تحولت السعودية الغنية بالنفط إلى زبون دائم في نادي المقترضين، لتنافس دولاً فقيرة شحيحة الموارد، بعد أن كانت بلا ديون خارجية على الإطلاق قبل نحو 4 سنوات، غير أن تهاوي أسعار النفط، وكلفة الحرب الباهظة في اليمن، والصراعات في منطقة الخليج، فضلا عن تداعيات جائحة فيروس كورونا أخيرا، ترسم مستقبلاً قاتماً للمملكة التي دخلت مرحلة الإجراءات المؤلمة لمواطنيها من دون أفق للرجوع.
ووفق رصد لـ"العربي الجديد" من خلال النشرات الرسمية لوزارة المالية، لم يكن على السعودية ديون خارجية خلال عام 2015، قبل أن تبدأ في الاستدانة في العام التالي 2016 بقيمة 27.5 مليار دولار، ليزيد في العام الذي يليه إلى 49 مليار دولار، ثم إلى 68 مليار دولار في 2018، ونحو 81.4 مليار دولار بنهاية 2019، قبل أن تصل إلى 86.4 مليار دولار في نهاية الربع الأول من العام الجاري.
وتمثل الديون الخارجية نحو ما يقرب من نصف إجمالي الدين العام، الذي بلغ بنهاية مارس/آذار 723.5 مليار ريال (192.9 مليار دولار).
ولم يكن الدين العام للمملكة يتجاوز 44 مليار ريال (11.7 مليار دولار) كله ديون محلية في 2014، ما يظهر ارتفاعه بأكثر من سبعة أضعاف في غضون نحو خمس سنوات.
وتتصاعد نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي بمستويات قياسية لتبلغ بنهاية مارس/آذار الماضي 27.4%، بينما لم تتجاوز 1.6% في 2014 ونحو 5% في 2015.
وفقا لتقديرات سابقة على جائحة كورونا، توقعت وزارة المالية أن يبلغ الدين العام نحو 754 مليار ريال خلال العام الجاري، إلا أن الجائحة التي ألقت بظلال سلبية كبيرة على مختلف الأنشطة وعائدات النفط، قد تدفع بالدين العام فوق المستوى المستهدف، ولا سيما بعد تأكيد وزير المالية أن الحكومة ستقوم بزيادة الاقتراض هذا العام بنحو 100 مليار ريال إضافية.
وكشفت السعودية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عن موازنة 2020 بإنفاق 272 مليار دولار (أقل من عام 2019)، مقابل إيرادات بـ222 مليار دولار، متوقعة عجزاً قيمته 50 مليار دولار.
وتأتي الاستدانة الكبيرة في الوقت الذي يواصل الاحتياطي العام للمملكة نزيفه، ما يهدد بتلاشيه في غضون بضع سنوات، وفق تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي.
وتمثل الديون الخارجية نحو ما يقرب من نصف إجمالي الدين العام، الذي بلغ بنهاية مارس/آذار 723.5 مليار ريال (192.9 مليار دولار).
فقد أظهرت النشرة الإحصائية الشهرية الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) ، يوم الأحد الماضي، والتي اطلعت عليها "العربي الجديد" تراجع الاحتياطي العام للدولة بنحو 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) في مايو/أيار الماضي، ليصل إلى 419.6 مليار ريال، مقابل 469.6 مليار ريال في إبريل/نيسان.
وبالمستويات الحالية، فإن المملكة قد خسرت أكثر من نصف الاحتياطي العام في غضون أربع سنوات، حيث بلغ بنهاية 2015 نحو 952.2 مليار ريال (253.9 مليار دولار).
وكان صندوق النقد الدولي قد حذر في في مارس/آذار الماضي، من اندثار ثروات السعودية في عام 2035، إذا لم تتخذ "إصلاحات جذرية في سياساتها المالية" التي ترتكز بشكل أساسي على عائدات النفط.
وأسعار النفط الرخيصة في السوق العالمية، تعمل على جر المالية السعودية إلى الانهيار. وتشير بيانات حديثة صادرة عن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية إلى أن السعودية صاحبة الوزن الثقيل في أوبك، وأكبر مصدر للنفط الخام في العالم، بحاجة إلى سعر 91 دولاراً للبرميل لتحقيق نقطة تعادل في الأرباح والخسائر، بينما أسعار خام برنت حاليا حول 40 دولاراً للبرميل.
وبجانب تباطؤ الطلب العالمي على النفط، تواجه السعودية منافسة غير مسبوقة من النفط الأميركي الذي دخل السوق كلاعب أساسي بعد أن كانت المنافسة الكبرى مقتصرة مع الروس من قبل.
وأصبحت الولايات المتحدة، في السنوات القليلة الماضية، أكبر منتج للنفط في العالم بنحو 13.1 مليون برميل يومياً، بينما تحل روسيا ثانياً بنحو 11.2 مليون برميل يومياً، في حين تأتي السعودية ثالثاً، بمتوسط يومي 9.8 ملايين برميل.