وعلى رغم من مضي نحو ستة أشهر، من الاتفاق الذي أقر بصورته النهائية، في الرابع والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي، بعد جولاتٍ من المحادثات في تركيا، بين ممثلين عن حركة أحرار الشام من جهة، ومسؤولين إيرانيين من جهة أخرى، فإن المناطق التي كانت شملتها، ستدخل ضمنياً، ضمن "وقف الأعمال العدائية" في سورية، التي كان قد تبناها مجلس الأمن بقراره رقم 2268، ودخل حيز التنفيذ منذ فجر السابع والعشرين من شباط/فبراير الماضي.
وتشير المعلومات الواردة من الزبداني، التي كانت تشهد منذ بداية يوليو/تموز الماضي أشرس حملةٍ عسكرية للنظام وحزب الله اللبناني، بغية اقتحامها، إلى أنه وبرغم الهدنة التي أبرمت لاحقاً، غداة شن "جيش الفتح" لهجماتٍ على بلداتي كفريا والفوعة بريف إدلب، إلا أن النظام وحزب الله، استغلا فترة الهدنة، وعززا مواقع سيطرتهما في المدينة.
وفي هذا السياق، تؤكد الناشطة الإعلامية مريم الزبداني لـ"العربي الجديد"، أن "مواضع السيطرة لم تتغير فعلياً خلال فترة الهدنة، وبقي الثوار محاصرين في منطقةٍ صغيرة نسبية، لكن الذي حدث، هو أن النظام وحزب الله عززا مواقع تمترسهما خلال أيام الهدنة من خلال خرقها عدة مرات".
وتقول الناشطة التي تنحدر من المدينة، بأن قوات "النظام وحزب الله قاموا خلال أيام الهدنة، بتعزيز القوة النارية للحواجز، كما أنهم فجروا كل بناءٍ شعروا أنه عائق أمام حركتهم"، مؤكدة أن "خمسة أشخاصٍ من المحاصرين في الزبداني قُتلوا برصاص الحزب والنظام خلال أيام الهدنة"، وبأن القوات المهاجمة واصلت "قطع الأشجار المثمرة بسهل الزبداني حتى أصبحت معظم أراضيه صحراء قاحلة".
وبرغم أن بعض بنود الاتفاق تم تنفيذها، كإخراج دفعاتٍ من الجرحى في مضايا والزبداني، وكذلك من كفريا والفوعة، فإن الأسابيع الأولى، بعد توقيع الاتفاق، شهدت تشديد الحزب اللبناني والنظام السوري، للحصار على بلدة مضايا المتاخمة للزبداني، والتي تقطنها بالإضافة لأهلها، مئات العائلات التي كانت فرت من جحيم القصف بالزبداني.
إذ إن البلدة، تعرضت لحصارٍ خانق، تم إطباقه تماماً أواخر العام الماضي، وأدى لوفياتٍ بسبب نقص الغذاء والدواء، وباتت المدينة محط اهتمام وسائل الإعلام المختلفة، لحين انفرجت الكارثة الإنسانية نسبياً، مع دخول أول قافلة مساعداتٍ أممية إنسانية، في الثامن من يناير/كانون الثاني الماضي، بعد ضغوطٍ دولية تعرض لها النظام، وتزامن ذلك مع دخول قافلات مماثلة لكفريا والفوعة بريف إدلب.
وعلى الرغم من هذه الفاجعة الإنسانية التي عاشتها مضايا لأشهر، وكذلك خرق وقف إطلاق النار عدة مراتٍ من عناصر الحزب وقوات النظام في الزبداني، سوى أن الاتفاق صمد لاحقاً، وكان قد مر بمخاضٍ عسير قبيل إبرامه، إذ دفع الاستعصاء الميداني على تلك الجبهات بريفي دمشق وإدلب، الأطراف المتحاربة، لتقديم تنازلاتٍ كانت ترفضها.
وكانت المعلومات المتطابقة حينها، تشير إلى أن المسؤولين الإيرانيين، أصروا بداية على ضرورة إفراغ الزبداني من المقاتلين المحليين، الذين فوضوا إلى حركة أحرار الشام التفاوض باسمهم، لكن تكثيف الفصائل العسكرية حينها لهجماتها، على أطراف كفريا والفوعة بريف إدلب، أدى بالنهاية لتنازل الجانب الإيراني عن شرط إفراغ الزبداني، وتمت التسوية، على هدنةٍ لستة أشهر، تخرج خلالها دفعاتٌ من الجرحى والعائلات من المناطق المحاصرة، على أن تُفتح الطرق لدخول قوافل الإغاثة، بحسب الاتفاق، الذي أحرج النظام حينها، لكون دوره اقتصر على تنفيذ ما تم إبرامه.
اقرأ أيضا: مساعدات مؤجلة لسورية.. وأمور غيرتها الهدنة