الركود يشلّ حركة التجارة في غزّة

17 مايو 2014
جانب من سوق الخضر بغزة (ماركو لونجاري/أ ف ب-Getty)
+ الخط -

يعرض بائع المواد الغذائية، أبو محمد المدهون، عشرات الأصناف من البضائع المختلفة أمام الرصيف المحاذي لمحله الكبير وسط مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة، واضعاً إلى جانبها لافتة مكتوب عليها: "تنزيلات 30%"، في محاولة منه للتغلّب على الركود الاقتصادي الذي طال كل شيء في غزة.

ومنذ تدمير الجيش المصري الأنفاق التي كانت تمد غزة باحتياجاتها الإنسانية، تعطّل آلاف الفلسطينيين في القطاع، وأصيبت قطاعات كاملة بالشلل، ما أدى إلى زيادة الركود الاقتصادي في القطاعات المختلفة.

وبدأ تجار غزة، على اختلاف تجاراتهم، محاولات لتفادي الكساد عبر عروض وتنزيلات مختلفة لم يشهد لها القطاع المحاصر مثيلاً.

يقول أبو محمد، لـ"العربي الجديد": "أقدّم العروض والتخفيضات لجذب الزبائن. حركة البيع والشراء قلّت كثيراً جراء تأخير رواتب الموظفين وإغلاق الأنفاق التي كانت تشغّل الآلاف في غزة بطريقة مباشرة أوغير مباشرة".

وأوضح أبو محمد أنه لجأ إلى إعلان العروض والتنزيلات، لتفادي تعرضه لمزيد من الخسائر، في ظل قلّة الطلب على البضائع. واصبح الفلسطينون في غزة  يعتبرون الكثير من الحاجيات كماليات نتيجة ظروفهم الاقتصادية الصعبة.

واضطر أبو محمد إلى تسريح اثنين من العاملين في محله التجاري الذي كان يعمل فيه أربعة شبان، نتيجة قلة البيع وتعرضه لخسائر متراكمة، دون وجود أفق حتى الآن للتحرك الاقتصادي. غير أنه يبدي تفاؤلاً بتحسن الأوضاع عقب المصالحة وتشكيل حكومة التوافق المنتظرة.

أما الشاب محمد الغندور، الذي يعمل في سوق الخضار المركزي بالمخيم، فأكد لـ"العربي الجديد"، أن بيع الخضار والفاكهة قلّ كثيراً عن الفترات الماضية، رغم أهمية وجودهما على الموائد الغزية، عازياً ذلك إلى تأخر الرواتب وصعوبات الحياة المتزايدة في القطاع.

ولفت الغندور إلى أن الكثير من سكان القطاع باتوا يعتبرون الفواكه من الكماليات وليس من الضروريات، نتيجة "تداخل مواسم الصرف" ونتيجة عدم تلقي قطاع كبير من الشعب في غزة رواتبه نتيجة الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة في غزة.

وكانت غزة في عهد الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، شهدت تحسناً اقتصادياً جزئياً، لكنه كان ظاهراً رغم استمرار الحصار الإسرائيلي، إلا أنه بعد تدمير الأنفاق وإغلاقات معبر رفح المتكررة واشتداد ذروة الحصار، دخلت غزة مجدداً في أزمة ركود قاسية.

وقال معين رجب، الخبير الاقتصادي وأستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن إقدام الباعة والتجار على إطلاق حملات وعروض مكثفة، محاولة منهم للهروب من الركود الاقتصادي الذي يضرب غزة.

وأكد رجب أن تأخير رواتب الموظفين في غزة، قلّل من القدرة الشرائية للأسر بشكل كبير، مبيّناً أن "أصحاب المحال التجارية والتجار أنفسهم في وضع مالي حرج نتيجة هذا الركود وقلة البيع التي انعكست عليهم سلباً".

وذكر رجب، أن الاقتصاد الفلسطيني في القطاع يعاني من مشاكل واضحة نتيجة الظروف المتعددة التي يمر بها، لافتاً إلى أن أحد أهم المشاكل التي يعانيها اقتصاد غزة، هو استمرار غياب التصنيع والتصدير، بفعل منع الاحتلال الإسرائيلي لذلك.

أما المحلل الاقتصادي، محمد مقداد، فيخالف رجب، حيث قال إن العروض والتنزيلات، نظام دعائي هدفه الرئيسي جلب أكبر عدد من الزبائن، وإن تدمير الأنفاق وتأخير الرواتب في غزة يأتيان كسبب ثانوي لأزمة الركود.

ويعتقد مقداد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن العروض والتخفيضات على البضائع تأتي على البضائع الغذائية التي يكون قد اقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها.

بدورها، أكدت وزارة الاقتصاد الوطني في غزة أنها تجري رقابة على صلاحية المواد الغذائية وتراقب الأسعار في الأسواق باستمرار، وفق ما ذكر لـ"العربي الجديد" مدير دائرتها الإعلامية عبد الفتاح أبو موسى.

وأشار أبو موسى إلى أن هناك دائرة تفتيشية تابعة للوزارة تقوم يومياً بجولات تفتيشية للتأكد من صلاحية المواد الغذائية التي يتم تخفيض أسعارها وإطلاق عروض تجارية عليها، مؤكداً أنهم لا يسمحون بالتلاعب في هذا القضية.

 

دلالات
المساهمون