تتبع الحكومة التركية عدداً من السياسات الاجتماعية المحافظة، منها ما يتعلق بتشجيع الزواج المبكر، وإنجاب 3 أطفال على الأقل. وذلك في مواجهة المخاوف التي تشير إلى أنّ تركيا قد تدخل نادي الأمم الهرمة في الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية عام 2023. بينما تشير الإحصاءات الرسمية التركية إلى ازدياد مضطرد في نسب الطلاق، وانخفاض متنامٍ في نسب المقبلين على الزواج.
وفي هذا الإطار، تؤكد مؤسسة الإحصاء التركية أنّ حالات الزواج انخفضت عام 2014 بنسبة 1%، عما كانت عليه عام 2013. كما ازدادت حالات الطلاق بنسبة 4.5% عن 2013، لتصل إلى أكثر من 130 ألف حالة. ووقع نحو 40% من حالات الطلاق بعد أول 5 سنوات من الزواج، وأكثر من 21% بعد ما يتراوح بين 6 و10 سنوات من الزواج. بينما أصبح معدل سن الزواج لدى النساء 26 عاماً، ولدى الرجال 28 عاماً.
وفي مواجهة ذلك، أعلنت وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية عن إعالة مالية قدرها 4 آلاف دولار من دون فوائد يتم سدادها خلال 4 سنوات بعد السنة الأولى من الزواج، وذلك لمن يقدم على الزواج في سن مبكرة، بشرط أن يكون الزوجان ما بين 18 و24 عاماً، وغير قادرين على الزواج لأسباب اقتصادية.
من جهتها، أعلنت وزارة الشباب والرياضة أنّ طلاب الجامعات المتزوجين لن يُطالَبوا بتسديد القروض الطالبية الخاصة التي حصلوا عليها من الدولة. وسيتم إعادة النظر في المنح التي حصلوا عليها، وإلغاء ديونهم. كما سيتم إعفاؤهم من أجور السكن الجامعية. وهو ما أثبت فاعليته حتى اليوم. فالتقارير تشير إلى أنّ نحو 3 آلاف طالب جامعي تزوج وتقدم للحصول على هذه الميزات حتى فبراير/شباط الماضي.
كما أعلنت الحكومة أنها ستقدم للمتزوجين الشباب حسابات توفير خاصة. وستضيف ما قيمته 15% من قيمة المبالغ المودعة في هذه الحسابات إن لم يتم المساس بها خلال أول 5 سنوات، و10% خلال أول 4 سنوات، و5% خلال أول 3 سنوات.
كما أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو نية الحكومة منح الأمهات هدايا عند إنجابهن. فللطفل الأول تحصل الأم على ليرة ذهبية بقيمة 120 دولاراً أميركياً. لترتفع إلى 160 دولاراً للطفل الثاني. وتصل إلى 240 دولاراً للثالث. كما سيتمتع المتزوجون بإمكانية فتح حساب توفير لأبنائهم، ستضيف الحكومة إليه 15 % من قيمة المبلغ المودع عندما يصل الطفل إلى سن الزواج.
كذلك، وفرت الحكومة الكثير من الميزات للأمهات. أهمها السماح لهن بالعمل لمدة أربع ساعات يومياً مقابل راتب كامل، على الأقل لمدة عام بعد الولادة.
لكن، وعلى الرغم من أهميتها، فقد واجهت التسهيلات الحكومية اعتراضات من جانب عدد من المنظمات النسوية والاتحادات العمالية وجمعيات أصحاب الشركات. وتؤكد الناشطة النسوية جيلان سونماز أنّ "الحكومة تتبع سياسات ممنهجة تهدف إلى إخراج القوى العاملة النسائية من سوق العمل والحياة الاجتماعية وتحويلهن إلى أدوات إنجاب لا أكثر". وتشير إلى كلمة وزير الصحة التركي محمد مزين أوغلو العام الماضي، التي أكد فيها أنّه "لا ينبغي للمرأة التركية أن تهتم بأي مهنة باستثناء مهنة الأمومة".
فيما يؤكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أنّ إجراءات الحكومة التي تضمن للمرأة سنة كاملة من العمل لمدة أربع ساعات مع الحصول على أجر كامل بعد الولادة، ستحدّ من إقبال أصحاب الشركات في القطاع الخاص على توظيف النساء. فالمرأة التي تنجب ثلاثة أطفال ستمضي أكثر من ثلاث سنوات بنصف دوام وراتب كامل. ويعلق رجل الأعمال إسماعيل سينيرلي أوغلو على ذلك، بالقول: "من سيتمكن من تحمل خسارة تشغيل امرأة لمدة ثلاث سنوات بنصف دوام وراتب كامل؟ من سيشغّل امرأة متزوجة بعد ذلك؟!".
اقرأ أيضاً: كتب وبرامج طلباً للزواج في تركيا