الرقص التراثي الموريتاني

23 أكتوبر 2016
تعتبر رقصة "البنجة" خاصة بالنساء فقط (العربي الجديد)
+ الخط -
يحظى الرقص التعبيري بمكانة كبيرة في موريتانيا، فهو أسلوب للتعبير عن الفرح والفخر والانتماء القبلي. وتختلف الحركة الراقصة حسب المناسبة التي تم الاحتفاء بها، فهناك رقصات تقليدية يتم أداؤها في مناسبات محددة وفق أوزان موسيقية معينة. ويكشف تناغم الموسيقى وحركات الجسد التأثير الحقيقي للموسيقى في المتفرج الذي يصل به التأثر إلى حد القيام بالرقص مع الراقصين، أو التعبير بالجسد عن طريق حركات معينة عن إعجابه بالرقص، ويعتبر هذا أسلوباً حداثياً يسمّى بـ "العرض التفاعلي"، إذ يصبح الجمهور نفسه جزءاً من العرض ومشاركاً فيه، وتزول الفوارق بين المؤدّي والمتفرّج.

إلى جانب الرقصات التقليدية التي يكاد يتقنها جميع الموريتانيين، تحترف مجموعة من الفرق الشعبية الموريتانية نوعاً من الرقص الخاص بالثقافة الشعبية، أشهرها رقصة "البنجة"، وتقوم بها مجموعات نسائية تمزج بين فرادة الرقص المعاصر وأصالة الرقصات التقليدية.

وتعتبر رقصة "البنجة" مُحرَّمة على الرجال، وهي خليط من الحركات البهلوانية والرقصات الأفريقية، وتقدم هذه الرقصة غالباً في الأعراس والحفلات الخاصة داخل المنازل، وبسبب الشهرة التي حققتها أصبحت رقصة "البنجة" تقدم في المهرجانات الفلكلورية المحلية، وارتبطت بشكل وثيق مع الثقافة الشعبية الموريتانية اليومية.
ومن مميزات هذه الرقصة أن راقصاتها من السيدات المتقدمات نسبياً في العمر، ومن شريحة اجتماعية تدعى "الحراطين" إذ لا تتقدم لهذه الحرفة سوى النساء اللواتي فاق سنهن الأربعين عاماً، وبدأ إحياء هذه الرقصة التراثية بتشجيع من النساء اللاتي رغبْنَ بفرقة فنية خاصة بالمناسبات العائلية المغلقة، وانطلقن في تشجيع راقصات "البنجة" حتى أصبحت هذه الفرق أهم فرق الرقص الموريتاني.
وإذا كانت رقصة "البنجة" خاصة بالنساء فقط، فإن "رقصة السلاح" لا يمارسها إلا الرجال، وهي عبارة عن مجموعة من الحركات التي يقوم بها راقصون يرتدون اللباس التقليدي مع حزام لشد الملابس التقليدية الفضفاضة حتى تسمح للراقص بالتحرك بحرية وسرعة. ويحمل الراقصون أسلحة، هي عبارة عن بنادق قديمة يغيرون وضعيتها حسب الرقصة التي يؤدونها، ويظهر الراقصون وكأنهم يتصارعون ويتفاخرون بقوتهم.

ومن الرقصات النسائية في موريتانيا رقصة "الكدرة"، التي تتميز بتماثل حركات وإشارات الراقصات، وتزامنها مع قرع الآلات الموسيقية وخاصة الطبل. ويختلف شكل الحركة وسرعتها حسب إيقاع الموسيقى، وتعبر حركات رقصة "الكدرة" عن الحياة اليومية للموريتاني في حله وترحاله، وعاداته وتقاليده، وعن كل ما تزخر به البيئة الصحراوية، لذلك فهي تخلق في نفوس المتفرجين متعة كبيرة.
ويحاول المهتمون بالفن الموريتاني تنظيم مهرجان خاص بالرقص التراثي، بهدف التعريف به ودعم الفرق الفنية، وتقاسم متعة الاستمتاع به مع جمهور شغوف بالرقص، كما يطمحون إلى تأسيس ذاكرة خاصة بالمعلومات المتعلقة بالرقصات لحفظ الرقصات الحيّة والمهدّدة بالاندثار، وتوثيقها بهدف تأسيس ذاكرة كوريغرافية، تحمي الرقصات التراثية من التبدُّد والضياع.

المساهمون