السراج يقود مساعي دولية لاستبعاد حفتر من المشهد... هل ينجح؟

25 سبتمبر 2019
السراج: حفتر ينتظر الوقت للانقضاض على الحكم (فرانس برس)
+ الخط -
لا يبدو أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، يميل للتخلي عن موقفه من رفض اللواء المتقاعد خليفة حفتر كـ"شريك سياسي"، رغم المطالب والمساعي الدولية المتزايدة لعودة المسار السياسي كحل للأزمة في ليبيا، فتصريحاته الأخيرة في نيويورك، حيث يوجد للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم تختلف عن تصريحاته السابقة الرافضة لحفتر.

وبحسب مكتبه الإعلامي، فقد أكد السراج للممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية، فيدريكا موغريني، خلال لقائه بها ليل أمس، الثلاثاء، أن "استئناف المسار السياسي يجب أن يقوم على قواعد جديدة، ووفق آليات تأخذ في الاعتبار المعطيات التي أفرزها عدوان خليفة حفتر على طرابلس"، وهو الموقف ذاته الذي أعلنه في كلمته بمنتدى كونكورديا الدولي في نيويورك، الذي شدد فيه على رفض حفتر، واصفاً اياه بـ"مخادع طوال الوقت، وينتظر الفرصة لينقض على الحكم".

واستباقاً، على ما يبدو، لجهود أممية ودولية لعقد مؤتمر دولي جديد في برلين، أشار السراج إلى أن مشاركة حفتر "في المؤتمرات التي تهدف إلى حل سياسي للأزمة ليست سوى محاولة لكسب الوقت"، مشدداً على تمسّكه بالمبادرة التي طرحها في شهر يونيو/حزيران الماضي لحلّ الأزمة الراهنة، والتي نصت على استبعاد حفتر من الحل السياسي وضرورة إشراك أطياف أوسع في ملتقى ليبي–ليبي لصياغة حل جديد.


ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الليبية، خليفة الحداد، أن الحديث عن نجاح السراج في إبعاد حفتر حديث سابق لأوانه، معتبراً في الوقت ذاته أنه يسير وفق رؤية صحيحة قد تتماهى مع المواقف الدولية المتغيرة وتؤثر فيها.

ويوضح الحداد في حديثه لــ"العربي الجديد"، أن "الموقف العسكري وعجز حفتر عن تحقيق أهداف حلفائه الدوليين والاقليميين، وخصوصا أنهم بذلوا جهودا خارقة لإسكات المجتمع الدولي حتى عن شجب حربه على العاصمة، هو المحرك الأساسي الآن للسراج"، مبيناً أن انقلاب حفتر على المسار السياسي خصوصاً هجومه على طرابلس قبل أيام من عقد ملتقى غدامس، منطلق جديد للسراج.


ويشدد على أن السراج لا يزال يسير في اتجاهين، موضحاً أنه يعمل على تكوين جبهة سياسية واسعة محلية يمكن أن تدعمه وتبين للمجتمع الدولي أنه لا يقف لوحده ويدعمه في ذلك وجود عسكري قوي تمكن من وقف تقدم حفتر، وأنه أيضاً يعمل خارجياً من خلال تعيين سفراء جدد وموظفين بالسفارات بهدف التأثير على عواصم ذات تأثير على الملف الليبي.

لكن المحلل السياسي الليبي، عقيل الأطرش، لا يرى أن تصريحات السراج كافية، فتناول الدول الكبرى للملف الليبي مختلف، مشيراً في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "على السراج أن يجيب العالم كيف سيؤمن ويتعاطى مع ملفات كبرى كالهجرة والإرهاب، وهو لا يزال محاصراً في رقعة جغرافية صغيرة بينما يسيطر حفتر على مناطق شاسعة"، لافتاً إلى أن المسألة معقدة بالنسبة للسراج، فكل دولة معنية بملف كملف النفط الأكثر أهمية بالنسبة لأوروبا.

وتابع "ما من شك في أن فرنسا تورطت في رهانها على حفتر، وإيطاليا لم تعد متحمسة لحليفها السراج الذي لا يبدو قراره الرافض لحفتر واقعيا بالنسبة للكثير من العواصم الكبرى، وسؤالهم سيكون ما البديل عن حفتر الذي أصبحت مصالحهم الكبرى، كتأمين منابع النفط، مرتبطة به؟".

ويتفق الأطرش مع الحداد في أن مواقف السراج لا تزال ضعيفة "فهو لم يستطع حتى الآن ذكر اسم أي دولة تمول حفتر وتدعمه بالسلاح جهاراً نهاراً"، لافتاً إلى أن محاولات السراج لتجريم حفتر وتقديمه للعدالة الدولية لا يمكن أن تكون سبيلا لاستبعاده من المشهد.

ويشير أيضاً إلى أن اللغة التي بدأ يتحدث بها مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا بوصف حفتر بــ"اللواء بدلاً من المشير كالسابق ودون لقب قائد الجيش، قد تكون بالفعل انعكاسا لقناعات جديدة لدى فاعلين دوليين، لكني أعتقد أنهم حذرون أيضا من خطر استبعاده وهو الذي لا يزال يمتلك مليشيات ويسيطر على مناطق استراتيحية".

ويبدو أن فرنسا هي أبزر المدافعين عن بقاء حفتر في المشهد، فقد اشترطت، بحسب تصريحات وزير خارجيتها، "مشاركة جميع الفرقاء على طاولة مفاوضات واحدة"، ما يعني رفضها لموقف السراج من إقصاء حفتر، كما اعتبر مانويل ماركون أن الحل في ليبيا "لن يكون إلا بمصالحة شاملة لكل الأطراف".

ويرى الحداد أن الحكومة برئاسة السراج لا تزال تملك مفاتيح وأوراقاً قوية يمكن أن تدعم خياراتها في استبعاد حفتر، لافتا إلى أن الحرب على حفتر ليست عسكرية فحسب، وأنه أصبح يعاني بشدة من جفاف موارد تمويله وتلقى ضربة قاسية عندما أعلنت ست دول رفض قراره بفصل إدارة إحدى أكبر الشركات المصدرة للنفط عن مؤسسة النفط في طرابلس في وقت حساس.

وأشار إلى أن قرار الحكومة الإيطالية، أمس الثلاثاء، بإلغاء اتفاقية مع مؤسسة الاستثمار العسكري لحفتر ضربة أخرى، مرجحا أن تكون تلك الخطوات مؤشراً مهماً لتبدل غير معلن للموقف الدولي تجاه حفتر والذي قد يدفع للتفكير العلني باستبعاده.​