23 ابريل 2017
السعودية وإيران.. الحاجة إلى تخفيف التوتر
استعرضت إيران معداتها العسكرية، وسط تصريحات نموذجية وعالية النبرة لآيات الله. ومن بين العتاد العسكري الذي تم الحصول عليه، أخيراً، أنظمة صواريخ س-300، والتي تم الحصول عليها من روسيا التي تعتبر من أفضل أصدقاء رجال الدين في طهران. وقد كانت هناك صواريخ أخرى في العرض، لكن كفاءتها ونطاقها مشكوك فيهما للغاية.
طهران بصدد التفاوض مع كل من الروس والصينيين والهنود والبرازيليين للحصول على أحدث المعدات العسكرية، مثل الطائرات المقاتلة وطائرات هليكوبتر حربية ودبابات وغواصات وفرقاطات (سفن حربية). كما أنها تعمل مع روسيا لتحقيق مشاريع في الفضاء، ومن المتوقع أن ترسل قمراً صناعياً خاصا بها بغرض التجسس، على الأرجح. ولن يكون موقف حكام إيران إلا دفاعيا.
ولم يُتَرجَم التوتر الذي حدث بعد إعدام رجل الدين الشيعي السعودي، نمر النمر، ترجمة شاملة قد تُسفر عن مواجهة عسكرية، لأن طهران لم تكن في موقف قوة حينها. وليس العالم على أعتاب أزمة صواريخ أخرى إلى حدود الساعة. ومع ذلك، فقد وصلت كل من الرياض وطهران، في الوقت الحاضر، إلى أعلى مستوى من التوتر منذ الحرب بين إيران والعراق. و قبل 3 يناير/ كانون الثاني الماضي، كان البلدان قد قطعا العلاقات الدبلوماسية بينهما ما بين 1988 و1991. وحافظ كل منهما على علاقات العمل من خلال السفارات، حتى في عهد أحمدي نجاد الذي اتسم بحدّة نبرته. ومع رفع الأمم المتحدة العقوبات المتعلقة بالمخطط النووي ضد إيران، فإن هذا هو أفضل، وأيضا أسوأ وقت للوساطة. وفي حين أن نسب الشعور بالوطنية عالية في إيران، فإن نسبة الحذر في ذروتها في المعسكر الذي تقوده السعودية. والمثاليون فقط هم من يستطيعون توقع تحسن كبير في العلاقات بين البلدين في المستقبل القريب. وتستدعي البراغماتية اعتمادا عاجلا لبضعة تدابير لبناء الثقة، تهدف، في الأساس، إلى تجنب حرب شاملة بين إيران العربية السعودية. أولها أن الرياض اقترحت على طهران، في مارس/ آذار الماضي، تشكيل لجنة أمنية مشتركة، للنظر في القضايا ذات الاهتمام المشترك. ولم ترفض إيران الفكرة كليا، لكن الأحداث في سورية واليمن عرقلت التفاعل الجاد بين الخصمين. ومن شأن إنشاء مثل هذا المنتدى أن يوفر شكلا من أشكال آلية للاشتراك الثنائي في القضايا الشائكة. والثانية أنه ينبغي إعطاء الدبلوماسية فرصة، وعلى المسؤولين في كلا الجانبين أن يمارسوا أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع الوسائل غير الرسمية من الاتصالات لنقل الرسائل. حتى الآن، استُخدمت وسائل الإعلام الاجتماعية والصحافة الإلكترونية بكثرة في إلقاء التهديدات وإهانة قيادة الأشخاص والمعتقدات الأخرى. كما أن كلا
البلدين يحتاج قناة اتصالات كحدّ أدنى، خطاً ساخنا رسميا، لتجنب حرب عن طريق الخطأ. وعندها، لن يُعتبر أي هجوم شخصي لضابط عسكري متمرد شديد القومية، قائد البحرية أو طيار مقاتل على نظيره في الجهة المقابلة هجوماً من البلد المنافس. وعلى كلا الطرفين الاتفاق على وقف تنفيذ أحكام الإعدام على مواطني البلدين المعتقلين مسبقا أو المحكومين الجدد، وحتى على الجواسيس الذين اعتقلوا بعد أحداث الثاني من يناير.
وخامس هذه التدابير أنه يمكن كذلك لمنظمة التعاون الإسلامي أن تلعب دورا هنا، بتشكيل لجنة من وزراء الخارجية بغرض التفاوض في بلدٍ ثالث محايد. ويمكن للمحادثات التي ستتم بحضور فريق مختار من وزراء خارجية البلدان المسلمة أن تعقد إما في سويسرا أو النرويج أو ألمانيا. وأخيرا، يمكن لكلا البلدين أن يوظّفا التحضيرات المرتبطة بموسم الحج للإيرانيين ذريعة للبدء في علاقات دبلوماسية بسيطة المستوى. فمن الواضح أن العلاقات الواسعة النطاق لن تتم في الوقت الراهن.
وحتى مع اتخاذ هذه الخطوات، فقد يكون هناك خطر كبير لوقوع استفزازات أو إجراءات أو تصريحات تصعيدية في أثناء الخلاف الثنائي. والظاهر أن كلا من السعودية وإيران تفتقدان المقومات الكبرى للدخول في حرب مباشرة، غير أنهما انخرطا في حروب بالوكالة في اليمن والبحرين والعراق وسورية ولبنان. وإذا كان التحالف الذي تقوده السعودية يحارب الحوثيين في اليمن، فإن إيران استخدمت طرقاً حديثة لتوصيل معدات عسكرية متطورة لوكلائها في شبه الجزيرة العربية. وفي حين تتمركز الطائرات العسكرية السعودية في تركيا، فإن الحرس الثوري الإيراني والمرتزقة الشيعة يحاربون نيابة عن بشار الأسد في سورية.
وقد تزداد الأجواء سوءا إذا لم ينته القتال في اليمن، أو لم تتمكّن الأطراف المتنازعة من تجميد تقدمها. وفي حالة النزاع، يبقى كلا الجانبين ضعيفاً. على أنه لا أحد يمكنه أن يعمل بشكل اعتباطي، وأن ينهي الصراع من دون استجابةٍ متطابقة أو مذهلة إلى حد ما. وبالتالي، قد تردع ردود الفعل المتبادلة (العين بالعين) استعمال القوة العسكرية. ولإيران والسعودية مصالح اقتصادية في تخفيف حدة التوتر، في وقت تواصل كل منهما حروبهما بالوكالة في المنطقة. وفي حين أن إيران لم تعد متابعة بسبب العقوبات المتعلقة بمخططها النووي، فإن الرياض تواجه عجزاً مالياً خطيراً بسبب الإنتاج المفرط للنفط في السوق العالمية. ولذلك، لا واحدة من الدولتين يمكنها أن تتحمل تبعات حرب باردة، قد تكون لها، في نهاية المطاف، أضرار داخلية في الوضع الراهن.
طهران بصدد التفاوض مع كل من الروس والصينيين والهنود والبرازيليين للحصول على أحدث المعدات العسكرية، مثل الطائرات المقاتلة وطائرات هليكوبتر حربية ودبابات وغواصات وفرقاطات (سفن حربية). كما أنها تعمل مع روسيا لتحقيق مشاريع في الفضاء، ومن المتوقع أن ترسل قمراً صناعياً خاصا بها بغرض التجسس، على الأرجح. ولن يكون موقف حكام إيران إلا دفاعيا.
ولم يُتَرجَم التوتر الذي حدث بعد إعدام رجل الدين الشيعي السعودي، نمر النمر، ترجمة شاملة قد تُسفر عن مواجهة عسكرية، لأن طهران لم تكن في موقف قوة حينها. وليس العالم على أعتاب أزمة صواريخ أخرى إلى حدود الساعة. ومع ذلك، فقد وصلت كل من الرياض وطهران، في الوقت الحاضر، إلى أعلى مستوى من التوتر منذ الحرب بين إيران والعراق. و قبل 3 يناير/ كانون الثاني الماضي، كان البلدان قد قطعا العلاقات الدبلوماسية بينهما ما بين 1988 و1991. وحافظ كل منهما على علاقات العمل من خلال السفارات، حتى في عهد أحمدي نجاد الذي اتسم بحدّة نبرته. ومع رفع الأمم المتحدة العقوبات المتعلقة بالمخطط النووي ضد إيران، فإن هذا هو أفضل، وأيضا أسوأ وقت للوساطة. وفي حين أن نسب الشعور بالوطنية عالية في إيران، فإن نسبة الحذر في ذروتها في المعسكر الذي تقوده السعودية. والمثاليون فقط هم من يستطيعون توقع تحسن كبير في العلاقات بين البلدين في المستقبل القريب. وتستدعي البراغماتية اعتمادا عاجلا لبضعة تدابير لبناء الثقة، تهدف، في الأساس، إلى تجنب حرب شاملة بين إيران العربية السعودية. أولها أن الرياض اقترحت على طهران، في مارس/ آذار الماضي، تشكيل لجنة أمنية مشتركة، للنظر في القضايا ذات الاهتمام المشترك. ولم ترفض إيران الفكرة كليا، لكن الأحداث في سورية واليمن عرقلت التفاعل الجاد بين الخصمين. ومن شأن إنشاء مثل هذا المنتدى أن يوفر شكلا من أشكال آلية للاشتراك الثنائي في القضايا الشائكة. والثانية أنه ينبغي إعطاء الدبلوماسية فرصة، وعلى المسؤولين في كلا الجانبين أن يمارسوا أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع الوسائل غير الرسمية من الاتصالات لنقل الرسائل. حتى الآن، استُخدمت وسائل الإعلام الاجتماعية والصحافة الإلكترونية بكثرة في إلقاء التهديدات وإهانة قيادة الأشخاص والمعتقدات الأخرى. كما أن كلا
وخامس هذه التدابير أنه يمكن كذلك لمنظمة التعاون الإسلامي أن تلعب دورا هنا، بتشكيل لجنة من وزراء الخارجية بغرض التفاوض في بلدٍ ثالث محايد. ويمكن للمحادثات التي ستتم بحضور فريق مختار من وزراء خارجية البلدان المسلمة أن تعقد إما في سويسرا أو النرويج أو ألمانيا. وأخيرا، يمكن لكلا البلدين أن يوظّفا التحضيرات المرتبطة بموسم الحج للإيرانيين ذريعة للبدء في علاقات دبلوماسية بسيطة المستوى. فمن الواضح أن العلاقات الواسعة النطاق لن تتم في الوقت الراهن.
وحتى مع اتخاذ هذه الخطوات، فقد يكون هناك خطر كبير لوقوع استفزازات أو إجراءات أو تصريحات تصعيدية في أثناء الخلاف الثنائي. والظاهر أن كلا من السعودية وإيران تفتقدان المقومات الكبرى للدخول في حرب مباشرة، غير أنهما انخرطا في حروب بالوكالة في اليمن والبحرين والعراق وسورية ولبنان. وإذا كان التحالف الذي تقوده السعودية يحارب الحوثيين في اليمن، فإن إيران استخدمت طرقاً حديثة لتوصيل معدات عسكرية متطورة لوكلائها في شبه الجزيرة العربية. وفي حين تتمركز الطائرات العسكرية السعودية في تركيا، فإن الحرس الثوري الإيراني والمرتزقة الشيعة يحاربون نيابة عن بشار الأسد في سورية.
وقد تزداد الأجواء سوءا إذا لم ينته القتال في اليمن، أو لم تتمكّن الأطراف المتنازعة من تجميد تقدمها. وفي حالة النزاع، يبقى كلا الجانبين ضعيفاً. على أنه لا أحد يمكنه أن يعمل بشكل اعتباطي، وأن ينهي الصراع من دون استجابةٍ متطابقة أو مذهلة إلى حد ما. وبالتالي، قد تردع ردود الفعل المتبادلة (العين بالعين) استعمال القوة العسكرية. ولإيران والسعودية مصالح اقتصادية في تخفيف حدة التوتر، في وقت تواصل كل منهما حروبهما بالوكالة في المنطقة. وفي حين أن إيران لم تعد متابعة بسبب العقوبات المتعلقة بمخططها النووي، فإن الرياض تواجه عجزاً مالياً خطيراً بسبب الإنتاج المفرط للنفط في السوق العالمية. ولذلك، لا واحدة من الدولتين يمكنها أن تتحمل تبعات حرب باردة، قد تكون لها، في نهاية المطاف، أضرار داخلية في الوضع الراهن.