السعودية تقلص الدعم في مواجهة عجز الموازنة وتراجع النفط

29 ديسمبر 2015
بدء تطبيق التسعيرة الجديدة للبنزين في السعودية (فرانس برس)
+ الخط -



شرعت السعودية في تطبيق إجراءات لتقليص الدعم لمواد أساسية بينها الوقود، غداة إعلانها عجزاً قياسياً في ماليتها العامة بسبب انخفاض أسعار النفط، ما يمثل تغييراً جذرياً في نظام الرعاية الاجتماعية السخية السائد منذ عقود.

وأعلن مجلس الوزراء في جلسة برئاسة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، أمس الاثنين، رفع أسعار مواد أساسية منها الوقود بنسب فاقت 30% والكهرباء والمياه على المستخدمين الكبار بنسب وصلت إلى 70%، كجزء من إصلاحات هيكلية لخفض الاعتماد على مداخيل النفط.

وأكد العاهل السعودي في الجلسة أن: "موازنة 2016 والإجراءات الجديدة تمثل بداية برنامج عمل متكامل وشامل لبناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة تتعدد فيه مصادر الدخل"، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.

وأعلنت المملكة، أكبر مصدري النفط في العالم، والتي يبلغ إنتاجها قرابة 10.4 ملايين برميل يوميا، تسجيل عجز قدره 98 مليار دولار في ميزانية العام 2015، هو الأكبر في تاريخها، في حين توقعت أن يبلغ العجز في موازنة 2016، 87 مليار دولار.

وبحسب بيان شامل أصدرته وزارة المال، "يمثل العجز في 2015 ما نسبته 15% من الناتج المحلي الإجمالي، المتوقع أن يبلغ 653 مليار دولار".

وفي 2015، تراجعت الإيرادات إلى 162 مليار دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ 2009، بانخفاض نسبته 42% عن إيرادات 2014، وشكل انخفاض الإيرادات النفطية بنحو 123 مليار دولار، أبرز أسباب التراجع.

إزاء ذلك، أعلنت الرياض اتخاذ إجراءات لـ"تحقيق إصلاحات هيكلية واسعة في الاقتصاد الوطني وتقليل اعتماده على البترول" خلال السنوات الخمس المقبلة، إضافة إلى فرض رسوم إضافية على بعض السلع.

اقرأ أيضاً: السعودية ترفع أسعار البنزين والغاز لمواجهة عجز الموازنة

ونقلت صحيفة "الاقتصادية" السعودية عن وزير المال، إبراهيم العساف، أن هدف الموازنة الجديدة والإجراءات هو "ترشيد الإنفاق غير الضروري".

وأشار إلى أن: "الفترة الماضية اتسمت بإنفاق استثماري كبير، إضافة إلى الإنفاق الجاري، هذا الأمر يتطلب مراجعة".

تقبّل متباين

وأقرت الحكومة، مساء أمس الإثنين، رفع أسعار الوقود ومشتقات نفطية والمياه والكهرباء وغيرها، بنسب تفوق الثلثين لبعض المواد، وعلى سبيل المثال، رفع سعر ليتر البنزين العالي الجودة بنسبة 50% والأقل جودة 67%، علما أن أسعار الوقود في المملكة هي من الأدنى عالمياً.

ودخل رفع أسعار الوقود حيز التنفيذ منتصف ليل الإثنين الثلاثاء، ما تسبب بزحمة في المحطات ليلاً، علما أن بعضها أغلق أبوابه تفادياً لذلك.

وقال محمد صديق، وهو عامل في إحدى المحطات، لوكالة "فرانس برس": "كان الزحام كبيرا البارحة، الجميع يريد الاستفادة من الأسعار القديمة".

وبدا تقبل الإجراءات الجديدة متباينا بين السعوديين، مع تأكيد مسؤولين سعوديين أن الإجراءات لن تؤثر بشكل كبير على ذوي الدخل المحدود.

وقال أبو عثمان (63 عاماً)، وهو موظف حكومي، أثناء تعبئته خزان سيارته: "أسعار البنزين لا زالت معقولة ولم ترتفع كثيراً، من الطبيعي اتخاذ مثل هذه الإجراءات في مثل هذه الظروف".

جدل واسع

وأثارت الإجراءات الجديدة جدلاً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وغرد فهد العوين، قائلاً: "الطبقة الوسطى أكثر المتضررين من رفع الدعم، فلا تستطيع مجاراة رفع الدعم كالأغنياء ولا يسمح القانون بالمعونة من الجمعيات الخيرية كـ"الفقير".

اقرأ أيضاً: السعودية تزيد الضرائب على المشروبات الخفيفة والتبغ

كما تشارك العديد من المغردين عبارة: "غرباء في الفائض، شركاء في العجز"، للإشارة إلى عدم استفادتهم من الفائض الذي حققته الميزانيات السعودية في الأعوام الماضية، بينما يطلب منهم الآن تحمل كلفة العجز.

وحمّل متغرد يستخدم اسما مستعاراً "السياسة الاقتصادية السيئة" مسؤولية العجز في الموازنة.

وتكررت في بيان وزارة المال، أمس الإثنين، عبارات مثل "الشفافية" و"المحاسبة" و"ترشيد الإنفاق"، والتي لقيت صدى على مواقع التواصل.

وغرد المستخدم عدي الظاهري، بقوله: "أعتقد أن هذه الميزانية ستعلمنا فن الترشيد في الاستهلاك".

زيادة الواردات غير النفطية

وفي ظل تدهور أسعار النفط إلى ما دون الأربعين دولاراً للبرميل في الوقت الراهن، أكدت المملكة العمل على زيادة الواردات غير النفطية، علما أن النفط ساهم بـ73% من مجمل إيرادات عام 2015، متراجعاً عن نسبته المعتادة التي كانت تقارب 90%.

وارتفعت نسبة الإيرادات غير النفطية 29% في 2015، لتبلغ 43.5 مليار دولار، ما يشكل 27% من مجمل إيرادات الميزانية، إلا أن محللين يرون أن هذه النسبة لا تزال أقل من المطلوب.

ويقول الخبير الاقتصادي السعودي، عبد الوهاب أبي داهش: "هذه المساهمة لا تزال محدودة جدا، ويجب أن ترتفع".

وأضاف: "أتوقع أن تكون الحكومة في موقع يرفع الإيرادات غير النفطية إلى أكثر من 200 مليار ريال (53 مليار دولار) السنة المقبلة، مع اعتماد ضرائب جديدة".

وعليه، يجدر بالإيرادات النفطية أن تساهم في قرابة 40% فقط من إيرادات الموازنة، بدلا من مستوياتها الراهنة.

 


اقرأ أيضاً:
الموازنة الجديدة تهوي بالبورصة السعودية 2.81%
موازنة السعودية 2016: حصار العجز وتنويع مصادر الدخل

دلالات