الرمادي بعد التحرير

15 ديسمبر 2015
+ الخط -
وعدُ ووعيد، محاسبة وتشديد، هدر دم وتشريد، لكل من دنس أرض الأنبار، وهجر اَهلها الكرام، وفجر منابرها العظام، ويتم أطفالها ونسائها التي لا تنام.
مع كثرة الشعارات والهتافات العشائرية التي تتوعد بالضرب بيد من حديد، وتفعيل الأعراف العشائرية من جديد، ضد المجرمين الحاقدين، سراق الدار المفسدين، ذلك كله يحصل بعد التحرير المرتقب لمدينة الرماديّ.
الكل يريد أن يركب الموجة، بتصريحات رنانه من هنا أو هناك، ويتسلق على أكتاف المرابطين في ساح الوغى، حتى يثبت للآخر أنه الأجدر بالمناورة، والمساومة على حساب المبادىء والعقيدة.
وما أكثر الشيوخ التي تظهر على شاشات التلفاز، بهمة عالية، وفي أرض المعركة خاوية، بسبب أطماعه الدنيوية، للحصول على مكاسب مالية، لا تسمن ولا تغني من جوع.
شيوخ الأنبار منقسمون على أنفسهم، ما بين مؤيد للحكومة ومؤتمراتها، وما بين معارضة للمؤتمرات والندوات التي تكون برعاية الدول الإقليمية، الأمر الذي ينعكس سلباً على المواطنين القابعين في العراء، من دون مأوى يقيهم من برد الشتاء القارص، وحرارة الصيف الحارق.
سوف يظهر الصراع واضحاً، بعد تحرير مدينة الرمادي من دنس عناصر داعش الإرهابية، وتحاول كل جهة سرقة طعم الانتصار، للحصول على مكاسب مادية ومعنوية، تناغم أطماعهم الدنيوية.
ولربما تحول بعض شيوخ عشائر الأنبار إلى أشخاص يحملون صفة البراغماتية، ويجامل بعضهم الآخر، على حساب المبادىء والقيم، والأعراف العشائرية الأصيلة.
واجهت مدينة الرمادي حرباً همجية شرسة، دمرت البنى التحتية من الجسور، والمدارس والجامعات وجميع المؤسسات الحكومية والخدمية، من أُناس دخلاء، تعاون معهم ابن المدينة، بسبب الأفكار التكفيرية التي غسلت أدمغتهم بالفتاوى الإجرامية، البعيدة عن الدين الإسلامي الحنيف.
لذا، لا بد من وجود عقلاء حكماء، لإعادة ما تم تدميره، وتقديم الغالي والنفيس، في سبيل إرجاع المحافظة إلى ما كانت عليه في السابق، والكل يعلم مدى الصعوبة التي تعرض لها أبناء محافظتنا العزيزة، من ذُل وإهانات، بقصد أو بغير قصد.
يجب التعلم من هذا الدرس القاسي في الأيام المقبلة، ويقع دور كبير على علماء الدين، وخطباء المنابر، في نبذ الأفكار الظلامية الإجرامية التكفيرية، وتثقيف أبناء المحافظة بما هو صحيح، وكذلك يقع دور كبير على أبناء قواتنا الأمنية، في حفظ دماء أبنائنا، وعدم السماح لمن يجامل على حساب أمن المحافظة، لا سيما ممن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء، وشهداء قواتنا الأمنية الأعزاء.
سوف تشهد الأيام المقبلة تغيراً جذرياً، على المستوى الجيوسياسي لمحافظة الأنبار، والاهتمام الدولي لإعادة ترتيب الأوراق، في تقديم شخصيات مسؤولة، لإنجاح مشروع إقليم الأنبار المنتظر، لأنه السبيل الوحيد لضمان حقوق أبناء المحافظة المغتصبة، والتي تعامل على أساس الفئة الثانية، وهذا لا يليق بمجتمع تعلم على العز وكرم الضيافة، وواجب على كل شخص من محافظة الأنبار تقديم ما هو أفضل للمحافظة.
647CF4A7-C5CD-46D4-B9E3-E6A2C8BC186E
647CF4A7-C5CD-46D4-B9E3-E6A2C8BC186E
سيف سعدي (العراق)
سيف سعدي (العراق)