* ما هي أجندة اللقاء مع مسؤولي جهاز الاستخبارات المصري؟
المسؤولون المصريون كانوا قد طلبوا منّا إجابات على عدد من المواقف، ونحن جهّزنا ردوداً على كافة الملفات التي طلبوها، ولكن بشكل عام الملف الأبرز هو الوضع الأمني. للأسف، فإن كثيراً من الإعلاميين المصريين قد روّجوا خلال الفترة الماضية أخباراً خاطئة، تتهم الحركة بالتورط في أحداث أمنية داخل مصر، واللقاء يشهد تقديم الحركة ملفاً كاملاً للرد على هذه الأمور موثّقة بالأدلة. فعلى سبيل المثال هناك أحداث سابقة، منها على أيام الرئيس المصري الأسبق (المخلوع)، حسني مبارك، حين فُتحت الحدود بين الجانبين ودخل الآلاف من أهل غزة إلى مصر، كما دخل أيضاً العديد من المصريين إلى القطاع على سبيل الزيارة. وبعضهم كان يذهب إلى أماكن تمركز المقاتلين ويلتقط صوراً تذكارية معهم، والآن نجد هذه الصور تُنشر ويتمّ الترويج لها، على أساس أن هؤلاء كانوا يتدرّبون في معسكرات داخل غزة.
الآن، نحن كحركة لا نتدخل في الشأن المصري ولن نتدخل، كما أننا لسنا حضناً لأي جهة تريد الإضرار بالأمن القومي المصري أو أي دولة عربية. وسياسات حماس لم تتغيّر مع مصر، سواء في عهد مبارك أو (الرئيس المعزول محمد) مرسي، أو المجلس العسكري أو الرئيس عبد الفتاح السيسي. ولا يوجد في أخلاقنا ومناهجنا ما يسمح لنا بقتل المصريين أو الإساءة إليهم، ولكن هناك من يريد أن تسوء العلاقة بيننا، خصوصاً أنه في آخر عهد مبارك، تم اتهام حماس بتفجير كنيسة القديسين، وبعد ذلك أثبتت التحقيقات الرسمية براءتنا من هذا الاتهام، بعد أن اكتشفوا وقوف وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وراء الحادث.
* هل طلب منكم الجانب المصري خلال اللقاء الماضي القيام بأي دور لضبط الأمن في سيناء؟
نحن من جانبنا أخذنا خطوات كثيرة لضبط الحدود، والمسؤولون المصريون في الأجهزة المختصة يعرفون ذلك ويرصدونه بشكل جيد، وأبلغونا تقديرهم لما تقوم به الحركة من إجراءات لتأمين الحدود. اليوم نستطيع القول إن درجة الانضباط مُرضية، وهو ما أثبتناه لمصر بالوثائق.
* إلى أين وصلتم في ما يتعلق بملف أعضاء الحركة الأربعة الذين تم اختطافهم داخل الأراضي المصرية، بعد مرورهم من معبر رفح؟
الموضوع برمته هو من مسؤولية الجانب المصري، لأنهم تعرّضوا للاختفاء داخل الأراضي المصرية، ونحن طرحنا هذا الملف خلال اللقاء الماضي، ولكن الجانب المصري طلب تأجيل الردّ للقاء الجديد. ونأمل هذا المرة أن يكون هناك رد واضح بشأنهم ويتم الإفراج عنهم.
* على صعيد معبر رفح، هل توصلتم لآلية تضمن صيغة دائمة لفتح المعبر بشكل منتظم خلال لقائكم الأخير بالقاهرة؟
اقتربنا من صيغة جيدة، وما قدمه وزير الاستخبارات المصري خالد فوزي في مسألة فتح المعبر مقبول، ونأمل خلال اللقاء القادم تسريع الخطوات التي حددها بعد أن تم تأجيلها، حتى نصل لصيغة تضمن فتح المعبر بشكل منتظم.
* ماذا عن الحديث بشأن دراستكم للانفصال عن جماعة الإخوان المسلمين لسد الذرائع التي يروجها الإعلام المصري؟
نحن ننتمي فكرياً لتيار الإخوان المسلمين، ولكننا لا نأخذ قرارات من الجماعة أو نتلقى توجيهات منها، فلم تكن قرارات الحروب التي خاضتها الحركة تأتينا من الجماعة، وكذلك لم يكن قرار خوض الانتخابات التشريعية وغيرها من القرارات، جميعها قرارات تم اتخاذها من مؤسسات الحركة.
نحن فكرة إسلامية ولسنا جزءاً من تنظيم الإخوان، فنحن تنظيم مستقل وقراراته من رأسه وليست من رأس آخرين ولا يوجهنا أحد، ومحاولة الربط بيننا وبين الجماعة وتصويرنا على أننا نتلقى مساعدات منها غير صحيح.
* كيف ترون الحديث عن توسيع "اتفاقية السلام مع إسرائيل"، وكذلك تحوّل السعودية لجزء منها، بعد انتقال السيادة على جزيرتي تيران وصنافير إليها، بالإضافة لحديث الرئيس المصري عن تجديد مسار المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟
بداية، نحن نعتبر كل فلسطين أرضنا، ولا نعترف بما يسمى حدود قبل 1967 أو غيرها من المسميات، ولو لم يكن هذا موقف الأشقاء في مصر أيضاً في عام 1948، لما جيّشوا الجيوش هي والدول العربية لمنع اليهود من إقامة دولة، ولا يعني أننا إذا حرّرنا جزءاً من أرضنا، أننا سنتنازل عن باقي الأجزاء.
أما الحديث عن معاهدة السلام العربية التي طُرحت في العام 2002، انتفى الأساس الذي طُرحت بناءً عليه، وهو إقامة دولة على حدود ما قبل 1967، حين كانت تنصّ على إقامة دولة في الضفة وغزة. الآن نحن حررنا قطاع غزة بالمقاومة، في حين أن 60 في المائة من أراضي الضفة الأصلية قامت إسرائيل ببناء مستوطنات عليها وتعتبرها جزءاً من أراضيها.
وعلى صعيد توسيع السلام مع إسرائيل، نحن ننصح الدول العربية بألا تسعى لذلك، لأنها بهذه الآلية ستقضي تماماً على فكرة إقامة دولة فلسطينية، فالمفاوضات أثبتت أنها آلية فاشلة في الصراع العربي الإسرائيلي، وعلى الشعب العربي أن يحمل الهمّ الفلسطيني أولاً، قبل أن يسعى لسلامٍ مع إسرائيل في وقت تمنع فيه تل أبيب أبسط الحقوق عن الفلسطينيين.
* على ذكر مبادرة السلام العربية التي سبق وطرحتها السعودية، كيف تقيّم العلاقة بين حماس والمملكة في الوقت الراهن؟
المشكلة الأساسية بدأت عام 2007 في أعقاب اتفاق مكة بين حركتي فتح وحماس، ووقتها قدّمت حماس تنازلات لإتمام الاتفاق، ومنحت فتح نصف الحكومة، على الرغم من أن عدد مقاعدها في المجلس التشريعي كان الثلث فقط. بعدها فوجئنا أن فتح تفتعل المشاكل ثم ذهبت للسعودية، وقالت إن حماس تعطل اتفاق مكة. ثم بعد ذلك عندما أرادت الانقلاب بقوة السلاح على حكومة حماس، التي كان نائب رئيسها من فتح، انهزمت تحديداً في منطقة الأمن الوقائي. ثم ذهبت وأقنعت الرياض أن حماس انقلبت عسكرياً على اتفاق مكة. في الوقت الراهن نحن نحاول جاهدين إنهاء أي إشكالية مع الرياض، ولكن في الوقت ذاته لا نريد أن نكون جزءاً من أي محاور داخلية في أي دولة، ولا نريد أن نلعب على الأوتار الطائفية أو العرقية.
* هل طلبت منكم السعودية أداء أي دور في الصراعات الدائرة سواء في اليمن أو غيرها؟
لم يطلب منّا أحد ذلك، فقوة حماس العسكرية موجهة ضد الاحتلال فقط وليس لدينا أي قوات عسكرية في الخارج، كما أننا نسعى دائماً للحفاظ على وحدة الأمة بكل مكوناتها العرقية والطائفية، ونحن على استعداد دائم للقيام بأي دور لإصلاح "ذات البين" بين أي دولة وأخرى، أو طائفة وأخرى في حدود قدراتنا وعلاقاتنا.
* ما طبيعة العلاقة بينكم وبين الرياض في الوقت الراهن؟
بعد تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم، ذهب وفد والتقى به وتحسّنت بعض العلاقات، وكانت هناك بعض الإشكاليات لأشخاص بالحركة في السعودية تم حلّها. التحسّن بشكل عام ليس على المستوى المأمول، ولكن نرجو أن يشهد تقدماً خلال الفترة المقبلة، ويكون للمملكة دور أكبر في دعم الشعب الفلسطيني.
* تسعى تركيا لتأدية دور من خلال مفاوضاتها مع إسرائيل لكسر الحصار على غزة، تحديداً في ملف إنشاء الميناء البحري، فإلى أين وصلت هذه المفاوضات؟
قبل التطرّق للمفاوضات التركية مع إسرائيل بشأن الميناء، هناك أمر يجب أن نلقي عليه الضوء، وهو أن المطار والميناء كانا جزءاً أساسياً من اتفاقية أوسلو، التي دفع الفلسطينيون ثمنها غالياً، فتم بناء المطار في رفح قبل أن تقوم إسرائيل بضربه بعد ذلك في حربها على القطاع. أما الميناء فقد عطّلت السلطة بناءه وقتها للأسف، بسبب أن هناك أشخاصاً نافذين في السلطة الفلسطينية في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، كانت لهم أرض مجاورة للمكان المحدد للميناء، فقاموا بإفشال الموضوع وقتها. لكن الميناء حق وسنحصل عليه.
أما على صعيد المفاوضات التركية، فلا نعرف نتيجتها حتى الآن، كما أننا لا نمانع في أن تأتي أي جهة محايدة، وإن كنا نفضّل أن تكون عربية، لتُشرف على الميناء بعد إنشائه، والتأكد من أنه لن يتم استخدامه في الحصول على السلاح، وخصوصاً أننا لسنا بحاجة لسلاح في الوقت الراهن، فقدرتنا والسلاح الموجود لدينا كافٍ جداً.
* هناك قلق من حرب جديدة على قطاع غزة، تحديداً بعد تولّي أفيغدور ليبرمان، المعروف بتطرفه، حقيبة وزارة الأمن في حكومة بنيامين نتنياهو، فكيف تقيّمون الموقف في الوقت الراهن؟
في ظل الحديث عن المخاوف من حرب جديدة، يجب أن تكون هناك نظرة واقعية لمقاييس القوة في الوقت الراهن، التي أسهمت الحرب الأخيرة في يوليو/ تموز 2014 على القطاع في تغييرها، فهي وإن كانت قد تسببت في تدمير إجرامي للمنازل والمدارس والمساجد والكنائس، إلا أنها في المقابل ضربت نظرية الأمن الإسرائيلي في مقتلٍ، وكانت أكبر الروادع لنتنياهو، ونحن لا نخشى ليبرمان أو غيره.
وأول نظرية أسقطتها حماس خلال الحرب الأخيرة، هي نظرية التخويف التي كان يعتمد عليها جيش الاحتلال لإنهاء المعارك قبل بدايتها، من خلال حشده لأعتى أنواع الأسلحة، ليتضح بعدها أن حماس لا تخشى أحداً، بل يمكنها أن تؤلم إسرائيل وجيشها.
أما ثاني النظريات التي هدمتها حماس لجيش الاحتلال خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، فهي الحرب الخاطفة، التي لم يتمكن الصهاينة من جعلها كذلك، وذهبوا لمصر يصرخون ويرجونها التدخل لإقناع حماس بوقف الحرب بعد أول أسبوع. وهذا ما نُقل إلينا، إلا أنهم كانوا يريدون إيقاف الحرب من دون أن يدفعوا ثمنها.
النظرية الثالثة التي أسقطناها في الحرب الأخيرة، كانت بقاء الأرضية المحتلة آمنة، أي التي تعتبرها إسرائيل دولتها، إذ تم ضرب هذه النظرية، ووصلت صواريخ حماس إلى عمق الأراضي المحتلة، والمستوطنات، وتوقفت المطارات والموانئ. وباتوا يعرفون الآن أن لدى حماس قوة بإمكانها أن تؤلمهم، لذلك فإن قرار شن حرب جديدة يتوقف عندهم على تقديرات الجيش والسياسة والأمن، وأصبح قراراً معقّداً، وهنا نؤكد أننا لا نتمنى الحرب ولكن إذا فُرضت علينا سنؤلمهم.
* على الصعيد الداخلي للحركة، هل سيترشح خالد مشعل لرئاسة المكتب السياسي في الانتخابات المقرر لها نهاية العام الجاري؟
وفقاً للوائح الداخلية للحركة، لا أحد يجلس في مقعده أكثر من فترتين، فالقانون الداخلي يقول إن من شغل منصباً لفترتين لا يترشح لثالثة بل يترك موقعه ويتم استخدامه في موقع آخر، وبناءً عليه سيتم تنفيذ اللائحة خلال الانتخابات المقبلة، وهو ما يعني أنه لن يترشح.