شغلت محافظة الرقة السورية العالم، منذ بداية عام 2014، عقب سيطرة تنظيم "داعش" عليها وتحويلها إلى معقله الرئيس في البلاد، على حساب الفصائل المعارضة التي سيطرت على مدينة الرقة بداية عام 2013، لتكون أول مدينة سورية تخرج عن سيطرة النظام.
تبعد الرقة عن العاصمة دمشق نحو 450 كم إلى الشمال، وعن حلب نحو 160 كم. تقع على كتف نهر الفرات الشرقي، واليوم تعود إلى الواجهة مع إعلان بدء العمليات العسكرية لطرد التنظيم منها، في ظل أزمة إنسانية كبيرة. يقول ابن المدينة عبد الجبار هويدي لـ"العربي الجديد": "عدد السكان قبل الثورة كان نصف مليون نسمة. الزراعة كانت مصدر رزق معظمهم، بالإضافة إلى الوظائف الحكومية، فيما يكاد عدد المتطوعين في الجيش من أهل المدينة لا يذكر". يتابع: "بشكل عام، كان المستوى الاقتصادي يتجاوز المتوسط بحسب واقع المعيشة في سورية، وإن كان الموسم الزراعي يلعب دوراً مهماً في ذلك صعوداً أو هبوطاً".
يلفت إلى أنّ "نسبة التعليم ارتفعت بشكل ملحوظ، خلال الأعوام العشرين الأخيرة، وقد طاولت الإناث والذكور". ويتابع: "الرقة كانت تتميز بخليط بشري متنوع، فقد كان بين سكانها عائلات من مختلف المناطق السورية، ومنهم من اندمج في المجتمع فولد وتزوج وعاش فيها، حتى بات يعرّف عن نفسه أنّه من أبناء الرقة".
وعن الحياة السياسية في المدينة، يوضح أنّ "أهل الرقة بشكل عام غير مؤدلجين، حياتهم تمتاز بالبساطة، والتيار الأكبر منهم كان بعثياً بحكم الأمر الواقع. كذلك، كان هناك قوميون وشيوعيون وسلفيون وقلة قليلة من الإخوان المسلمين". يبيّن أنّ "علاقة أهل الرقة بالنظام لم تكن متوترة، حتى إنّ الأخير لم يكن يتوقع أن تخرج الرقة عن سيطرته".
يقول هويدي: "عقب خروج التظاهرات في درعا، وفي ظل الإحساس بالغبن في المحافظة، خرجت أول تظاهرة في الرقة بتاريخ 25 مارس/آذار 2011 من جامع الفردوس، وكان العدد لا يتجاوز خمسين متظاهراً جرى قمعهم من قبل قوى الأمن وشبيحة النظام، إلاّ أنّ الأخير كان حريصاً على عدم ارتكاب تجاوزات وجرائم بحق أبناء المحافظة المنتمين للثورة، وربما كان ذلك مراعاة لطبيعة المحافظة العشائرية وحرصاً على عدم خسارة تأييدها له. هذا الأمر ساهم في زيادة عدد الشباب المعبرين عن تأييدهم للثورة واتساع رقعتها في المحافظة على حساب تقلص حاضنة النظام".
اقــرأ أيضاً
يضيف عن تلك الفترة: "بدأت التظاهرات تتسع رقعتها الجغرافية لتشمل المدينة ومراكز البلدات التابعة لها، وكان عدد الثوار في الرقة يأخذ طابعاً تصاعدياً أسبوعاً تلو آخر خلال أيام سلمية الثورة وأشهرها الأولى. أما أولى جرائم النظام في حق ثوار الرقة السلميين فكانت بعد عام كامل في الخامس عشر من مارس 2012، عندما قتل أحد الشباب وهو الشهيد علي البابنسي، ما أظهر معدن أهالي الرقة ودعاهم إلى المشاركة بصورة عظيمة أثناء تشييعه في اليوم التالي. وشهدت الرقة أكبر تظاهرة في تاريخ ثورتها ووصل عدد المشيعين إلى نحو 150 ألفاً قرروا التوجه بعد الجنازة إلى تمثال (الرئيس السوري الراحل) حافظ الأسد في المدينة كرمز للنظام لهدمه، ما أدى إلى ارتكاب مجزرة راح ضحيتها 40 شهيداً من شباب الثورة. وهو ما شكل نقطة تحول كبرى في تاريخ الثورة بالرقة وريفها".
يشير هويدي إلى أنّ "العمل العسكري بدأ في الشهر الخامس من عام 2012، في ريف الرقة الشمالي المحيط بمدينة تل أبيض، ثم جرى تحرير تل أبيض في الشهر التاسع من العام نفسه لتكون مركز كلّ العمليات العسكرية في ما بعد. وجرى بعدها تحرير مدينة الطبقة إلى أنّ تم تحرير الرقة بشكل كامل في مارس 2013، ولم يبق للنظام بعدها أكثر من ثلاث نقاط".
لكنّ تنظيم "داعش" سرعان ما سيطر على المدينة في بداية 2014. يعلق هويدي: "إجرام داعش ليس خافياً على أحد، فقد ارتكب التنظيم الكثير من الجرائم بحق أهالي المحافظة، ليدب الرعب في قلوبهم بغية فرض سيطرته المطلقة على الناس هناك. على هذا الأساس قتل أو اعتقل كلّ الناشطين الذين لم يتركوا المدينة. وعاش أهالي المحافظة وضعاً مريراً مع عدم القدرة على إبداء أيّ مقاومة، فقد كانت اتهامات الردة والتعامل مع الكفار جاهزة لتودي بمن يتهم بها خطفاً أو قتلاً، وهو ما بث الرعب في الأهالي، خصوصاً مع إعدام التنظيم أسراه من الفرقة 17 واللواء 93 التابعين للنظام، وقطع رؤوسهم، وتعليقها على دوار النعيم داخل المدينة، لتبقى أياماً على هذه الحال".
يلفت إلى أنّه "قبل إعلان الحرب على داعش من قبل التحالف وحيازته على أجواء المحافظة، ارتكب طيران النظام والطيران الروسي بحجة داعش، مجازر عديدة، راح ضحيتها مئات المدنيين".
تجاوز عدد سكان الرقة من أهلها والنازحين إليها من بقية المحافظات مع بداية الثورة مليون نسمة. لكنّه اليوم لا يتجاوز 100 ألف شخص، خصوصاً مع العمليات التي تشنها "قوات سورية الديمقراطية" بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، لطرد "داعش" من المدينة، في ظل أزمة إنسانية كبيرة بين الأهالي الذين ما زالوا فيها أو نزحوا عنها في الأسابيع الأخيرة.
اقــرأ أيضاً
تبعد الرقة عن العاصمة دمشق نحو 450 كم إلى الشمال، وعن حلب نحو 160 كم. تقع على كتف نهر الفرات الشرقي، واليوم تعود إلى الواجهة مع إعلان بدء العمليات العسكرية لطرد التنظيم منها، في ظل أزمة إنسانية كبيرة. يقول ابن المدينة عبد الجبار هويدي لـ"العربي الجديد": "عدد السكان قبل الثورة كان نصف مليون نسمة. الزراعة كانت مصدر رزق معظمهم، بالإضافة إلى الوظائف الحكومية، فيما يكاد عدد المتطوعين في الجيش من أهل المدينة لا يذكر". يتابع: "بشكل عام، كان المستوى الاقتصادي يتجاوز المتوسط بحسب واقع المعيشة في سورية، وإن كان الموسم الزراعي يلعب دوراً مهماً في ذلك صعوداً أو هبوطاً".
يلفت إلى أنّ "نسبة التعليم ارتفعت بشكل ملحوظ، خلال الأعوام العشرين الأخيرة، وقد طاولت الإناث والذكور". ويتابع: "الرقة كانت تتميز بخليط بشري متنوع، فقد كان بين سكانها عائلات من مختلف المناطق السورية، ومنهم من اندمج في المجتمع فولد وتزوج وعاش فيها، حتى بات يعرّف عن نفسه أنّه من أبناء الرقة".
وعن الحياة السياسية في المدينة، يوضح أنّ "أهل الرقة بشكل عام غير مؤدلجين، حياتهم تمتاز بالبساطة، والتيار الأكبر منهم كان بعثياً بحكم الأمر الواقع. كذلك، كان هناك قوميون وشيوعيون وسلفيون وقلة قليلة من الإخوان المسلمين". يبيّن أنّ "علاقة أهل الرقة بالنظام لم تكن متوترة، حتى إنّ الأخير لم يكن يتوقع أن تخرج الرقة عن سيطرته".
يقول هويدي: "عقب خروج التظاهرات في درعا، وفي ظل الإحساس بالغبن في المحافظة، خرجت أول تظاهرة في الرقة بتاريخ 25 مارس/آذار 2011 من جامع الفردوس، وكان العدد لا يتجاوز خمسين متظاهراً جرى قمعهم من قبل قوى الأمن وشبيحة النظام، إلاّ أنّ الأخير كان حريصاً على عدم ارتكاب تجاوزات وجرائم بحق أبناء المحافظة المنتمين للثورة، وربما كان ذلك مراعاة لطبيعة المحافظة العشائرية وحرصاً على عدم خسارة تأييدها له. هذا الأمر ساهم في زيادة عدد الشباب المعبرين عن تأييدهم للثورة واتساع رقعتها في المحافظة على حساب تقلص حاضنة النظام".
يضيف عن تلك الفترة: "بدأت التظاهرات تتسع رقعتها الجغرافية لتشمل المدينة ومراكز البلدات التابعة لها، وكان عدد الثوار في الرقة يأخذ طابعاً تصاعدياً أسبوعاً تلو آخر خلال أيام سلمية الثورة وأشهرها الأولى. أما أولى جرائم النظام في حق ثوار الرقة السلميين فكانت بعد عام كامل في الخامس عشر من مارس 2012، عندما قتل أحد الشباب وهو الشهيد علي البابنسي، ما أظهر معدن أهالي الرقة ودعاهم إلى المشاركة بصورة عظيمة أثناء تشييعه في اليوم التالي. وشهدت الرقة أكبر تظاهرة في تاريخ ثورتها ووصل عدد المشيعين إلى نحو 150 ألفاً قرروا التوجه بعد الجنازة إلى تمثال (الرئيس السوري الراحل) حافظ الأسد في المدينة كرمز للنظام لهدمه، ما أدى إلى ارتكاب مجزرة راح ضحيتها 40 شهيداً من شباب الثورة. وهو ما شكل نقطة تحول كبرى في تاريخ الثورة بالرقة وريفها".
يشير هويدي إلى أنّ "العمل العسكري بدأ في الشهر الخامس من عام 2012، في ريف الرقة الشمالي المحيط بمدينة تل أبيض، ثم جرى تحرير تل أبيض في الشهر التاسع من العام نفسه لتكون مركز كلّ العمليات العسكرية في ما بعد. وجرى بعدها تحرير مدينة الطبقة إلى أنّ تم تحرير الرقة بشكل كامل في مارس 2013، ولم يبق للنظام بعدها أكثر من ثلاث نقاط".
لكنّ تنظيم "داعش" سرعان ما سيطر على المدينة في بداية 2014. يعلق هويدي: "إجرام داعش ليس خافياً على أحد، فقد ارتكب التنظيم الكثير من الجرائم بحق أهالي المحافظة، ليدب الرعب في قلوبهم بغية فرض سيطرته المطلقة على الناس هناك. على هذا الأساس قتل أو اعتقل كلّ الناشطين الذين لم يتركوا المدينة. وعاش أهالي المحافظة وضعاً مريراً مع عدم القدرة على إبداء أيّ مقاومة، فقد كانت اتهامات الردة والتعامل مع الكفار جاهزة لتودي بمن يتهم بها خطفاً أو قتلاً، وهو ما بث الرعب في الأهالي، خصوصاً مع إعدام التنظيم أسراه من الفرقة 17 واللواء 93 التابعين للنظام، وقطع رؤوسهم، وتعليقها على دوار النعيم داخل المدينة، لتبقى أياماً على هذه الحال".
يلفت إلى أنّه "قبل إعلان الحرب على داعش من قبل التحالف وحيازته على أجواء المحافظة، ارتكب طيران النظام والطيران الروسي بحجة داعش، مجازر عديدة، راح ضحيتها مئات المدنيين".
تجاوز عدد سكان الرقة من أهلها والنازحين إليها من بقية المحافظات مع بداية الثورة مليون نسمة. لكنّه اليوم لا يتجاوز 100 ألف شخص، خصوصاً مع العمليات التي تشنها "قوات سورية الديمقراطية" بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، لطرد "داعش" من المدينة، في ظل أزمة إنسانية كبيرة بين الأهالي الذين ما زالوا فيها أو نزحوا عنها في الأسابيع الأخيرة.