وبلغ عدد قضايا الصلح في قضايا القتل في السعودية، خلال العام الماضي، نحو 83 قضية، انتهت دون أن يتم إعدام القاتل على الرغم من ثبوت جريمته، بعد تنازل أهل المقتول عن القصاص، لينخفض عدد من طبق عليهم الإعدام في السعودية إلى نحو 134 محكوماً في عام 2015، غالبيتهم من مهربي المخدرات والارهابيين.
وبحسب القانون السعودي، يحق لذوي المقتول التنازل عن القصاص، سواء بمقابل مالي أو دون مقابل، وكان أغلب من تم التنازل عن القصاص منهم، هذا العام، في منطقة الرياض، التي سجلت محاكمها تسع حالات، وتلتها محاكم منطقة مكة المكرمة ومحاكم منطقة تبوك بست حالات في كل منها، مقابل أربع حالات تنازل في محاكم المنطقة الشرقية، ومثلها في محاكم منطقة جازان، فيما توزعت بقية الحالات العشر المتبقية على بقية المحاكم.
وتشجع وزارة العدل بالتعاون مع إمارات المناطق، على تنازل ذوي المقتول عن القصاص، وأنشئت لجان صلح في كل المناطق تحت مسمى (لجنة إصلاح ذات البين) مهمتها السعي لدى ذوي المقتول للتنازل، ولو بمقابل مادي ضخم "الدية".
وفي السنوات العشر الماضية، كانت محاكم منطقة مكة المكرمة تشهد أكبر عدد من قضايا التنازل عن القصاص، بعد أن نجحت لجنة إصلاح ذات البين في مكة في إنقاذ 321 محكوماً بالقصاص على خلفية إقدامهم على جرائم قتل، وانتهت قضاياهم بالعفو والمصالحة بين طرفي القضية، فيما لا تزال 386 قضية تحت الإجراء.
ويؤكد المحامي السعودي، أحمد الراشد، أن ارتفاع نسبة عدد قضايا الصلح مؤشر على أن هناك تحركاً جاداً من الدولة لتقليل الأعداد، خاصة بعد الهجمة الشرسة التي تعرضت لها السعودية من منظمات حقوقية وأممية بزعم ارتفاع معدل تنفيذ أحكام الإعدام في البلاد.
ويقول الراشد لـ"العربي الجديد": "يجيز القانون السعودي المستمد من الشريعة أن يتنازل ذوو المقتول أو أحد منهم عن تنفيذ الحكم سواء بمقابل مادي، أو لوجه الله، وهذا الأمر أوجد معضلة أخرى وهي مغالاة بعض العائلات في قيمة الديات التي يطلبونها مقابل إيقاف تنفيذ الحكم، والتي وصلت في بعض الحالات إلى 14 مليون دولار، ولكن أسرة القاتل لا تملك حلاً آخر سوى الدفع وجمع المبلغ عن طريق التبرعات".
ويشدد المحامي السعودي على أن نسبة قضايا التنازل، هذا العام، مرشحة للزيادة عن العام الماضي، خاصة بعد ارتفاع وتيرة عمل لجان الصلح، ويضيف: "سُجل هذا العام التنازل في 33 قضية في نحو أربعة أشهر، فيما كان العدد الإجمالي المسجل العام الماضي 83 قضية، وتكون أغلب حالات التنازل في شهر رمضان وما بعده، ولهذا من المتوقع أن يرتفع عدد قضايا التنازل إلى نحو 80 قضية خلال شهرين، وهو أمر جيد".
ولا تقبل لجان الصلح السعودية التنازل في قضايا المخدرات أو الإرهاب أو قضايا قطع الطريق والهجوم المسلح، ولا في القتل غيلة.
وتتمسك السعودية بحقها في إصدار عقوبات الإعدام، على الرغم من أن تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية، طالبتها أكثر من مرة بوقف الإعدام، وشددت وزارة العدل السعودية على أنها لا تتفق مع تقارير الأمم المتحدة بشأن عقوبة الإعدام وما تتضمنه من نتائج وتوصيات، معتبرة أن هذه التقارير التي تحرص على حق القاتل، تتغاضى عن الأطراف الأخرى.
وقبل نحو خمسة أشهر، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً انتقد توسع السعودية في تنفيذ عقوبة الإعدام، وهو ما اعتبرته وزارة العدل تقريراً غير موضوعي، مشددة على أنه لم يعتمد على شهادات موثوقة، وكان مليئاً بالمغالطات، مشددة على أن القضاء السعودي يستند في أحكامه على الشريعة الإسلامية، وهي لا تقبل أن تتدخل أية جهة مهما كانت فيه.