تبدأ وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية، غدا الإثنين، في توطين المهن بمنافذ البيع في 5 أنشطة، لتعد هذه المرحلة الأخيرة في استراتيجية توظيف السعوديين في 12 نشاطًا في قطاع التجزئة، التي بدأتها وزارة العمل في العام الماضي، بينما تتزايد التحذيرات من تضرر الأنشطة والأسواق، لا سيما مع تسريح مئات آلاف الوافدين.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، عن الوزارة، أن الأنشطة التي سيجري توطين الوظائف بها تشمل محلات الأجهزة، والمعدات الطبية، ومواد الإعمار والبناء، وقطع غيار السيارات، والسجاد بجميع أنواعه، والحلويات.
وكانت وزارة العمل السعودية بدأت في تنفيذ قرار توطين وظائف قطاع التجزئة، في سبتمبر/أيلول الماضي، في 4 أنشطة، من أصل 12 نشاطاً اقتصادياً في القطاع، وشمل آنذاك منافذ البيع في أنشطة محلات السيارات والدراجات النارية، والملابس الجاهزة وملابس الأطفال والمستلزمات الرجالية، والأثاث المنزلي والمكتبي الجاهز، والأواني المنزلية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، وطّنت الوزارة العمل في 3 أنشطة شملت، محلات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، والساعات، والنظارات.
وكانت الحكومة قد بررت إجراءات واسعة لتقليص أعداد العاملين الأجانب، بزيادة توطين الوظائف، عبر تشغيل السعوديين في العديد من القطاعات الاقتصادية.
وقررت الحكومة التوسع في "سعودة" الاقتصاد، كأحد أركان رؤية 2030 لولي العهد محمد بن سلمان، من خلال حصر العمل في عشرات المهن والحرف في عدد من القطاعات المهمة بالسعوديين من دون غيرهم من الجنسيات. لكن وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية الأميركية ذكرت، في تقرير لها، في سبتمبر/أيلول الماضي، أن سياسات الحكومة في التوطين العشوائي للمهن البسيطة تسببت في حدوث كوارث في السوق، وكذلك بالنسبة للوافدين.
ورغم التشدد في توطين الوظائف، لم تنجح السعودية في مساعي خفض بطالة السعوديين كنسبة من إجمالي قوة العمل.
ووفقاً لتقرير حديث أصدرته الهيئة العامة للإحصاء، فإن معدل البطالة بين السعوديين استقر عند 12.9% في الربع الثاني من 2018، وهي النسبة نفسها في الربع الأول، بينما كانت في نهاية الربع الأخير من 2017 نحو 12.8%، فيما ذكر عضو مجلس الشورى فهد بن جمعة، في تصريحات صحافية أخيرا، أن نسبة البطالة الحقيقية تصل إلى 34%.
ومنذ العام الماضي، فرضت السعودية تحديات متصاعدة على العمالة الأجنبية، تمثلت في إقرار رسوم إقامة مرتفعة عليهم وعلى أفراد أسرهم، ومنعهم من العمل في عدة قطاعات رئيسية، علاوة على موجة ارتفاع أسعار السلع والوقود وإيجارات العقارات التي شهدتها البلاد، بسبب سلسلة ضرائب جديدة أقرتها المملكة.
وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية (حكومية)، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تسريح نحو 1.36 مليون موظف أجنبي من القطاع الخاص فقط، خلال 21 شهرا، وذلك منذ مطلع 2017 حتى نهاية سبتمبر/أيلول من 2018.
وفي مقابل أرقام التسريح الكبيرة للأجانب، لم يسجل عدد الموظفين السعوديين زيادة سوى بنحو 40 ألفا في 21 شهراً، بعد أن صعد عددهم إلى 1.72 مليون شخص، مقابل 1.68 مليون مطلع 2017.
وتأتي محدودية توظيف السعوديين، رغم تشديد وزارة العمل على تطبيق عقوبات بحق المخالفين لتوطين المهن المقصورة، من دون تفاصيل.
ويتسبب التوطين الإلزامي للوظائف في تعرّض الشركات لخسائر كبرى، حيث رصدت تقارير دولية اضطرار شركات كبرى إلى إغلاق مئات الفروع في المملكة من جراء الخسائر التي تكبدتها نتيجة "السعودة" وتسريح مئات آلاف العمالة الأجنبية، فضلا عن تراجع القدرات الشرائية للكثير من السعوديين وتغيّر أنماط الاستهلاك، ما قلص من حجم السوق.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، قالت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني العالمية، إن التوطين له مردود اجتماعي إيجابي بخفض معدلات البطالة بين المواطنين، إلا أنها حذرت من تبعاته الاقتصادية على الحكومات والشركات، لارتفاع تكلفة أجور العمالة من المواطنين.
(العربي الجديد)