في سوق البلدة القديمة في نابلس، شمال الضفة الغربية، يعمل وائل علي التيتي في مجال صناعة الزلابية وحلاوة القرع. وكان الرجل الخمسيني قد ورث مع أبناء عمومته هذه المهنة عن أجدادهم. الأخيرون كانوا يبيعون الزلابية وحلاوة القرع (مربى القرع) في سوق حيفا قبل نحو 80 عاماً، قبل أن ينتقلوا للاستقرار في مدينة نابلس بعد نكبة فلسطين في عام 1948.
منذ الصغر تعلّم التيتي صناعة الزلابية وحلاوة القرع لتكون مهنة له ولأبنائه من بعده. هذه مهنة الأجداد التي لم يتركها هو و13 آخرون من أبناء عمومته الذين يتوزّعون في محال لبيعها في البلدة القديمة. يحكي لـ"العربي الجديد" كيف يجهّز في كل صباح عجينة الزلابية من دقيق القمح أساساً، قبل أن يقسمها على هيئة مثلثات ويقليها بالزيت. وبعد تصفيتها من الزيت، يبيع الكيلوغرام الواحد منها بنحو أربعة دولارات أميركية. أمّا حلاوة القرع، فتُجهّز قبل يوم من عرضها للبيع، وتُطبخ بالماء والسكر لتصبح مربى جاهزاً حلو المذاق. وهي تُباع بنحو عشرة دولارات للكيلوغرام الواحد.
يشير التيتي إلى أنّ "الزلابية قد تؤكل لوحدها، كذلك حلاوة القرع. لكنّهما أيضاً، قد تؤكلان معاً باردتَين. هذا هو السائد هنا. أهالي نابلس اعتادوا طعمهما منذ القديم، وفي مناسبات عديدة. وقد يتناولون هذه الوجبة المالحة والحلوة، بعد الإفطار في شهر رمضان". ويشدّد على أنّ "الزلابية لا تخزّن إلا 24 ساعة على أبعد تقدير. فهي لا تحفظ في الثلاجة وتؤكل طازجة".
منذ صغرها، تتناول نيفين صلاح وهي من سكان مدينة نابلس، الزلابية وحلاوة القرع في أوقات مختلفة من العام، وليس فقط خلال شهر رمضان، وعلى سبيل المثال في المناسبات الدينية كالإسراء والمعراج ورأس السنة الهجرية والمولد النبوي وخلال شهر شعبان. كذلك قد يحملها أهالي نابلس هدية لابنتهم العروس الجديدة وللأقارب في هذه المناسبات. وتستذكر صلاح كيف كانت تذهب مع والدها قبل أن يتوفاه الله، إلى سوق البلدة القديمة في نابلس لشراء الزلابية وحلاوة القرع. وتصف فطور يوم الجمعة بالمميّز، إذ تزيّنه الزلابية وحلاوة القرع، إلى جانب قرص الثوم والتمرية وهي نوع آخر من الحلويات النابلسية.
من جهة أخرى، يشير الباحث عبد الله كلبونة إلى أنّ "تاريخ صناعة الزلابية وحلاوة القرع يعود إلى العهد الفاطمي على الأرجح، وقد نُقلت من العاصمة السورية دمشق وبدأت بعض العائلات النابلسية بإعدادها وبيعها قبل أن تتوارثها الأجيال".