لكأنّ في الأمر سرّاً خفيّاً. ففي الوقت الذي يجتاح فيه السودان عاصفة من التغيّرات على مستوى الانتقال السياسي وما يترتّب عليه من إجراءات معقّدة في الشأن الاقتصادي التنموي وكذلك البيئي، تأتي جائحة كورونا لتجعل قراءة الواقع أكثر صعوبة، إذ من المرجّح أن تترك تأثيرات عميقة في حياة الناس وتغذيتهم من خلال مطاولتها ركائز الأمن الغذائي الأربع وهي الوفرة وقدرة الحصول على الغذاء والاستخدام والاستقرار.
مثلما وُوجِه تصريح وزير الصحة السوداني الصادم بترحيب كبير في الداخل والخارج، وبموجة نقد عاتية من قبل البعض، يواجَه إعلان الحالات اليومية للإصابات والوفيات وحالات الاستشفاء بردود فعل تتباين، الأمر الذي يؤدّي إلى إرباك المهتمين بشأن تقديم المساعدات الإنسانيّة والمواطنين الذين هم في حاجة إلى تلك المساعدات. يأتي ذلك في ظلّ انخفاض احتياطات النقد الأجنبي وإجراءات الحجر التي تحدّ من وصول المنتجين إلى أسواق المدخلات والمخرجات، باستثناء أعداد من العمّال الزراعيّين الذين استمرّوا في أعمالهم، خصوصاً في الولايات الطرفيّة حيث تُسجَّل إصابات أقلّ من العاصمة.
في قريتنا الصغيرة، فوجئ المزارعون وهم يستعدّون لبداية الموسم الجديد بأعداد كبيرة من العمّال الموسميّين الوافدين من خارج الولاية على الرغم من إجراءات الحجر الصحي وتوقّف الرحلات بين الولايات. وعند سؤال أحدهم، أكّد أنّهم تعوّدوا على المشي لمسافات طويلة، بالإضافة إلى أنّ حركة الناقلات غير المخصصة للبشر مسموح بها وقد ساهمت في نقلهم مع كثير من الحذر والحيل عند نقاط المرور.
تفيد منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) بأنّ البلدان التي تعاني أزمات إنسانيّة معرّضة بشكل خاص لجائحة كورونا، مرجّحة ارتفاع نسبة الحاجة إلى المساعدات أكثر. وتورد المنظمة الأمميّة في هذا الإطار أرقاماً للمستهدفين، من بينها بلوغ الفجوة في السودان 49.5 في المائة.
على الرغم من بشريات زيادة إنتاج القمح لهذا العام بنسبة تفوق 25 في المائة من حاجة الاستهلاك المحلي الواردة في تقرير "فاو" (فبراير/ شباط 2020) وتوقيع اتفاقيّة جديدة لاستيراد 10 في المائة بالعملة المحليّة، فإنّ التدابير التي اتّخدتها كلّ من روسيا ورومانيا وأوكرانيا بشأن التصدير تحسّباً لجائحة كورونا تُعَدّ بمثابة التحدي الجديد. فقد استورد السودان في العام الماضي 86 في المائة من احتياجاته للقمح من هذه الدول، ويرى الخبراء في تأجيل الأمر إلى ما بعد يونيو/ حزيران أزمة أخرى.
اقــرأ أيضاً
يكمن السرّ في إعادة ترتيب الأمور في ما يتعلّق بسبل كسب العيش أخيراً، ويزداد الأمل بتواصل الاستجابة العالميّة لخطة الاستجابة الإنسانيّة 2020 من قبل دول عدّة تثمّن عالياً عودة السودان إلى المنظومة الدوليّة. وتأتي خطوة تصميم أداة "من يفعل ماذا؟ وأين؟" من أجل تحديد أدقّ للفجوات والتخطيط للاستجابة الإنسانيّة في المستقبل، كبارقة أمل أخرى يُضاف إليها التوجّه المعلن للحكومة الجديدة إلى الاعتماد على الإنتاج.
*متخصص في شؤون البيئة
مثلما وُوجِه تصريح وزير الصحة السوداني الصادم بترحيب كبير في الداخل والخارج، وبموجة نقد عاتية من قبل البعض، يواجَه إعلان الحالات اليومية للإصابات والوفيات وحالات الاستشفاء بردود فعل تتباين، الأمر الذي يؤدّي إلى إرباك المهتمين بشأن تقديم المساعدات الإنسانيّة والمواطنين الذين هم في حاجة إلى تلك المساعدات. يأتي ذلك في ظلّ انخفاض احتياطات النقد الأجنبي وإجراءات الحجر التي تحدّ من وصول المنتجين إلى أسواق المدخلات والمخرجات، باستثناء أعداد من العمّال الزراعيّين الذين استمرّوا في أعمالهم، خصوصاً في الولايات الطرفيّة حيث تُسجَّل إصابات أقلّ من العاصمة.
في قريتنا الصغيرة، فوجئ المزارعون وهم يستعدّون لبداية الموسم الجديد بأعداد كبيرة من العمّال الموسميّين الوافدين من خارج الولاية على الرغم من إجراءات الحجر الصحي وتوقّف الرحلات بين الولايات. وعند سؤال أحدهم، أكّد أنّهم تعوّدوا على المشي لمسافات طويلة، بالإضافة إلى أنّ حركة الناقلات غير المخصصة للبشر مسموح بها وقد ساهمت في نقلهم مع كثير من الحذر والحيل عند نقاط المرور.
تفيد منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) بأنّ البلدان التي تعاني أزمات إنسانيّة معرّضة بشكل خاص لجائحة كورونا، مرجّحة ارتفاع نسبة الحاجة إلى المساعدات أكثر. وتورد المنظمة الأمميّة في هذا الإطار أرقاماً للمستهدفين، من بينها بلوغ الفجوة في السودان 49.5 في المائة.
على الرغم من بشريات زيادة إنتاج القمح لهذا العام بنسبة تفوق 25 في المائة من حاجة الاستهلاك المحلي الواردة في تقرير "فاو" (فبراير/ شباط 2020) وتوقيع اتفاقيّة جديدة لاستيراد 10 في المائة بالعملة المحليّة، فإنّ التدابير التي اتّخدتها كلّ من روسيا ورومانيا وأوكرانيا بشأن التصدير تحسّباً لجائحة كورونا تُعَدّ بمثابة التحدي الجديد. فقد استورد السودان في العام الماضي 86 في المائة من احتياجاته للقمح من هذه الدول، ويرى الخبراء في تأجيل الأمر إلى ما بعد يونيو/ حزيران أزمة أخرى.
يكمن السرّ في إعادة ترتيب الأمور في ما يتعلّق بسبل كسب العيش أخيراً، ويزداد الأمل بتواصل الاستجابة العالميّة لخطة الاستجابة الإنسانيّة 2020 من قبل دول عدّة تثمّن عالياً عودة السودان إلى المنظومة الدوليّة. وتأتي خطوة تصميم أداة "من يفعل ماذا؟ وأين؟" من أجل تحديد أدقّ للفجوات والتخطيط للاستجابة الإنسانيّة في المستقبل، كبارقة أمل أخرى يُضاف إليها التوجّه المعلن للحكومة الجديدة إلى الاعتماد على الإنتاج.
*متخصص في شؤون البيئة