ووفقاً لصحيفة "زمان"، أدرج اسم زيلانوف على لائحة الأجانب غير المرغوب فيهم على الأراضي التركية، لأنهم "نشروا تغريدات على تويتر ضد مسؤولين كبار في الدولة"، وذلك بموجب قانون يسمح بطرد الذين "تسيء إقامتهم في تركيا إلى الأمن العام والمقتضيات السياسية والإدارية".
وجاء طرد زيلانوف وسط مخاوف متصاعدة في تركيا من موجة واسعة من التضييق على الحريات والتدخل في الحياة الشخصية للمواطنين الأتراك، وذلك بعد إقرار قانون مراقبة الانترنت، الذي قدّمه أحد نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ويتيح القانون الجديد لجهاز الرقابة على الاتصالات في تركيا حجب مواقع دون الحصول على حكم قضائي.
أما التعديلات التي أدخلت على قانون ضبط الإنترنت، الذي تم التصويت عليه في 2007، فتمنح السلطة الحكومية للاتصالات حق وقف مواقع إنترنت من دون قرار قضائي ما إن ترى أنه يتضمن معلومات "تسيء إلى الحياة الخاصة" أو مضامين تعتبر "تمييزية أو مهينة".
كما يتيح القانون أن تطلب السلطات التركية من شركات الإنترنت الوصول إلى معلومات تعود لسنتين من المواقع التي يزورها أي شخص، وكذلك تخزينها.
وتصرّ الحكومة التركية المحافظة، التي وصلت الى سدة الحكم في 2002، على التقليل من المخاوف من القانون الجديد، معتبرةً أنه لا يرقى الى مستوى الرقابة، ويهدف الى "حماية المجتمع".
وقال نائب رئيس الوزراء، بولند ارينغ: "لا رقابة على الإنترنت. لدينا حرية أكبر من العديد من الدول الأخرى، ونحترم حرية الصحافة"، فيما أكد المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، حسين جيليك، أن "تركيا ليست الصين ولن تكون أبداً كذلك"، بعد تقرير الشفافية الصادر عن "غوغل" الشهر الماضي، الذي وضع تركيا إلى جانب الصين من حيث الرقابة على الانترنت وطلبات سحب المعلومات.
وبحسب أطراف في الحكومة، فإن القانون الجديد جاء "تلبيةً لرغبة شريحة واسعة من الشعب التركي الذي يرغب بوجود رقابة على الاطفال والشباب من مخاطر الانترنت والأخلاق السلبية التي تبثّها بعض المواقع"، وأن القانون يمثل صيغة ترضي جميع شرائح الشعب التركي.
ويرى مختصون أن القانون الجديد يعطي السلطة "للفرد" وليس للدولة في آلية استخدام الإنترنت، اذ سيتمكن بموجبه أي مواطن من طلب فتح المواقع المحجوبة، لكن بعد تقديمه طلباً للجهات المختصة.
كما يعتبر هؤلاء أن القانون الجديد سيتيح للعديد من الأحزاب السياسية والمعارضة استخدام الانترنت بحرية، بعدما كان يُحظر عليها ذلك، وفقًا للقانون والقرارات السابقة.
لكن للمعارضة التركية ومنظمات المجتمع المدني رأياً آخراً، يختصر ما يجري بأنه "انتهاك وخنق للحرية".
وتتهم المعارضة الحكومة بالسعي الى إنشاء كيان جديد من شأنه إلزام كل مزوّدي خدمات الإنترنت على الانتماء إليه.
نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان التركي)، أميرهان هاليجين، أوضح أن حزبه يرى أن "القانون غير مقبول"، لافتاً إلى أن "المواطنين يتابعون عن كثب تلك الجهود الرامية لتقييد الحريات وسوف يردّون على ذلك في الانتخابات".
من جهته، سئل النائب عن حزب السلام والديموقراطية (ثالث أكبر أحزاب المعارضة التركية)، ألتان تان، نواب حزب العدالة والتنمية: "لماذا تريدون تبني هذا القانون الآن في حين تطالكم قضايا فساد؟". وأضاف: "ديموقراطيتنا تتراجع كل يوم، وهذه الإجراءات تقيّد الحريات بشكل واضح".
وتعتبر أطراف في المعارضة التركية أن القانون الجديد مرتبط بالأحداث الاخيرة التي شهدتها البلاد، في ما يُعرف بقضايا الفساد والرشوة التي بدأت في 17 كانون الأول/ ديسمير الماضي، واتُّهم فيها مقرّبون من الحكومة وحزب العدالة والتنمية.
وفيما حذر رئيس نقابة المحامين، القاضي متين فيزياوغلو، من أن قانون الرقابة على الانترنت "قد يؤثر على التصنيف الديموقراطي لتركيا"، نظّمت مجموعة من مؤسسات مدنية وشبابية ومجموعة من الطلبة الجامعيين، خلال الأيام الماضية، تظاهرات احتجاجية ضد القانون الجديد تحت شعار: "ارفع يديك عن الإنترنت".
وترّكزت التظاهرات في اسطنبول وأنقرة وإزمير، بينما اندلعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة، ما أوقع عدداً من الاصابات بين المتظاهرين واعتقال عدد أخر منهم.
لكن الاحتجاج على القانون لم يقتصر على الداخل التركي، إذ أعربت منظمات دولية غير حكومية، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، عن اعتراضها على القانون، مبديةً قلقها من المخاطر التي ستواجه حرية التعبير وحرية الصحافة في تركيا.
وكانت ممثلة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لحرية وسائل الإعلام، دونيا مياتوفيتش، انتقدت القانون، لافتةً إلى أنه قد يؤدي إلى فرض المزيد من القيود على حرية التعبير في البلاد.
من جهتها، اعتبرت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن هذا النص "يرمي إلى تعزيز الرقابة على شبكة الانترنت ومراقبة الحكومة للشبكة العنكبوتية ومراقبة المواطنين".
يُذكر أن الحكومة التركية حظرت في العام 2008 موقع "يوتيوب" بعدما نشر صوراً تُظهر مناصرين يونانيين لكرة القدم يهزأون من الأتراك قبل أن تعود وترفع الحظر بعد سنتين بقرار قضائي.
وفي حزيران/ يونيو من العام الماضي، وصف رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي بأنه "محرّض على الشغب" أثناء موجة الاحتجاج ضد الحكومة.