وتعد السعودية أغنى دولة خليجية من حيث إيرادات النفط، إذ يبلغ متوسط إنتاجها اليومي نحو 10 ملايين برميل، ما يدّر عليها عائدات يومية ضخمة.
وحققت السعودية نمواً بعائدات الصادرات النفطية خلال الـ11 شهراً الأولى من عام 2018 بنسبة وصلت إلى 40.9% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2017.
وبحسب بيانات هيئة الإحصاء السعودية (حكومية)، سجلت المملكة زيادة بالعائدات بلغت 235.89 مليار ريال (62.9 مليار دولار) خلال أول 11 شهراً من عام 2018 على أساس سنوي.
كما أن المملكة تمتلك أكبر ميزانية بالمنطقة عام 2019، ارتفعت فيها تقديرات الإنفاق إلى 1.106 تريليون ريال (295 مليار دولار)، مقارنة بإنفاق فعلي قدره 1.030 تريليون ريال العام الماضي. وبحسب تقديرات موازنة 2019، إن إيرادات النفط ستقفز 9% إلى 662 مليار ريال (176 مليار دولار).
تفاقم الفقر
يتوزع ملايين الفقراء السعوديين في العديد من المناطق، ولا سيما التي تقع في الأطراف وتعاني من إهمال على مدار الحكومات المتعاقبة.
وفي وقت قدّرت تقارير غير رسمية نسبة الفقر في السعودية ما بين 15 و25%، أكدت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، في تقرير سابق، تزايد معدلات البطالة والفقر، مشيرة إلى أن "ما بين مليونين وأربعة ملايين سعودي يعيشون على أقل من 530 دولارا شهريا أي (17 دولارا يوميا)، وأن الدولة تخفي نسب الفقر".
وحول معدلات الدخل التي تدخل صاحبها في دائرة الفقر بالسعودية، حدّد تقرير اقتصادي لجمعية الملك خالد الخيرية، خط الكفاية في السعودية للأسرة المكونة من سبعة أفراد، بنحو 12486 ريالاً (نحو 3323 دولاراً أميركياً) في الشهر، معتبراً أن ما دون ذلك يدخل تحت خط الفقر.
وحذّر البنك الدولي المملكة من خطورة ارتفاع نسب الفقر في السنوات المقبلة، وذلك في تقريره "الآفاق الاقتصادية للسعودية" الصادر في 16 إبريل/نيسان 2018.
وأطلقت الحكومة السعودية آلية "حساب المواطن" لدعم محدودي الدخل، بهدف تخفيف آثار الإصلاحات الاقتصادية في ديسمبر/كانون الأول 2017، والتي تكشف مؤشراته عن تفاقم الفقر في البلاد، إذ بلغ عدد المستفيدين منه بلغ 12.5 مليون شخص في يونيو/ حزيران الماضي، من إجمالي عدد السعوديين البالغ نحو 20.5 مليونا و11.9 مليون مواطن، وتجاوزت قيمة الدعم المالي المخصّص لهذا الحساب نحو 18 مليار ريال حتي يوليو/ تموز الماضي، أي ما يعادل 4.8 مليارات دولار.
أوضاع صادمة
يقول مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية مروان سلامة، لـ"العربي الجديد"، إن دول الخليج تعاني من عدم العدالة في توزيع الثروة على شعوبها، وذلك على الرغم من امتلاك هذه الدول نحو 35% من احتياطي النفط العالمي، وتدير ما يتخطى 2.5 تريليون دولار من الأصول، أي ما يعادل 37% من إجمالي أصول كل الصناديق السيادية في العالم.
ويضيف سلامة: "على سبيل المثال، نجد أن هناك نحو 25% من المواطنين السعوديين، أي ما يعادل 5 ملايين مواطن، يعانون من الفقر، وهي نسبة صادمة للكثيرين، خاصة في ظل ما تمتلكه المملكة من موارد نفطية ضخمة، حيث تنتج المملكة نحو 10 ملايين برميل نفط يومياً، تصدر منها 7.3 ملايين برميل يومياً، وتدر عليها إيرادات نفطية هائلة سنوياً".
ويشير إلى أن ثروة السعودية لا تتوقف عند النفط فحسب، ولكنها تمتلك صناعات ضخمة كالبتروكيميائيات، والسياحة الدينية، وغيرها من الموارد التي تدر ملايين الدولارات على المملكة. وعلى الرغم من ذلك، من المتوقع أن ترتفع نسبة الفقر في المملكة خلال السنوات المقبلة.
ويوضح سلامة قائلاً: "لا تتوقف الأرقام السلبية للشعب السعودي عند الفقر فقط، ولكن تشير البيانات الرسمية المتوفرة من الهيئة العامة للإحصاء السعودية، إلى أن معدل البطالة بين السعوديين بلغ 12.8% بنهاية النصف الأول من عام 2018، وهو تحد آخر كبير أمام الجهات الحكومية في المملكة، لم تستطع التغلب عليه حتى الآن".
أسباب الأزمات
ويتحدث سلامة عن أسباب معاناة الشعب السعودي من الفقر والبطالة في ظل ثروة المملكة، قائلاً: "الفقر ومستوى المعيشة المتدني لنسبة كبيرة من أبناء الشعب السعودي يعودان لعدة أسباب، منها عدم العدالة في توزيع الثروة بالمملكة، بالإضافة إلى الحرب التي تقودها المملكة في اليمن والتي استنزفت مليارات الدولارات من ثروات الشعب السعودي على مدار نحو 3 سنوات".
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، قد قدرت في تقرير نشرته في إبريل/ نيسان 2018، كلفة الطلعات الجوية التي نفذها طيران التحالف في اليمن بنحو 9 مليارات دولار منذ انطلاق الحرب اليمنية، إذ تُراوح كلفة الطلعة بين 84 ألف دولار و104 آلاف، وهي كلفة الطلعة بمقاييس القوات الجوية الأميركية.
وتفيد إحصائيات منظمة العمل الدولية بأن البطالة تتفشّى وسط الشباب السعودي، لا سيَّما الإناث منهم، فقد بلغ معدل البطالة للفئة العمرية (15-24 سنة)، بحسب تقديرات المنظمة، 25% في 2017، وقُدِّر بين الذكور لنفس الفئة العمرية الشابة بـ 18.4%، مقابل النسبة الصارخة للإناث والمقدّرة بـ 46.9%.
ويعاني السعوديون من ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات، خلال الفترة الأخيرة، وأظهرت بيانات حديثة للمركز الإحصائي لدول الخليج، ارتفاع معدل التضخم بدول المجلس، بنسبة 3.7 بالمائة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي على أساس سنوي، وأكدت البيانات أن السعودية تصدرت الخليج في هذا الصدد.
ووفق الأرقام الصادرة عن المركز، شكلت مساهمة السعودية 2.4 نقطة مئوية من إجمالي التضخم الخليجي.