعد أحداث سبتمبر، وظل محتجزاً ما يقارب الثلاثة أشهر، بحجة مخالفته لقوانين الهجرة الأميركية. وجاء في التقرير أن باسنان المتزوج من سيدة فلسطينية تدعى ماجدة دويكات، قدم إلى الولايات المتحدة قبل أحداث سبتمبر لعلاج زوجته، وتعرف على عمر البيومي في مسجد حي كليرمونت ميسا بمدينة سان دييغو، كما ارتبطت زوجتاهما بعلاقة قوية. وتضمنت الوثائق الواردة في التقرير معلومات عن شيكات تلقتها زوجة البيومي من الأميرة هالة الفيصل، زوجة السفير السعودي السابق في واشنطن، الأمير بندر بن سلطان، لكن سرعان ما ورد تصحيح للمعلومة بأن الشيكات كانت معونة لزوجة باسنان. بيد أن زوجة البيومي حاولت إيداع تلك الشيكات في حسابها. وذكر التقرير أن باسنان كان مقرباً من البيومي، وكان على اتصال دائم مع الخاطفين، إذ كان يقطن في مجمع سكني في الشارع المقابل لهم في سان دييغو.


الشيخ الثميري
أقام الشيخ الثميري في لوس أنجلوس جنوبي ولاية كاليفورينا حوالى ست سنوات وكان يمثل وزارة الشؤون الإسلامية السعودية في الولايات المتحدة، ويعمل على تمويل بناء المساجد، وتدريب رجال الدين. واتهم التقرير الشيخ الثميري بالكذب على السلطات الأميركية وإنكار معرفته بعمر بيومي، على الرغم من أن تسجيلات هاتفية أظهرت وجود 21 مكالمة بينهما. وتشير التحقيقات إلى أن الحازمي والمحضار كانا يترددان على مسجد المدينة في وجود الثميري. وكانت التهمة الرئيسية للثميري هي مساعدتهما في ترتيب أمور السكن والمعيشة. وكشفت لجنة التحقيق عن أن الثميري كان على علاقة بالبيومي، والتقى به في فبراير/شباط 2000، قبل أن يلتقي الأخير بالخاطفين. واشتبه المحققون أن عمر بيومي تعرف على الحازمي والمحضار عن طريق الثميري.

محمد القضيعين
هو طالب دكتوراه احتجزه مكتب المباحث الفيدرالية الأميركية (إف بي آي) حوالي 100 يوم بموجب أمر اعتقال صادر من ولاية فرجينيا. وكان القضيعين اشتهر قبل ذلك في قضية تمييز عنصري رفعها ضد شركة طيران "أميركا وست"، بعدما منعه قائد إحدى طائرات الشركة من ركوب الطائرة قبل المغادرة في رحلة داخلية، بسبب توجيه أسئلة لإحدى المضيفات أثارت الريبة بأنه يريد اختبار إجراءات الأمن ومحاولة اقتحام غرفة قيادة الطائرة.

محضار عبدالله
ورد في التقرير أن محضار عبد الله كان يعمل مترجماً للخاطفين وساعدهم على فتح حسابات مصرفية والتواصل مع مدارس للطيران. وأقر عبدالله في تحقيقات عدة مع مكتب "إف بي آي"، أنه كان على دراية بوجهات النظر المتطرفة للخاطفين، لكنّه لم يكن يعرف ما الذي يخططون له. وذكرت لجنة التحقيقات أنه خلال البحث عن ممتلكاته، بعد هجمات 11 سبتمبر، عثر الـ"إف بي آي" على جهاز كمبيوتر محمول (تابع لشخص آخر) يحوي إشارات إلى طائرات تسقط من السماء، وقتل جماعي وخطف. وعندما اعتقل كشاهد أساسي بعد الهجمات، أعرب عبدالله عن تشفيه بما حدث للأميركيين قائلاً: "لقد جنت حكومتهم عليهم".

عبد الله بن لادن
هو الأخ غير الشقيق لأسامة بن لادن. كان مقيماً في كامبريدج بولاية ماساشوستس عندما وقعت هجمات سبتمبر، وكان عمره حينها 35 عاماً. ورغم موقف العائلة الرافض علناً لسلوك أسامة بن لادن، إلا أن المحققين الأميركيين عملوا على جمع المعلومات عن أفراد العائلة عبر جيرانهم.

وبعد الهجمات مباشرة، استشعر عبدالله بن لادن الخطر، على ما يبدو، فحاول توكيل المحامي الشهير في نيويورك، ستانلي أركن، إلا أن الأخير، شأنه شأن أحد خبراء العلاقات العامة، رفض التجاوب معه وأبلغ عنه مكتب التحقيقات الفدرالية.

وقبل انتهاء الأسبوع الأول الذي وقعت فيه الهجمات، قرر أفراد عائلة بن لادن المقيمين في أميركا جميعهم العودة إلى السعودية، حيث ساعدهم الأمير بندر بن سلطان، على المغادرة في وقت كان الطيران فيه لا يزال محظوراً في الأجواء الأميركية. وزعم تقرير الحادي عشر من سبتمبر أن عبدالله بن لادن كان يعمل في السفارة السعودية لدى واشنطن، لكن التحقيقات لم تخرج بأي تأكيدات لدور محدد تولى القيام به.


المساهمون