يُلقي الباحث والمترجم المغربي الزواوي بغورة محاضرة في "منصة الفن المعاصر/ كاب" عند السابعة والنصف من مساء الإثنين، 29 من الشهر الجاري، يناقش خلالها "الليبرالية الجديدة مضمونها وحدودها".
وإن كان مصطلح الليبرالية الجديدة ارتبط دائماً باقتصاديات السوق الحرة التي تتضمّن سياسات مرتبطة بالتجارة الحرّة والخصخصة وخفض الأسعار وتخفيض حجم الحكومة وأسواق العمل المرنة. فقد زاد ارتباطه في العقدين الأخيرين، بسياسات التقشف ومحاولات خفض العجز في الميزانية، التي عادة ما تجري عن طريق خفض الإنفاق الحكومي على البرامج الاجتماعية. كما بات يستخدمه منتقدو اقتصاديات السوق الحر، كما لو أنه يعبر عن شرور العولمة وزيادة عدم المساواة في الاقتصاديات الرأسمالية الحديثة.
هناك أمثلة كثيرة على تطبيق اقتصاديات السوق الحر من القرن العشرين وحتى يومنا؛ وربما يكون من أشهرها، حين تبنّت تشيلي في أواخر سبعينيات القرن الماضي في ظلّ الديكتاتورية العسكرية للجنرال بينوشيه سياسات السوق الحر، بما في ذلك الخصخصة وإلغاء القيود التنظيمية وتقليل تدخل الحكومة في المعاشات التقاعدية والصحة والتعليم.
كما تعتبر سياسات ريغان في أميركا وتاتشر في بريطانيا خلال الثمانينات من القرن الماضي بمثابة أساس جديد لليبرالية لأنها سعت إلى خصخصة الصناعات المملوكة للدولة وتخفيض ضرائب الدخل وتقليل التنظيم الحكومي. رغم ذلك، في الممارسة العملية، بقي التدخّل الحكومي المكثف في الاقتصاد.
وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، شهد الاقتصاد الروسي على نطاق واسع تحرير الأسعار والخصخصة. كان برنامج الخصخصة مثيراً للجدل حيث أصبح البعض أثرياء بين عشية وضحاها.
وخلال أزمة الديون اليونانية، طالب مسؤولو الاتحاد الأوروبي اليونان بتبني إصلاحات مختلفة استجابة لـ "خطة الإنقاذ". تركّز هذه الإصلاحات على التوحيد المالي، بما في ذلك إصلاحات الضرائب والإنفاق ويمكن وصفها بالليبرالية الجديدة. وهي تشمل أيضاً إصلاحات مثل إصلاح الإدارة العامة وإصلاحات "صديقة للأعمال".
يجادل النقاد بأن الدعوة إلى استخدام اقتصاديات السوق الحرة في مجالات مثل الصحة والتعليم في غير محله لأنها بطبيعتها خدمات عامة لا تخضع لنفس دافع الربح. أيضاً، يتجاهل السوق الحرة العوامل الخارجية للصحة والتعليم، كما أن اعتماد نهج السوق الحر يمكن أن يؤدي إلى اتساع نطاق عدم المساواة ونقص توفير مؤسسة مهمة للاستثمار طويل الأجل في الاقتصاد.
ساهمت السياسة النيوليبرالية في اتساع عدم المساواة بين الثروة والدخل في العالم، وأمكن للشركات ذات القوة الاحتكارية زيادة فائض المنتج على حساب المستهلكين، وعملت على الحد من نمو الأجور، من جهة أخرى ساهم نمو التدفقات المالية في زيادة عدم الاستقرار المالي، الذي تسبّب في صدمة اقتصادية واسعة شهدها العالم عام 2007.