من جانبه، أكد سامر الصالح، القيادي في "جيش العزة"، أبرز فصائل الجيش السوري الحر في ريف حماة الشمالي، أن "شدة القصف الجوي دفعت مقاتلي المعارضة للانسحاب". وفي حديث مع "العربي الجديد"، قال الصالح إن "إحراق النظام والجانب الروسي لمنطقة تل ملح بالطيران والمدفعية، يظهر أن البقاء فيها انتحار للمقاتلين"، لكنه أكد أن "لا خيار أمامنا إلا المواجهة ضد قوات النظام، والتقدم من جديد". وشدّد على أن "التصعيد من قبل الروس لم يتوقف في أستانة أو في غيرها"، مضيفاً أن "الروس يريدون استعادة المنطقة المحررة في شمال غربي سورية كلها. التثبيت آني لينتقلوا إلى تقدم آخر. على الجميع أن يعي ذلك".
وكانت فصائل المعارضة السورية قد انتزعت السيطرة على القريتين في 6 يونيو/ حزيران الماضي، إثر معارك ضارية مع قوات النظام التي حاولت مراراً استعادتها، إلا أنها فشلت على الرغم من مئات الغارات الجوية من قبل مقاتلات روسية وطيران النظام، بل خسرت المئات من عناصرها بين قتيل ومصاب في المحاولات الفاشلة. ولمنطقة تل ملح أهمية استراتيجية، كونها إحدى طرق إمداد النظام بين محردة والسقيلبية، فضلاً عن مرور طريق رئيسي بين حماة واللاذقية عبر هذه المنطقة. كما أن تل ملح تطلّ على العديد من المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات النظام.
وأمام عجز قوات النظام ومليشيات تتبع لها عن التقدم في ريف حماة الشمالي، زج الروس بقوات خاصة في المعركة، في تغيير واضح لأساليب القتال تضمنت أيضاً سحب قوات النظام التي يقودها العميد سهيل الحسن، الملقب بـ"النمر"، و"الفيلق الخامس اقتحام" من جبهات ريفي حماة الشمالي والغربي، عقب تعرضها لهزائم متلاحقة، وتسليم المنطقة للفرقة السابعة والحرس الجمهوري والأمن العسكري والفرق الرابعة والثامنة والحادية عشرة والرابعة عشرة والثامنة عشرة، والتي تتبع كلها لقوات النظام.
غير أن الخطة الروسية التي كانت تهدف إلى إحداث اختراق آخر على محور الكبانة الاستراتيجي في ريف اللاذقية الشمالي لم تفلح، إذ تكبّدت قوات النظام خسائر بالأرواح والعتاد جراء محاولتها التقدم على هذا المحور مساء الأحد، في انتكاسة جديدة لهذه القوات، التي فشلت عشرات المرات في التقدم على هذا المحور منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
ونقلت مصادر إعلامية معارضة عن قيادي في الفصائل المقاتلة في ريف اللاذقية الشمالي قوله إن "مقاتلي الفصائل تصدّوا، الأحد، لهجوم بري هو الأعنف منذ أشهر من قبل مليشيات الحرس الجمهوري، والقوات الخاصة الروسية، ومجموعات اقتحام من مليشيا الفيلق الخامس". وأشار إلى أن "الفصائل امتصّت الهجوم حتى أصبحت كافة المجموعات المقتحمة في مرمى نيران المقاتلين، ليتم قتل وجرح العشرات من عناصر المليشيات المهاجمة واغتنام أسلحتهم وذخائرهم".
وذكرت المصادر أن "النظام استقدم تعزيزات عسكرية من الفرقة الرابعة ومليشيات الدفاع الوطني والفيلق الخامس إلى ريف اللاذقية الشمالي، ما يؤكد نيته شن هجوم واسع النطاق". مع العلم أن الكبانة تقع على أعلى قمة مطلة على مدينة جسر الشغور وسهل الغاب وبداما والناجية والشغر والجانودية وغيرها من المناطق، وصولاً إلى جبل الزاوية في محافظة إدلب.
وأفاد مصدر في فصائل المعارضة المسلحة، لـ"العربي الجديد"، بأن "سيطرة قوات النظام على الكبانة تعني رصد المنطقة نارياً، ومن ثم يصبح تقدّم هذه القوات إلى باقي المناطق أسهل، كونها ستقود المعارك من الأعلى إلى الأسفل، ومن هنا تنبع أهمية الكبانة الكبيرة لدى الثوار والنظام". وأوضح أن "النظام حاول طيلة ثلاثة أشهر التقدم باتجاه جسر الشغور التي تعدّ محطة هامة على الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب بالساحل السوري، ولكنه فشل بسبب صمود الفصائل المقاتلة في محور الكبانة". وأشار إلى أن "الخطة الروسية في شمال غربي سورية فشلت رغم تقدم قوات النظام في مواقع عدة"، مضيفاً أن "الروس كانوا يهدفون لإخضاع محافظة إدلب ومحيطها خلال شهرين ومن ثم تصفية القضية السورية، ولكنهم فشلوا".
وبلغ هجوم قوات النظام ذروته في 8 و9 مايو/ أيار الماضي، مع سيطرتها على بلدتي كفرنبودة وقلعة المضيق، ثم على نحو 16 موقعاً، منها: الكركات والشريعة والتوينة وباب الطاقة في ريف حماة الشمالي الغربي، عقب انسحاب فصائل المعارضة منها بسبب صعوبة الدفاع عنها. وجاء تقدم قوات النظام في منطقتي تل ملح وجبين بعد سلسلة مجازر بحق المدنيين في مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي، كان الهدف الرئيسي منها الضغط المعنوي على فصائل المعارضة السورية التي يشكّل المدنيون نقطة ضعف لها، طالما استغلها النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون من خلال ارتكاب المجازر بحقهم بغارات جوية خلّفت أيضاً دماراً كبيراً. وصعّد النظام والروس من القصف المتوحش خلال الأيام القليلة الماضية لتحقيق نصر إعلامي قبيل انطلاق جولة جديدة من مفاوضات أستانة مطلع الشهر المقبل. ومن الواضح أن الجانب الروسي (الضامن للنظام) سيدفع في الجولة نحو تثبيت خارطة السيطرة الجديدة، التي تتيح لقوات النظام البقاء في 18 بلدة وموقعاً سيطرت عليها خلال شهر مايو الماضي. ولكن الجانب التركي (الضامن للمعارضة) يطالب بعودة قوات النظام إلى حدود اتفاق سوتشي، قبل البحث في أي اتفاق جديد يوقف إطلاق النار.