في الكويت، عادة ما لا تعطى المرأة حق اختيار الزوج الذي تراه مناسباً. وغالباً ما يعود القرار إلى العائلة التي تختار الشريك وفقاً لشروط عدة. إلا أن المجتمع هذا المحافظ لم يمنع انتشار الزواج من أجانب في الآونة الأخيرة، من دون أن يكون الأهل راضين بالضرورة.
قدمت مدلينا، وهي رومانية في الثلاثين من عمرها، إلى الكويت قبل نحو ثلاث سنوات بهدف العمل. تعرفت إلى عادات المجتمع الكويتي، وحفظت بعض الكلمات العربية، حتى إنها باتت تتقنها باللكنة الكويتية. اعتادت الطقس الحار وأسلوب الحياة، علماً أنه يختلف كثيراَ عن بلادها.
اليوم، تغيرت حياة مدلينا تماماً. لم تعد بحاجة إلى العمل. اختارت الزواج من شاب كويتي الأصل، بعد فترة تعارف استمرت نحو ستة أشهر. تُدرك تماماً أن زواجها قائم على المصلحة. تقول إنه حقق لها أحلامها من دون تعب. يقضيان أوقاتهما في السفر والتسوّق. بعد زواجها، ساعدها زوجها في فتح مركز للتجميل. تكتفي بالإشراف على الموظفين من وقت إلى آخر.
لا تتفق مدلينا كثيراً مع عائلة زوجها، ولا تعيش معهم في المنزل عينه، علماَ أن معظم الكويتيين يعيشون مع أهلهم بعد الزواج. تزورهم للاطمئنان عليهم في بعض الأحيان، وتشاركهم المناسبات العائلية.
تقول إنها لا تريد إنجاب الأطفال "تزوّجتُ بهدف الاكتفاء المادي فقط". تدرك أنه سيأتي يوم ويتركها زوجها "ليرتبط بفتاة كويتية، ويحقق رغبة أهله". صحيح أنه يصغرها ببضع سنوات، إلا أنها لا ترى أن فارق العمر بينهما يمكن أن يشكل عائقاً في المستقبل "أنا في نظره امرأة ناضجة وأعرف ماذا أريد. كما أنه يرغب في الارتباط بفتاة منفتحة نوعاً ما". ترى أن "الزواج من شاب كويتي خليجي، والحصول على الجنسية الكويتية، أمر إيجابي بالنسبة لي".
في المقابل، تختلف قصة سوزيت البريطانية التي تزوجت عن حب. تقول إن عائلة زوجها لم تعترض على زواج ابنها من أجنبية، وخصوصاً أن والدته فلبينية. بعد مرور وقت قصير على تعارفهما، حاول إقناعها بالزواج منه، بحجة حمايتها من نظرة المجتمع. إلا أنها اكتشفت أخيراً أن السبب كان خوفه من أن تغيّر رأيها. لا تجد سوزيت أي مشكلة في العيش مع والدي زوجها، علماً أنها تتمتع باستقلالية تامة، كونها تملك جناحها الخاص في القصر. أيضاً، كونها لا تتكلم العربية، فهي غير معنية بأحاديث العائلة. بعد زواجها، تخلّت سوزيت عن ديانتها البوذية، ولم تكن لديها مشكلة في اعتناق الإسلام.
ما زالت سوزيت تعمل مستشارة قانونية في إحدى الشركات الكبرى في الكويت، فيما يعمل زوجها في إحدى كليات الكويت كأستاذ لمادة الرياضيات. لم تتزوج بهدف الاكتفاء المادي. حافظت على حياتها السابقة، علماً أنها صارت تملك سيارة فخمة، وباتت قادرة على التسوّق أكثر من السابق.
لم يعد الشاب الكويتي يكترث كثيراً بالعادات والتقاليد في بلاده. في ما مضى، اعتاد الأهل أن يختاروا زوجات أبنائهم. وغالباً ما يقع الاختيار على الأقارب أو المعارف. تغيّرت الأمور بعض الشيء في الوقت الحاضر. ثار البعض على هذه التقاليد، بهدف الزواج من الشريك الذي يرونه مناسباَ، في ظل ازدياد حالات الطلاق في البلاد.
تجدر الإشارة إلى أن هناك عوامل عدة تدفع أبناء الكويت إلى الزواج من أجانب، على الرغم من رفض المجتمع، بينها كثرة سفر الكويتيين إلى الخارج، عدا عن زيادة أعداد الأجانب العاملين في الكويت. وأشارت دراسة أعدتها وزارة العدل أخيراً ونشرت في الجريدة الرسمية إلى "زيادة المشاكل الزوجية، وارتفاع معدلات الطلاق، خلال السنوات القليلة الماضية"، لافتة إلى أن "نسبة العزاب بلغت 35 في المائة، في حين وصلت نسبة الطلاق إلى 21 في المائة". كما تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع ظاهرة الطلاق مرتبطة بتغير الوضع الاجتماعي للمرأة، واختلاف معايير اختيار الشريك.
كذلك، أكدت الدراسة أن المهور العالية وارتفاع تكاليف الزفاف، تدفع الشباب إلى الزواج من أجنبيات. أما الأسباب التي تدفع المرأة إلى الزواج من أجنبي، فهي الخوف من العنوسة، عدا عن اعتقادهن أن الزوج الأجنبي عادة ما يكون أكثر التزاماً بالزواج، ويحسن معاملة الزوجة، ولا يهمل واجباته الأسرية.